كارتييه وتيفاني تروجان لمجوهراتهما العريقة عبر الواقع المعزز

جربتُ مؤخراً ساعة من طراز تانك (Tank) من شركة كارتييه (Cartier) ومجموعة كبيرة من الأساور من شركة تيفاني (Tiffany)، وشاهدتُ المعادن وقطع الماس تتألق في الضوء الخافت. مع ذلك، لم أكن في المتجر حينها، بل كنت في سريري حافية القدمين وأرتدي بنطالاً رياضياً، وأستخدم إحدى تجارب الواقع المعزز على تطبيق سناب تشات (Snap chat)، التي سمحت لي برؤية كيف ستبدو المجوهرات على معصمي.

دفع أفراد الجيل زد للعلامات التجارية العريقة عبر الواقع المعزز

تعتبر حملتا كارتييه وتيفاني للواقع المعزز الأحدث في سلسلة من النشاطات التعاونية التي تجريها شركة سناب (Snap، الشركة التي طوّرت تطبيق سناب تشات) مع العلامات التجارية، التي تهدف إلى دفع الأفراد من جيل زد إلى الانخراط في مجال المنتجات الكمالية باستخدام تجارب ارتداء المجوهرات الافتراضية. (تبدأ أسعار ساعة كارتييه تانك عند 2,790 دولاراً، ويبلغ سعر طراز لوك (Lock) الذي يعتبر أرخص طراز من الأساور التي تنتجها شركة تيفاني 6,900 دولار).

تيفاني وكارتييه ليستا أول علامتين تجاريتين تتعاونان مع قسم الواقع المعزز في شركة سناب. تعاونت شركة لويس فيتون (Louis Vuitton) مؤخراً مع الفنان يايوي كوساما (Yayoi Kusama) لتصميم فلتر على تطبيق سناب يحيط المعالم الشهيرة حول العالم بنقاط بولكا التي يشتهر بها كوساما. (نقاط بولكا، polka dots، هي نمط فني يتألف من مجموعة من الدوائر الملونة). عملت شركة سناب مع علامات تجارية مثل ديور (Dior) وغوتشي (Gucci) وبرادا (Prada) باستخدام تكنولوجيا تجربة المنتجات الافتراضية، مثل الملابس والمجوهرات وما إلى ذلك.

يقول رئيس قسم المنتجات الكمالية في شركة سناب، جيفري بيريز (Geoffrey Perez): "تحاول العلامات التجارية الاستفادة من حقيقة أن مستخدمي تطبيق سناب تشات يتألفون في معظمهم من الجيل زد لجعل عالمهم تفاعلياً أكثر وأكثر متعة".

تجربة افتراضية غامرة

تعتمد تجربة ساعة كارتييه تانك على أحد فلترات الواقع المعزز لنقل المستخدم إلى جسر بونت ألكسندر الثالث (Pont Alexandre III) في مدينة باريس. تُتيح هذه التجربة الافتراضية للمستخدم رؤية 4 طرازات من الساعة أصدرت في فترات زمنية مختلفة على مدار الأعوام الـ 106 الماضية، والنظر إلى الجسر والمشاة للتعرف على تلك الفترة الزمنية التي ينتقل إليها.

من ناحية أخرى، تستخدم شركة تيفاني تكنولوجيا تتبع الأشعة، وهي تكنولوجيا تُستخدم في ألعاب الفيديو، لاقتفاء أثر حركة الضوء على الأجسام في الواقع المعزز بشكل أكثر واقعية. من وجهة نظر شركات المجوهرات، يمكن استخدام هذه التكنولوجيا لمحاكاة التألق الفريد للمعادن والماس في الواقع المعزز. لم تستجب كلتا الشركتين لطلب موقع إم آي تي تكنولوجي ريفيو للتعليق على هذا الموضوع.

