لقد قلب وباء كورونا الروتين اليومي للكثيرين رأساً على عقب؛ ففي أجواء العزل والابتعاد الاجتماعي، وجد العديد منا نفسه ملزماً بالبقاء في المنزل حرصاً على سلامته وأسرته. وفيما يمضي معظم الأشخاص وقتهم في مشاهدة التلفاز، هناك العديد من المبادرات التي أتاحت أشكالاً مختلفة من المحتوى الممتع والمفيد بشكل مجاني على الإنترنت من أجل مساعدتنا على قضاء هذه الفترة العصيبة.
نقدم إليكم قائمة مختارة من أهم هذه المبادرات العالمية والعربية في عدة مناحي:
المناهج والدورات التعليمية
قد يمثل العزل والبقاء في المنزل نتيجة تفشي فيروس كورونا فرصةً لاتباع دورات تعليمية على الإنترنت، سواءً لقضاء الوقت أو اكتساب معرفة جديدة أو تنمية مهارات العمل.
وقد أعلنت العديد من منصات التعلم عبر الإنترنت عن إتاحة دوراتها مجاناً طوال فترة الأزمة؛ حيث أعلنت منصة كورسيرا Coursera الشهيرة عن فتح العديد من البرامج التعليمية أمام الجامعات من كافة أنحاء العالم مع إعطاء الأولوية للجامعات المتأثرة بفيروس كورونا. كما تستمر هذه المنصة في تقديم مجموعة من الدورات والدروس مجاناً للمساعدة في ضمان استمرارية التعليم والتطور الذاتي خلال هذه الفترة. وهناك العديد من المنصات العالمية التي تحتوي على كمية هائلة من الدروس والدورات المجانية نذكر منها: edX وClass Central وأكاديمية خان وUdemy.
أما في العالم العربي، فتوجد مجموعة واسعة من مواقع الويب التي تقدم طيفاً واسعاً من الدورات المجانية في شتى المجالات. وإحدى هذه المنصات هي أكاديمية حسوب التي تركز بشكل رئيسي على تعليم البرمجة، وإدارة الأعمال بمُختلف تفرّعاتها، والتسويق والمبيعات، والتصميم والجرافيكس، والعمل الحر والعمل عن بعد. كما توفر منصة كورسات دورات مجانية في مختلف المجالات والتخصصات، وتسعى إلى رفع مستوى التعليم الإلكتروني في الوطن العربي. أما منصة مهارات من جوجل فقد أعلنت عن إطلاق البث الحي لدوراتها التدريبية عبر تطبيق جوجل هانج آوت. وهناك العديد من المنصات الأخرى مثل أكاديمية منشآت ودروب ورواق وسديم وإدراك، التي تتيح جميعها دورات متنوعة عبر الإنترنت في العديد من المجالات.
الكتب
لعلّ خير جليس أثناء العزل يكون كتاباً؛ لذا طرحت العديد من المكتبات كتبها مجاناً على الإنترنت لتمكِّن الأشخاص من قضاء وقت مفيد في القراءة.
فقد أعلنت منظمة أرشيف الإنترنت غير الربحية عن إتاحة أكثر من 1.4 مليون كتاب إلكتروني أكاديمي وتاريخي بشكل مباشر ومجاني ودون انتظار، ضمن مبادرة مكتبة الطوارئ الوطنية طوال فترة أزمة كورونا. كما أعلن موقع Scribd عن إتاحة كتبه الإلكترونية مجاناً لمدة شهر. بالإضافة إلى العديد من المواقع التي تقدم الكتب المجانية، نذكر منها: Project Gutenberg وOpenLibrary.
كما أعلن الكاتب البرازيلي باولو كويليو عن إتاحة مجموعة من مؤلفاته مجاناً بصيغة رقمية على موقعه، وقال الكاتب في منشور على إنستقرام: "خلال انتشار وباء كوفيد-19، قمت بإتاحة بعض الكتب الإلكترونية مجاناً باللغات الإنجليزية والبرتغالية والإسبانية".
وفي دولة الإمارات، أتاحت جامعة نيويورك أبوظبي -بالشراكة مع صندوق أركاديا وشركة كارنيجي- مكتبة إلكترونية تحتوي على ما يقارب 12,000 كتاب قيّم باللغة العربية مجاناً. وقد جاءت هذه الخطوة في إطار مشروع "المجموعات العربية على الإنترنت" الذي يهدف إلى رقمنة وعرض ما يصل إلى 23 ألف مجلد من مجموعات مكتبة جامعة نيويورك والمؤسسات الشريكة.
