عُقِدت النسخة الأولى من قمة الويب في الشرق الأوسط وإفريقيا في الدوحة بنهاية فبراير/شباط 2024، وجمعت آلاف المشاركين والمتحدثين والمستثمرين والشركات الناشئة من قطاع التكنولوجيا، وناقش المشاركون فيها العديد من الأفكار المهمة، وهي جزء من سلسلة من الأحداث العالمية التي تنظّمها قمة الويب لتعزيز التعاون الدولي وتبادل المعرفة.
قمة الويب في قطر 2024
تستضيف دولة قطر قمة الويب على مدى خمس سنوات ابتداءً من عام 2024، وتهدف إلى تحويل الدوحة إلى مركز إقليمي للتقدم التكنولوجي، وتوفّر خدماتها لمناطق متنوعة تشمل الشرق الأوسط وإفريقيا والهند. وستعمل على الاستفادة من موقع الدوحة الاستراتيجي وبنيتها التحتية المتقدمة لتعزيز التواصل بين المبتكرين والمستثمرين وقادة التكنولوجيا من أنحاء العالم.
انطلقت قمة الويب في قطر بكلمة افتتاحية ألقتها كاثرين ماهر، الرئيسة التنفيذية لقمة الويب، وبدأت الفعاليات بالإعلان عن استثمار بقيمة مليار دولار في رأس المال الاستثماري الإقليمي والدولي، بتوجيه من أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بهدف دعم رواد الأعمال المحليين والإقليميين. ويجري منح هذا الاستثمار بما يتلاءم مع حزمة حوافز أطلقها برنامج "ابدأ من قطر" لمساعدة الشركات الناشئة من شتى أنحاء العالم على إطلاق رؤيتها من قطر ودفعها إلى السوق الإقليمية.
خلال أيام القمة الأربعة، اجتمع خلال فعاليات القمة 15,453 مشاركاً من 118 دولة، بما في ذلك 1043 شركة ناشئة من 81 دولة و401 مستثمر رفيع المستوى، و896 إعلامياً. وجرى التوقيع على عدة مذكرات تفاهم بين جهات قطرية ودولية، ما يسهم في دفع عجلة التقدم للشركات الناشئة وبالتالي تحفيز الابتكار في المنطقة، بالإضافة إلى فعاليات تعزيز البصمة الرقمية لقطر في مختلف أنحاء العالم. وأطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأجندة الرقمية 2030 خلال القمة، وترسم الأجندة عبر 32 برنامجاً استراتيجياً خارطة طريق واضحة لتحقيق رؤية قطر للاقتصاد الرقمي القائم على المعرفة.
أتت استضافة قمة الويب تماشياً مع استراتيجية التنمية الوطنية القطرية الثالثة 2024-2030، التي تهدف إلى إطلاق مبادرات لتعزيز النُظم البيئية التكنولوجية والتجارية في البلاد، وتحفيز الابتكار وتعزيز بناء القدرات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات نحو دعم التنويع الاقتصادي وتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030.
وعن أهمية هذا الحدث، أشار الشيخ جاسم بن منصور بن جبر آل ثاني، مدير مكتب الاتصال الحكومي ورئيس اللجنة المنظمة لقمة الويب قطر 2024، إلى أن هذا الحدث يوضّح قدرة قطر على "تعزيز دورها كوجهة رائدة للتكنولوجيا والابتكار في المنطقة، وفي إطلاق مبادرات تعمل على تطوير التكنولوجيا الرقمية والابتكار"، وأضاف: "باعتبارها النسخة الافتتاحية للقمة في المنطقة، كنا متحمسين للترحيب بالآلاف من الشركات الناشئة والمستثمرين وقادة التكنولوجيا، مع فتح الأبواب أمام فرص التواصل والنمو لرواد الأعمال الشباب والطموحين في قطر والمنطقة. ومع سيطرة الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات الناشئة واتجاهات تطوير الأعمال على المناقشات في القمة، أثبت الحدث على الفور قدرته على العمل كمنصة تسهم بشكلٍ فعّال في التحول الرقمي بقطر وتسريع إنشاء اقتصاد قائم على المعرفة".
اقرأ أيضاً: ماذا حدث خلال قمة الذكاء الاصطناعي «التاريخية»؟
أبرز ما ورد في قمة الويب في قطر
شملت القمة العديد من الفعاليات، وبرز من خلالها العديد من النقاط المهمة:
المتحدثون من عدة فئات
تحدّث خلال فعاليات القمة عددٌ من المشاهير مثل تريفور نوح ورائدة الفضاء سارة صبري، والملكة رانيا ملكة الأردن، وقدّموا وجهات نظر قيّمة حول موضوعات تتراوح من الاستثمار إلى الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا وريادة الأعمال والتحديات العالمية.
