تكثف عدد من الحكومات جهودها الرامية لوضع تشريعات لتنظيم الذكاء الاصطناعي وتقنين استخدام الخوارزميات ودرء مخاطرها. فقد قدم أعضاء بمجلس العموم بالمملكة المتحدة تقريراً يحذر من أن مراقبة العمال باستخدام الذكاء الاصطناعي تضر بصحتهم العقلية، لذا يجب وضع تشريعات جديدة لحمايتهم. وفي الوقت نفسه، اقترح أعضاء بمجلس النواب الأميركي قانوناً لحماية خصوصية مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي.
الذكاء الاصطناعي "يضر بالصحة العقلية" للعمال في المملكة المتحدة
أفاد أعضاء مجلس عموم المملكة المتحدة، في تقرير جديد، بأن مراقبة أداء العمال باستخدام الذكاء الاصطناعي يضر بالصحة العقلية للموظفين، مشيرين إلى أنه يجب التحكم في أنظمة الذكاء الاصطناعي من خلال تشريعات جديدة.
وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن مجلس عموم المملكة المتحدة أجرى تحقيقاً حول هذا الموضوع بعد نشر تقرير بعنوان (عصر الأمازون) في مايو/أيار الماضي، يتناول دور الذكاء الاصطناعي والخوارزميات في العمل الحديث. وركز التقرير الذي أعده معهد "مستقبل العمل"، وهو هيئة بحثية تستكشف كيف تعمل التكنولوجيات الجديدة على تغيير أساليب العمل، على عمال التجزئة وتضمن شهادات لسائقي التوصيل وغيرهم من العمال الذين اشتكوا من أن أنظمة المراقبة سببت لهم مستويات عالية من القلق.
وأشار أعضاء المجلس في تقريرهم إلى أن تكنولوجيات المراقبة وتحديد الأهداف المستخدمة حالياً، تترك آثاراً سلبية على الصحة العقلية والبدنية للعمال، وذلك بسبب الضغوط التي يتعرضون لها من الإدارة التفصيلية والتقييم الآلي.
لذلك أوصى الأعضاء بوضع قانون جديد ينظم عمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي، ويضمن حق العمال في المشاركة في تصميم واستخدام الأنظمة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وهي الأنظمة التي تتخذ القرارات التي تخص الجوانب الأساسية لعمل شخص ما وتنفذها، مثل وضع جداول المناوبات والأجور.
كما أوصى التقرير بإلزام الشركات وأصحاب العمل في القطاع العام بتقييم الآثار المترتبة على استخدام الخوارزميات، بهدف حل أي مشاكل ناجمة عن الأنظمة، وتوجيه استخدام الذكاء الاصطناعي والخوارزميات في العمل.
وقد اعتبر النواب أن استخدام الذكاء الاصطناعي والخوارزميات أنتج شعوراً بالظلم وعدم الاستقلالية بين العمال. حيث قال النائب ديفيد ديفيس: "يكشف تحقيقنا كيف انتشرت تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي إلى ما وراء اقتصاد الوظائف المؤقتة للتحكم في ماذا ومن وكيف يتم إنجاز العمل. من الواضح أنه إذا لم يتم تنظيم الأنظمة الخوارزمية بشكل صحيح، يمكن أن يكون لها آثار ضارة على الصحة والازدهار".
وأضاف النائب كلايف لويس: "يوضح تقريرنا لماذا وكيف يجب على الحكومة تقديم مقترحات قوية لتنظيم الذكاء الاصطناعي. هناك ثغرات ملحوظة في التنظيم على مستوى الأفراد والشركات تلحق الضرر بالناس والمجتمعات في جميع أنحاء البلاد".
بالإضافة إلى ذلك، سيتم إدراج تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الفيديو في مشروع قانون الأمان على الإنترنت، والذي سيدخل حيز التنفيذ نهاية العام المقبل.
اقرأ أيضاً: التعاون الدولي وأهميته في تطور الذكاء الاصطناعي
اقتراح قانون يمكّن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من تعطيل الخوارزميات
على الجانب الأخر من المحيط الأطلنطي، قدمت مجموعة من المشرعين من الحزبين في مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يلزم منصات التواصل الاجتماعي التي تستخدم الخوارزميات بتقديم إصدار يسمح للمستخدمين بإيقاف تشغيل هذه الميزة.
قدّم مشروع القانون النائب الجمهوري كين باك، والديمقراطي ديفيد سيسلين، وأُطلِق عليه اسم "قانون تصفية شفافية الفقاعة". ويُلزم مشروع القانون منصات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وإنستغرام، بتقديم نسخة من منصاتها لا تجمع بيانات المستخدمين بهدف استخدامها في إنشاء توصيات خوارزمية، بحيث تتضمن خياراً يسمح للمستخدمين بإيقاف تشغيل هذه الوظيفة، وليس إلغاؤها تماماً. كما يفرض المشروع على تلك المنصات إبلاغ المستخدمين صراحة بأن الخوارزمية تستند إلى توصيات بشأن المعلومات التي تجمعها من تحليل بياناتهم الشخصية.
يأتي مشروع القانون هذا في أعقاب سلسلة من الاتهامات لشركة ميتا، مالكة فيسبوك وإنستغرام، بأنها لا تتعامل مع مستخدميها بشفافية كافية. وفي المقابل، تنفي الشركة تلك الادعاءات، وتصر على أنها تواصل إجراء تحسينات لمعالجة انتشار المعلومات المضللة والمحتوى الضار على منصاتها.
اقرأ أيضاً: موظفة سابقة تفضح فيسبوك وتقول إن خوارزمياتها خطرة... لكن لماذا؟
قال السيناتور جون ثون، العضو البارز في اللجنة الفرعية للاتصالات والإعلام: "يساعد هذا التشريع المستهلكين على فهم أفضل لكيفية استخدام الخوارزميات لاختيار المحتوى، ويمنح المستخدمين مزيداً من التحكم في المعلومات التي يصنفونها". وقال النائب كين باك: "يجب أن يكون لدى المستهلكين خيار التعامل مع منصات الإنترنت دون أن يتم التلاعب بهم بواسطة خوارزميات سرية مدفوعة ببيانات خاصة بالمستخدم".
وسيعفي مشروع القانون الشركات الصغيرة التي يقل عدد موظفيها عن 500 موظف، وتلك التي يقل إجمالي إيراداتها السنوية عن 50 مليون دولار في فترة السنوات الثلاث الماضية، والشركات التي تجمع بيانات عن أقل من مليون مستخدم سنوياً.
وقد طرح أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي مؤخراً مشروعَ قانونٍ لتأمين وحماية المعلومات التي يجمعها المقاولون الفيدراليون باستخدام الذكاء الاصطناعي، بما فيها تكنولوجيات القياسات الحيوية للوجه.