كما أعلنت مجلة هارفارد بزنس ريفيو العربية، أكبر منصة إدارية باللغة العربية، عن إطلاق مبادرة "ماراثون القراءة" المجاني الذي يهدف إلى تعزيز القراءة كجزء من البرنامج اليومي للأفراد والشركات مع توفر المزيد من الوقت للكثيرين وجلوسهم المطوّل في المنزل بسبب الاحتراز من فيروس كورونا. ويمكنك الاستفادة من هذه المبادرة من خلال التسجيل في النشرة البريدية اليومية لتصلك مقالات وفيديوهات كانت سابقاً محصورة بالمشتركين، وستبقى مفتوحة مجاناً لمدة 48 ساعة من استقبال بريد النشرة. كما سيحصل جميع أعضاء الماراثون على اشتراك رقمي مجاني في المجلة المرموقة لمدة شهر كامل.
كذلك أعلنت إدارة “مكتبات الشارقة”، التابعة لهيئة الشارقة للكتاب، عن فتح مكتبتها الإلكترونية مجاناً للجميع لمدة 3 أشهر، بدءاً من أبريل حتى يونيو 2020، مقدمةً 6 ملايين مصدر معرفي إلكتروني بعدة لغات.
وفي مصر، أعلنت وزارة الثقافة -ضمن حملتها "خليك في البيت"- عن إتاحة عدد من إصداراتها بشكل مجاني عبر الإنترنت. وطرحت مكتبة الإسكندرية كامل كتبها مجاناً عبر الموقع الرسمي للمكتبة على الإنترنت.
الصحف ووسائل الإعلام
بادرت العديد من الصحف العالمية إلى إتاحة جزء من المحتوى الذي كان محصوراً سابقاً بالمشتركين أمام العامة بهدف توعية القراء حول مستجدات فيروس كورونا والترفيه عنهم خلال فترة العزل؛ حيث أتاحت صحيفة نيويورك تايمز تغطيتها لأخبار فيروس كورونا للجميع من دون اشتراك شرط إنشاء حساب مجاني على موقعها. كما قامت صحيفتا لوموند ولوفيغارو الفرنسيتان بخطوةٍ مماثلة وأتاحتا الوصول إلى عدد من المقالات مجاناً بهدف محاربة المعلومات المضللة وتعبيراً منهما عن التزامهما تجاه الصحة العامة.
وقامت العديد من القنوات التلفزيونية بإتاحة برامجها بشكل جزئي أو كلي مجاناً أمام المشاهدين، مثل سي بي إس الأميركية وكانال بلس الفرنسية. وأعلنت شركة أمازون عن إتاحة العديد من برامج الأطفال بشكل مجاني على موقعها.
كما منحت منصة "شاهد VIP" الجمهور العربي اشتراكاً مجانياً لمدة شهر، لمتابعة الأفلام والمسلسلات الحصرية التي تنتجها، وذلك ضمن حملة "معاكم بالبيت" لمساعدة الملايين في المنطقة على ملازمة منازلهم والتمتُع بوقتهم، في ظل انتشار فيروس كورونا عالمياً.
المتاحف والمعالم الثقافية
بعد إغلاق العديد من المتاحف أبوابها ضمن إجراءات مواجهة فيروس كورونا، يفتح لك قصر فرساي أبوابه الرقمية لتقوم بزيارة افتراضية من منزلك؛ حيث أعلنت إدارة القصر بالشراكة مع جوجل للثقافة والفنون عن إتاحة الوصول الافتراضي إلى كافة زوايا هذا المعلم الشهير بشكل مجاني. وتستطيع في هذه الزيارة استكشاف الأعمال الفنية في القصر، التي يزيد عددها عن 18 ألف تحفة ولوحة، بالإضافة إلى استعراض قاعة المرايا الشهيرة والشقة الملكية وقصر تريانون الكبير.
وفي دبي، وعلى الرغم من أن هيئة دبي للثقافة والفنون قد أعلنت في 15 مارس عن إغلاق المتاحف والمواقع التاريخية، إلا أن موقع دبي360 الذي تم إطلاقه عام 2015 يتيح لك القيام بزيارة افتراضية إلى العديد من هذه المعالم بما فيها: متحف النايف ومتحف دبي والقناة المائية ومركز الجليلة الثقافي للأطفال.
كما يقدم جوجل ستريت فيو للثقافة والفنون جولات افتراضية في العديد من المواقع الثقافية حول العالم، بما فيها: متحف اللوفر ومتحف جوجنهايم في نيويورك وأهرامات الجيزة في مصر. كما توفر متاحف الفاتيكان زيارة افتراضية لكنيسة السيستين ومتحف كليمنتينو وغيرها.
تندرج جميع المبادرات الآنفة ضمن إطار الجهود المجتمعية للتشجيع على الالتزام بسياسات الحجر الصحي والعزل من أجل الحد من انتشار فيروس كورونا. ونأمل أن تساعدكم هذه المصادر على التخفيف من وطأة الحجر الصحي وملء وقتكم بنشاطات ثقافية مفيدة.