شريحة إلكترونية جديدة تسمح للروبوتات بأن “تتخيل” أفعالها قبل أن تتحرك

3 دقائق
مصدر الصورة: ريلتايم روبوتيكس

ليست فكرة سديدة أن تضع يدك أمام ذراع روبوت صناعي، فعلى الرغم من أن هذه الآلات تتحرك بسرعة ودقة، فهي أيضاً عمياء وغبية لدرجة أنها لا تجد أي مانع في تحطيم أحد أطرافك ومتابعة عملها بسعادة.

ولهذا، فقد احتجت إلى شيء من الشجاعة لإجراء هذه التجربة مع ذراع روبوتية يتم اختبارها في ريلتايم روبوتيكس، وهي شركة ناشئة اتخذت مقراً لها قرب ميناء بوسطن، حيث مددت ذراعي إلى الأمام معترضاً حركة الذراع الروبوتية عندما حاولت التقاط جسم من الطاولة لوضعه في صندوق. ومن حسن الحظ أن الروبوت توقف لبرهة، ومن ثم التف برشاقة حول ذراعي الممدودة، ووضع الجسم في الصندوق بشكل مرتب. لم تُكسَر أية أطراف ذلك اليوم.

يمكن أن يكون هذا التكيف الرشيق مفيداً للغاية في صناعة الروبوتات، فهناك بعض الروبوتات القادرة على العمل جنباً إلى جنب مع البشر، ولكنها عادة ما تكون ضعيفة الاستطاعة وقليلة الدقة ومحدودة الاستخدام. أما الآلات الصناعية ذات القدرات والاستطاعة الكبيرة، فما زالت في حاجة إلى بيئات عمل محددة بدقة، وخالية من البشر القابلين للكسر. يقول شون موراي، وهو مهندس روبوتات وأحد مؤسسي ريلتايم روبوتيكس، والذي رافقني في تلك الزيارة: "حتى لو لم تكن لديك مشكلة في وجود البشر قرب الروبوت، فقد ترغب في تعديل البيئة المحيطة به دون الحاجة إلى دفع تكاليف استدعاء فني مختص للقيام بهذا العمل".

مشكلة الحركة

تحاول عدة شركات إيجاد وسائل للالتفاف على هذه المشكلة، حيث تقوم بعضها باختبار حساسات توقف حركة الروبوتات القوية في حال وجود عائق. أما ريلتايم روبوتيكس فتحاول أن تتجاوز هذه الفكرة؛ وذلك عن طريق تزويد الروبوتات بما يشبه شكلاً بدائياً من الذكاء المطلوب للتحرك في العالم الحقيقي، وهو الوعي الفيزيائي الذي يعتمد عليه البشر والحيوانات بشكل بديهي عند تحريك ذراع أو ساق.

ضمن عدة غرف في ريلتايم روبوتيكس، تُستخدم الأذرع الروبوتية الصناعية لاختبار قدرات شريحة إلكترونية جديدة قامت الشركة بتطويرها لهذا الغرض. وعند وصل الشريحة بحساسات ثلاثية الأبعاد، يمكن للآلة أن تدرس عدة حركات مختلفة بسرعة، مما يسمح لها بأن "تتخيل" النتيجة قبل اختبار الحركة الأنسب للمهمة المطلوبة. وفي إحدى الغرف، شاهدت روبوتين يؤديان عملاً جماعياً أشبه برقصة الباليه، ويلتفان حول بعضهما البعض بحركات انزلاقية، ويتناقلان الأجسام بين الحين والآخر.

يقول جورج كونيداريس، وهو أحد المؤسسين والمسؤول الأساسي عن الروبوتات في ريلتايم روبوتيكس، إضافة إلى عمله كأستاذ مساعد في جامعة براون في بروفيدنس برود آيلاند: "يكمن التحدي الأساسي في كون الروبوتات شديدة الغباء. ببساطة: نحن نمتلك قدرات حركية أساسية لا تمتلكها الروبوتات".

وفعلا، يمثل تخطيط الحركة أمراً صعباً بالنسبة للروبوت، وبشكل أكثر مما قد نعتقد، ويعود هذا بشكل جزئي إلى أن كل مفصل يضيف بُعداً آخر إلى الحسابات التي يجب إجراؤها.

تحرك

تعمل الشريحة الإلكترونية التي صممتها الشركة على تسريع الحسابات الرياضية الكامنة وراء الخوارزمية البسيطة نسبياً لتخطيط الحركة، التي طورها كونيداريس وآخرون عندما كان في جامعة ديوك. تقوم هذه الشريحة الخاصة بإجراء الحسابات على التوازي، مما يجعلها أسرع في هذا العمل من الشريحة الحاسوبية العادية بأكثر من 10,000 ضعف، مع استهلاك مقدار أقل من الطاقة أيضاً. يقول توماس لوزانو بيريز، وهو بروفيسور في جامعة إم آي تي، وأحد المشرفين على كونيداريس عندما كان طالباً في مرحلة الدراسات العليا: "إن هذه الطريقة ذكية للغاية".

ويمثل هذا العمل جزءاً من توجه أكثر عمومية؛ حيث إن التطورات التي يتم إحرازها في العتاد الصلب والبرمجيات قد بدأت تدريجياً بزيادة ذكاء الروبوتات، وقد تمهد الطريق لظهور روبوتات صناعية أكثر كفاءة ويمكن استخدامها بفعالية أكبر. كما يمكن أن توضع الروبوتات الذكية على خط الإنتاج قرب عامل بشري -على سبيل المثال- لتعلم كيفية التقاط الأجسام كيفما وُضعت، ومن دون إيذاء أي شخص بالخطأ. وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تسريع انتشار الأتمتة في أية صناعة.

ويضيف لوزانو بيريز أن تحسين تخطيط الحركة أمر هام للغاية لمستقبل الروبوتات، حيث يقول: "إذا كان الروبوت سيتحرك لأداء مهام معينة، فمن الأفضل أن يفكر في كيفية حركته. ويكمن التحدي في أن تخطيط الحركة يصبح بطيئاً مع تعقيد البيئة، وخصوصاً عندما يتمتع الروبوت بعدد كبير من درجات الحرية".

وهناك تطبيق هام آخر لهذه التكنولوجيا، هو: السيارات ذاتية القيادة. فكما يحتاج الروبوت إلى تخطيط حركته لتجنب الاصطدام بالأشياء المحيطة، فإن السيارة ذاتية القيادة تحتاج إلى اختيار المسار الأكثر أماناً حول العوائق بسرعة، وتعمل ريلتايم على تطوير نسخة مخصصة لهذا الغرض من الشريحة. ويقول كونيداريس إنها ستسمح للسيارات ذاتية القيادة بالتكيف بسرعة مع تعقيدات الطريق، وربما ستجعلها أكثر أماناً.

وسيكون الاختبار الأول في اختيار صانعي الأذرع الروبوتية الاستفادة من تكنولوجيا ريلتايم، وقد بدأ البعض بتجربتها فعلاً. يقول لوزانو بيريز من إم آي تي: "سيعتمد النجاح النهائي على كيفية استخدام هذه الشريحة، ولكن يبدو لي أنها ستفتح آفاقاً جديدة في تصميم الأنظمة الروبوتية".

المحتوى محمي