علماء الأحياء يرغبون في برمجة الخلايا كما لو أنها رقائق كمبيوتر

2 دقائق
الرسم الإيضاحي بواسطة ديفيد إس غودزيل

يجلس أليك نيلسن في المكان المخصّص للمختبر في شركته الناشئة على مشارف الحرم الجامعي لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ويفتح كمبيوتره المحمول ويبدأ بكتابة التعليمات لإحدى خلايا الخميرة المعدّلة وراثياً والتي من شأنها أن تتوّهج بلون أصفر. إذ يقوم بإبلاغ البرنامج عن نوع السكريات التي ينوي تغذية الخلية بها - وهي أرابينوز ولاكتوز - ويحدّد بأن ذلك من شأنه أن ينتج بروتيناً متألقاً يتواجد عادة عند قنديل البحر.

يستغرق الكمبيوتر حوالي 60 ثانية قبل أن يستخرج قائمة تضم حوالي 11 ألف حرف من الحمض النووي، إلى جانب ما يبدو وكأنه رسم تخطيطي لإحدى الدارات.

يرأس نيلسن شركة ناشئة تسمى أسيموف (Asimov) والتي تحاول أتمتة تصميم التعديلات الجينية المعقدة. وتم تصميم برنامجها - المسمى CELLO – اعتماداً على النوع المستخدم لتخطيط الدارات الإلكترونية ورقائق الكمبيوتر مع مليارات الترانزستورات.

"رسم تخطيطي لإحدى الدارات" يُظهر كيف يجب أن يعمل المسار الجزيئي في البكتيريا.

وتعدّ أبحاث علم الأحياء تجريبية في معظمها. إذ لا يمكن معرفة ما سينجح حتى تجربته. ولكن شركة أسيموف تعتقد بأنه يمكنها أن تخفف من بعض عمليات التخمين عند إعداد الكائنات الحية المعدّلة وراثياً. ويقول كريستوفر فواغ - الأستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وأحد مؤسسي الشركة: "لقد قررنا قبل عامين أن نتناول هذه المشكلة المعقدة وأن نجعلها بسيطة مثل برمجة الكمبيوتر. وبدأنا التفكير في كيفية نقل أدوات تصميم الدارات الإلكترونية إلى تصميم الدارات الجينية".

إن تصنيع البروتينات أو الوقود الحيوي أو المواد الكيميائية داخل الخلايا ليس بالأمر الجديد. فمن خلال هذه العملية يتم إنتاج الأنسولين والكحول والإنزيمات المستخدمة في منظفات الغسيل. ولكن ليس من السهل جعل الميكروب يفعل ما تريد - عندما تريد - دون أن يتعرّض للموت بسبب الإجهاد.

يقوم العلماء الآن بتصميم جيل جديد من الكائنات الحية التي تقوم بأكثر من مجرد تصنيع منتجات الجينات بكثرة كالمصانع. فهم يريدونها أن تشعر بالإحساس وأن تستجيب للإشارات البيئية، أو أن تنشط في أوقات معينة، أو أن تصبح أدوية سرطانية ذكية والتي تكون قاتلة للخلايا داخل الورم فقط.

ويتم بالفعل تطوير عدد قليل من المنتجات التي تحمل هذه "المفاتيح". إذ تقوم شركة تدعى سينلوجيك (Synlogic) باختبار البكتيريا التي تمتلك دارة جينية بداخلها والتي يبتلعها الناس كجزء من تجربة سريرية. وبدأت شركات الأدوية الكبيرة بشراء الشركات الناشئة والتي لديها أفكار لخلايا جديدة مكافِحة السرطان.

أليك نيلسن (على اليسار) وراجا سرينيفاس من بين مؤسسي إحدى الشركات الناشئة التي تحاول تسريع هندسة الكائنات الدقيقة.

قضى مختبر فواغ العقد الأخير في تطوير مفاتيح جينية تؤدي المهام المنطقية الأساسية، مثل انتظار اثنتين من الإشارات البيولوجية قبل تنشيطها.

وفي عام 2016، قام فواغ ونيلسن وآخرون بعرض برنامج CELLO، والذي سهّل التصميم الجيني لدرجة أنهم تمكنوا من إعداد 52 دارة من هذا النوع في غضون أسبوع تقريباً. وكان أكثر من ثلثيها فعّالاً. ويقول فواغ: "إنه يختصر سنوات العمل إلى بضعة أسابيع. لقد قضينا الكثير من الوقت في معرفة سبب فشل العناصر الأساسية وكيفية إصلاحها، وكيفية عزل النظام بحيث تعمل في جميع التشكيلات المختلفة."

وقد حصلت شركة أسيموف على التمويل من شركة آندرسن هورويتز (Andreessen Horowitz)، وهي شركة رأس المال الاستثماري في وادي السيليكون، والتي لديها موارد مالية بقيمة 450 مليون دولار تستثمرها في شركات التكنولوجيا الحيوية التي تجسّد بعض مفاهيم البرمجيات أو هندسة الكمبيوتر. وتتمثل خطة أسيموف في تصميم دارات للعملاء وتقديم تركيبات الحمض النووي التي يحتاجونها.

وإذا كان من الممكن جعل التصميم البيولوجي أكثر قابلية للتنبؤ، فإن نيلسن لا يرى سوى القليل من القيود على المجالات التي يمكن استخدامه فيها. ويقول: "نعتقد بأن الدارات الجينية ستبدأ في الظهور في جميع المنتجات التي تمسّ حياتنا اليومية، من الأطعمة إلى الملابس إلى الأدوية".

المحتوى محمي