التكنولوجيا والابتكار
تناولت القمة أحدث التطورات والابتكارات التكنولوجية في مختلف الصناعات؛ ومنها البلوك تشين التي تتمتّع بإمكانات كبيرة لتحويل التمويل وسلسلة التوريد والحوكمة، واستكشفت القمة كيف يمكنها تعطيل الأنظمة الاقتصادية في الشرق الأوسط وتحديثها. وناقشت بعض الفعاليات أهمية الحوسبة الكمومية في تطبيقات مثل اكتشاف الأدوية والتنبؤ بالطقس والأمن السيبراني، بالإضافة إلى الواقع الافتراضي والواقع المعزز والواقع المختلط، وابتكارات الشرق الأوسط في هذه التكنولوجيات.
تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي
بشكلٍ خاص، كان الذكاء الاصطناعي أحد مجالات التركيز الرئيسية، فقد ناقش المشاركون تطورات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي، واكتسب الحاضرون رؤى ومعرفة عن هذه التطورات. وعن مستقبل هذه التكنولوجيا، فقد خصصت القمة جلسات لاستكشاف التطبيقات والتحديات والآفاق المستقبلية للذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، وحثّ المشاركون على توخي الحذر بشأن المبالغة في تقدير قدرات هذه التكنولوجيا.
اقرأ أيضاً: تعلّم كيفية أتمتة عملك وإنجاز المزيد من المهام في وقت أقل
التعاون الدولي وريادة الأعمال والاستثمار
دارت مناقشات خلال فعاليات القمة حول ريادة الأعمال وفرص الاستثمار واستراتيجيات الشركات الناشئة لتزدهر في المشهد التكنولوجي المتطور. فقد حضرت القمة 100 شركة ناشئة من دولة قطر و200 شركة ناشئة من إفريقيا والشرق الأوسط، و401 مستثمر من 46 دولة، وحضرت فعاليات القمة شركات من عمالقة التكنولوجيا مثل ميتا وتيك توك وسناب تشات ومايكروسوفت وجوجل التي عرضت أحدث ابتكاراتها في عالم التكنولوجيا.
وشهدت القمة أيضاً توقيع 24 مذكرة تفاهم بين المؤسسات القطرية والمشاريع التكنولوجية البارزة لتعزيز بيئات الابتكار وريادة الأعمال في قطر وخارجها، واختتمت بعددٍ من الاتفاقيات الموقعة مع نهاية اليوم الأخير.
المرأة والتكنولوجيا
سلّطت القمة الضوء على أهمية المساواة بين الجنسين في صناعة التكنولوجيا، من خلال مبادرات أبرزها "برنامج المرأة في مجال التكنولوجيا" الذي يعزز مشاركة المرأة وتمكينها في مجال التكنولوجيا. وشكّلت النساء 37% من المشاركين، وكانت هناك 380 متحدثة من السيدات، أي نحو 30% من المتحدثين، وكانت 31% من الشركات الناشئة المشاركة من تأسيس النساء.
الصناعة
ناقشت القمة أهمية الصناعات التكنولوجية والابتكار في القطاعات المختلفة، ابتداءً من الصحة والتجارة الإلكترونية، مروراً بتطوير الأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، والسياحة، والتعليم، والفضاء.
ختام القمة
في اليوم الأخير من القمة، توافد الحضور على المنصة الرئيسية حيث شارك المتأهلون للتصفيات النهائية في مسابقة العروض التقديمية القصص وراء شركاتهم الناشئة ورؤيتهم للمستقبل. وصل 3 متأهلين إلى نهائيات المسابقة هم "ريزيس أيه آي" (Rhazes AI) وهو مساعد الذكاء الاصطناعي الشامل للأطباء، و"إيمان" (IMAN)، وهو تطبيق للتمويل الحلال، و"بريشنا آي أو" (Breshna.io) وهو منشئ ألعاب فيديو دون تعليمات برمجية، حيث فاز الأخير في المسابقة.
تتمثل مهمة "بريشنا" في تمكين المستخدمين من إنشاء ألعاب الفيديو الخاصة بهم ومشاركتها وتحقيق الدخل منها دون معرفة مسبقة بالبرمجة أو تصميم الألعاب. توفّر المنصة محرراً لصنع الألعاب، ومحركاً لتحويل النص إلى لعبة مدعوماً بالذكاء الاصطناعي، وأداة تحويل تدعم الويب 3.
اقرأ أيضاً: قمة اللغة العربية: جهود لتسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة لغة الضاد
من خلال تناول هذه المواضيع المتنوعة، وفّرت قمة قطر للويب منصة للمحادثات المثيرة للتفكير وتبادل المعرفة وفرص التواصل الضرورية لدفع الابتكار والنمو في النظام البيئي التكنولوجي. ومع الإنجازات والأرقام القياسية التي حققتها القمة في قطر، أظهر الحدث قدرة البلاد كمنصة انطلاق مثالية لرواد الأعمال والشركات الناشئة والمستثمرين لتحقيق رؤاهم وتأسيس بصمتهم في المنطقة الأوسع.