طوّر باحثون من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في لوزان EPFL أقطاباً كهربائية يمكن تمريرها عبر ثقب صغير في الجمجمة ونشرها على سطح كبير نسبياً من قشرة الدماغ، بهدف توفير علاج طفيف التوغل لمرضى الصرع. ونشروا نتائج الدراسة التي توصلوا إليها في دورية ساينس روبوتيك Science Robotics في 10 مايو/ أيار 2023.
الصرع وعلاجه
يتسبب الصرع في حدوث نوبات هي عبارة عن انفجارات في النشاط الكهربائي في الدماغ، وقد تسبب اهتزازاً لا يمكن السيطرة عليه وتيبساً مفاجئاً وانهياراً وأعراضاً أخرى.
لعلاج الصرع وغيره من الاضطرابات العصبية، يزرع الأطباء أحياناً مجموعة من الأقطاب الكهربائية المحفّزة على سطح دماغ المريض. لكن تكمن مشكلة زرع مجموعة كاملة من الأقطاب الكهربائية المرتبطة في حقيقة أنه يجب إزالة جزء كبير نسبياً من الجمجمة، لإتاحة المجال للأقطاب.
اقرأ أيضاً: فريق دولي من العلماء يطوّر خوارزمية ذكاء اصطناعي يمكنها تشخيص الصرع
غرسة روبوتية توفّر علاجاً طفيف التوغل لمرضى الصرع
يريد جراحو الأعصاب تصميم أقطاب كهربائية طفيفة التوغل لإدخالها من خلال جمجمة مرضى الصرع، لذلك طُلب من ستيفاني لاكور تطوير أقطاب كهربائية طفيفة التوغل لإدخالها من خلال ثقب صغير في جمجمة بشرية، ونشر الجهاز في المساحة التي تبلغ نحو 1 مم بين الجمجمة وسطح الدماغ، دون الإضرار بالدماغ، وهنا يكمن التحدي.
لاكور متخصصة في تطوير أقطاب كهربائية مرنة تتكيّف مع الجسم المتحرك، وتوفّر اتصالات أكثر موثوقية مع الجهاز العصبي. ولتحقيق هذا الغرض استوحت تصميماً لهذه الأقطاب من الروبوتات اللينة.
صممت لاكور النموذج الأولي للجهاز، وهو مجموعة من الأقطاب الكهربائية التي تُطوى بدقة، وتُوضع داخل أنبوب أسطواني، يمكن أن يمر عبر ثقب قطره 2 سم، ثم تُنشر الأقطاب بلطف واحداً تلو الآخر على أنسجة الدماغ الحساسة، عبر سطح قطره 4 سم، مع أقل ضغط ممكن على الدماغ.
يتكون الأنبوب من 6 أذرع لولبية الشكل. تُفرد الأقطاب الكهربائية عبر إدخال سائل في كل ذراع، واحداً تلو الآخر، لتصبح على شكل زهرة، ما يزيد من مساحة سطح مجموعة الأقطاب الكهربائية، وبالتالي عدد الأقطاب الكهربائية التي تلامس القشرة.
تؤدي الأذرع إلى توزيع غير متساوٍ للقطب الكهربي ومساحة سطح أقل ملامسة للدماغ.
اقرأ أيضاً: قطب كهربائي داخل الدماغ لإصلاح الذاكرة يفتح آفاقاً جديدة لعلاج ألزهايمر
تقول لاكور: "تعد التقنيات العصبية طفيفة التوغل مناهج أساسية لتقديم علاجات فعّالة ومخصصة للمريض. لقد احتجنا إلى تصميم مصفوفة إلكترود مصغرة قادرة على الطي، مروراً بفتحة صغيرة في الجمجمة ثم نشرها على سطح مستوٍ يستريح فوق القشرة. ثم قمنا بدمج مفاهيم من الإلكترونيات الحيوية الناعمة والروبوتات اللينة".
كانت فكرة لف الأذرع وفردها لتصبح بهذا الطول عبقرية، لكن لا يمكن جعل هذه الأذرع أطول لأنها تصبح أكثر سمكاً عند لفها، وبالتالي ستشغل مساحة أكبر بين الجمجمة والدماغ عند فردها، وستشكّل ضغطاً خطيراً على أنسجة المخ.
يستخدم الجهاز مستشعرات إجهاد مدمجة في كل ذراع، تنقل معلومات حول وقت انتشار أرجل الروبوت بالكامل، ما يلغي الحاجة إلى وجود كاميرات إضافية أو أجهزة استشعار خارجية. بمجرد اكتمال مراقبة الدماغ، تنكمش أرجل الروبوت ليقوم الجرّاح بسحبها بسهولة.
صُنعت الأقطاب الكهربائية عن طريق تبخير الذهب المرن على مواد مطاطية حيوية متوافقة للغاية، واختبرها الفريق على دماغ خنزير صغير، ومن المخطط أن تتوسع التجربة لاختبارها سريرياً على البشر.