عادة ما تصبح الحواسيب أبطأ بمرور الوقت، وتعاني معالجاتها محاولة التكيف مع البرمجيات الجديدة، بل إن آبل أخذت تبطئ من عمل أجهزة آيفون مع تهالك بطارياتها. ولكن باحثي جوجل نشروا تفاصيل مشروع يمكن أن يسمح للحاسوب المحمول أو الهاتف الخليوي بتعلم كيفية تنفيذ الأشياء بشكل أفضل وأسرع مع مرور الوقت.
قرر الباحثون التعامل مع مشكلة شائعة في الحوسبة، تسمى الجلب المسبق. حيث أن الحواسيب تعالج المعلومات بأسرع مما تضعه في الذاكرة للمعالجة. ولتجنب الاختناقات، تحاول توقع المعلومات التي ستتم معالجتها وتجلبها مسبقاً. ومع زيادة قوة الحواسيب، تزداد صعوبة عملية التوقع هذه.
في بحث نشر مؤخراً، يصف فريق جوجل كيفية استخدام التعلم العميق –وهو أسلوب لبناء برمجيات الذكاء الاصطناعي بالاعتماد على محاكاة شبكات عصبونية كبيرة- لتحسين عملية الجلب المسبق. وعلى الرغم من أن الباحثين لم يوضحوا مدى التحسن الناتج عن هذه الطريق، فقد يكون كبيراً، بالنظر إلى ما حققه التعلم العميق في مهام أخرى.
يقول هاينر ليتز من جامعة كاليفورنيا، سانتا كروز، وهو باحث زائر مشارك في المشروع: "لم نكد بعملنا هذا نخدش سطح ما يمكن تحقيقه فعلاً". يعتقد ليتز أنه من الممكن تطبيق التعلم الآلي على كل جزء من الحاسوب، بدءاً من نظام التشغيل منخفض المستوى وصولاً إلى البرمجيات التي يتفاعل المستخدم معها.
يبدو أن هذه الإنجازات أتت في الوقت المناسب. فقد بدأ قانون مور أخيراً بالإبطاء، ولم يتغير التصميم الأساسي للشرائح الحاسوبية كثيراً في السنوات الأخيرة. يعمل تيم كراسكا كبروفسور مساعد في إم آي تي، ويركز على كيفية استخدام التعلم الآلي لتحسين أداء الحواسيب، ويقول أن هذه المقاربة قد تنفع في الخوارزميات عالية المستوى أيضاً. حيث يمكن لقاعدة البيانات أن تتعلم آلياً كيف تتعامل مع البيانات المالية، بشكل مشابه لبيانات شبكات التواصل الاجتماعي مثلاً، أو قد يستطيع تطبيق ما أن يتعلم كيف يستجيب بشكل أكثر فعالية لعادات المستخدم. يقول كراسكا: "نحن نميل لبناء الأنظمة والعتاد الصلب للاستخدام العام. وبفضل التعلم الآلي، يمكن تخصيص النظام تلقائياً، وصولاً إلى أعمق مكوناته، بحيث يتكيف مع البيانات وأسلوب الاستعمال لمستخدم محدد".
ولكن يحذر كاسكا بأن استخدام التعلم الآلي سيكون مكلفاً من الناحية الحاسوبية، وبالتالي فإن أنظمة الحاسوب لن تتغير بين ليلة وضحاها، ويقول: "ولكن، إذا تمكنا من التغلب على هذه القيود، فإن طريقة تطوير الأنظمة ستختلف بشكل جذري في المستقبل".
غير أن ليتز تبدو أكثر تفاؤلاً: "نطمح في نهاية المطاف للوصول إلى نظام يراقب نفسه ويتعلم بنفسه. يشكل هذا العمل بداية لشيء في غاية الأهمية".