علماء يجدون طريقة لتحويل إشارات الدماغ إلى كلام

3 دقائق
مصدر الصورة: NICK LITTLE

عندما تتحدث، لا تكون مضطراً للتفكير في الأمر، حيث يقوم دماغك بإرسال الإشارات إلى شفتيك ولسانك وفكك وحنجرتك، لتعمل معاً لإنتاج الأصوات المُراد إخراجها.

يقول بعض العلماء في سان فرانسيسكو الآن إنهم استخدموا هذه الإشارات الدماغية لإعداد جهاز يمكنه إنتاج عبارات كاملة، مثل: "لا تقم بغسل أطباق تشارلي المتَّسخة"، أو "المعدّات المهمة تحتاج إلى صيانة مناسبة".

ويمثّل هذا البحث خطوة إلى الأمام من أجل التوصّل إلى نظام يمكنه مساعدة الأشخاص المصابين بالشلل الشديد على الكلام، كما أنه قد يؤدي يوماً ما إلى أدوات يستخدمها المستهلكون والتي من شأنها أن تسمح لأي شخص بإرسال رسالة نصية من الدماغ مباشرة.

وقد قام فريق بقيادة جرّاح الأعصاب إدوارد تشانغ من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو بتسجيل الإشارات من أدمغة خمسة أشخاص مصابين بالصرع كانوا قد خضعوا مسبقاً لجراحة الدماغ، وذلك أثناء حديثهم من قائمة تضم 100 جملة.

وعندما قام فريق تشانغ في وقت لاحق بنقل الإشارات إلى نموذج حاسوبي للنظام الصوتي البشري، قام بإنشاء كلام مركّب كان نصفه مفهوماً.

عينة من الكلام الناتج عن تحويل إشارات دماغ أحد المرضى.

إلا أن هذه التجربة لا تعتمد على التفكير المجرّد، وإنما تقوم بالإصغاء إلى تحفيز الأعصاب أثناء توجيهها للأعضاء الصوتية أن تتحرك. واستخدم الباحثون في السابق مثل هذه الإشارات الحركية من أجزاء أخرى من الدماغ للتحكّم في الأذرع الآلية.

يقول تشانغ: "إننا نستخدم أجزاء الدماغ التي تتحكّم في هذه الحركات، فنحن نحاول ترجمة الحركات بدلاً من الكلام مباشرة".

وقد تم تسجيل الإشارات في تجربة تشانغ باستخدام لوحة مرنة من الأقطاب الكهربائية تسمى مجموعة التخطيط الكهربائي لقشر الدماغ (ECoG)، والتي تتوضّع على سطح الدماغ.

ولاختبار إلى أي مدى يمكن استخدام الإشارات لإعادة إنشاء ما قاله المرضى، قام الباحثون بتشغيل النتائج المركَّبة لأشخاص تم إشراكهم على موقع ميكانيكال تورك (Mechanical Turk) الخاص بالتعهيد الجماعي، وقد حاولوا كتابة ما هو مذكور في المقاطع الصوتية باستخدام مجموعة من الكلمات المحتملة. ووسطياً، تمكّن هؤلاء المستمعون من فهم حوالي 50 إلى 70 ٪ من الكلمات.

يقول أندرو شوارتز، الباحث في مثل هذه التقنيات بجامعة بيتسبيرج: "ربما يكون هذا هو البحث الأفضل الذي تمّ إجراؤه في الوقت الحالي في مجال الواجهات الدماغية الحاسوبية". ويضيف أنه إذا وضع الباحثون مجسَّات داخل أنسجة الدماغ -وليس على سطح الدماغ فقط- فقد تكون الدقة أكبر بكثير.

ومن الجدير بالذكر أن هناك أبحاثاً سابقة قد سعت إلى إعادة بناء الكلمات أو أصوات الكلمات من إشارات الدماغ؛ ففي يناير الماضي مثلاً، قام باحثون من جامعة كولومبيا بقياس الإشارات في الجزء السمعي من الدماغ أثناء استماع الأشخاص إلى شخص آخر يقول الأرقام من 0 إلى 9، وتمكّنوا بعد ذلك من تحديد الرقم الذي تم سماعه.

وحتى الآن، لا تعدُّ الواجهات الدماغية الحاسوبية متطورة أو بسيطة بما فيه الكفاية لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من الشلل، على الرغم من أن هذا هو هدف العلماء.

وفي العام الماضي، بدأ باحث آخر في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو بإشراك أشخاص مصابين بالتصلب الجانبي الضموري (أو مرض لو جيريج) ليحصلوا على زرعات التخطيط الكهربائي لقشر الدماغ. وتحاول تلك الدراسة تركيب الكلام، وذلك وفقاً لما ذُكر في وصف التجربة، بالإضافة إلى الطلب من المرضى أن يتحكّموا في هياكل خارجية تدعم أذرعهم.

ويقول تشانغ إن نظامه الخاص لا يتم اختباره عند المرضى. ولا يزال من غير الواضح فيما إذا كان الأمر سينجح مع الأشخاص غير القادرين على تحريك أفواههم أم لا. ويقول فريق جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو إن نظامهم لم ينجح تقريباً عندما طلبوا من المتحدثين نطق الكلمات بصمت بدلاً من نطقها بصوت عالٍ.

وقالت بعض شركات وادي السيليكون إنها تأمل في تطوير تطبيقات تجارية لقراءة الأفكار وتحويلها إلى نصوص. وإحدى هذه الشركات هي فيسبوك التي قالت بأنها تموِّل أبحاثاً مرتبطة بهذا المجال في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو "لإظهار أول واجهة للكلام الصامت، بحيث يمكنها كتابة 100 كلمة في الدقيقة"، وفقاً لما ذكره المتحدث الرسمي باسم الشركة.

ولم تدفع فيسبوك لتمويل الدراسة الحالية ورفضت جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو وصف ما تقوم به الأبحاث الأخرى بالنيابة عن الشركة العملاقة في مجال التواصل الاجتماعي. لكن شركة فيسبوك تقول إنها ترى أن نظام الزرعات هو خطوة نحو نوع الأجهزة التي تريد إنتاجها للمستهلكين.

وقالت الشركة: "يتماشى هذا الهدف تماماً مع مهمة جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو لتطوير أجهزة تواصل قابلة للزرع للأشخاص الذين لا يستطيعون الكلام، وهي مهمة ندعمها. ولا تقوم شركة فيسبوك بتطوير منتجات تتطلب أجهزة قابلة للزرع، لكن البحث في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو قد يدعم الأبحاث في التقنيات غير الجائرة".

ويقول تشانغ إنه "لا يعرف" أي تقنية يمكنها العمل من خارج الدماغ، حيث تختلط الإشارات مع بعضها وتصبح صعبة القراءة.

ويقول: "انطوت الدراسة التي أجريناها على أشخاص خضعوا للجراحة العصبية، ولا نعرف حقاً التقنيات غير الجائرة المتوافرة حالياً، والتي قد تسمح بالقيام بذلك من خارج الرأس. وأؤكِّد على أنه إذا كانت هذه التقنيات موجودة بالفعل، فسيكون لها تطبيقات طبية عظيمة".

المحتوى محمي