قدّمت الباحثة المرشحة لنيل شهادة الدكتوراة في جامعة جورجيا، زيو جانغ (Ziyou Jiang)، ورقة بحثية في أحد مؤتمرات الملابس الذي أقيم عام 2022 حول كيفية تأثير الواقع المعزز في أفراد الجيل زد. أجرت جانغ استطلاعاً شمل 134 شخصاً في هذا المجال العمري لكشف ما إذا أثّر استخدام تكنولوجيا الواقع المعزز في قرارهم حول شراء المنتجات وكيف يمكن أن يؤثر فيها. وجدت زانغ أنه ثمة عاملين دفعا المستخدمين لشراء منتج ما بعد تجربته باستخدام الواقع المعزز، وهما التفاعلية والتجارب الافتراضية.

تجربة السفر عبر الزمن لكارتييه

تعتبر تجربة السفر عبر الزمن التي استخدمتها شركة كارتييه مثالاً على التفاعلية. تقول جانغ إن أفراد الجيل زد لا يريدون بالضرورة أن تُعرض عليهم المنتجات في الإعلانات، بل يريدون رؤيتها ضمن قصة أو حركة أوسع، وهو أمر تتميّز تكنولوجيا الواقع المعزز بأنها تستطيع تحقيقه.

من ناحية أخرى، تُظهر تجربة شركة تيفاني أهمية التجربة الافتراضية. تقول جانغ: "يريد الناس أن تبدو المنتجات في الواقع المعزز وكأنها منتجات حقيقية في المتجر". وعندما تكون المنتجات من المجوهرات، يعني ذلك جعل بريق الجواهر واقعياً قدر الإمكان.

وجدت جانغ أن استخدام الواقع المعزز لإنشاء التفاعلية والتجارب الافتراضية يولّد الرغبة لدى المستخدمين بشراء المنتجات. لا يعني هذا أن المستخدمين سيشترون المنتج على الفور؛ إذ ربما أنهم لا يستطيعون تحمّل تكلفته الآن، كما من المحتمل أن يشاركوا صور المنتج مع أصدقائهم أو أفراد عائلتهم للحصول على آرائهم قبل الشراء. ولكن تقول جانغ إنه إذا كانت تجربة الواقع المعزز مميزة، ستبقى فكرة شراء المنتج في المستقبل في عقول الأفراد من الجيل زد.

على الرغم من أن أحد المتحدّثين الرسميين باسم شركة سناب رفض تقديم أي معلومات عن عدد المستخدمين الذين قاموا بشراء المجوهرات من شركتي تيفاني وكاريتييه بعد تجربة الواقع المعزز، فإن أنماط شراء المجوهرات تدعم نتائج أبحاث جانغ. وجد تقرير أجرته شركة بين (Bain) الاستشارية في يناير/ كانون الثاني 2023 أن سوق المنتجات الكمالية ينمو بمعدل عالٍ على الرغم من تراجع الاقتصاد، كما تنبأ أيضاً أن أفراد الجيل زد وجيل ألفا (الجيل المولود بين عامي 2010 و2020) سيكونون مسؤولين عن ثُلث المبيعات في سوق المنتجات الكماليّة بحلول عام 2030. يشتري المستهلكون من الجيل زد أيضاً أول المنتجات الكمالية في حياتهم في وقت أبكر من أفراد الأجيال الأخرى (وهم في سن 15)، أي قبل 5 سنوات من أفراد جيل الألفية.

قد يفسّر ذلك اهتمام علامات المنتجات الكمالية التجارية المتزايد في تجارب الواقع المعزز. تقول جانغ إن جائحة كوفيد-19 أثّرت بشكلٍ كبير في هذه العلامات التجارية نظراً لأن العوامل مثل التسوق في المتاجر وإمكانية التفاعل مع المنتجات تعتبر مهمة في دفع العملاء لشراء هذه المنتجات. تحل تكنولوجيا الواقع المعزز هذه المشكلة لأنها تجعل الوصول إلى المنتجات الكمالية أكثر سهولة، حتى ولو كان المستهلكون جالسين في منازلهم.