شركة تعمل على ترويض الروبوتات القاتلة

3 دقائق
مصدر الصورة: أندريا كرونوبولوس

تتحرك ذراع روبوتية بطول مترين بشكل خاطف، حاملة قطعة من المعدن بحجم كرة البولينج من طاولة عمل إلى طاولة عمل أخرى بسرعات يعجز عنها البشر. ولكن عندما يمد عامل بشري يده إلى القطعة، يبطئ الروبوت من حركته فوراً ومن ثم يتوقف، وما أن يبتعد، يعاود الروبوت حركته السريعة من جديد.

يقوم هذا العامل الشاب بالاشتراك مع الآلة بتجميع نظام التعليق للسيارة، وبالنسبة لأي شخص ذي معرفة بالروبوتات الصناعية، يعتبر هذا أمراً جنونياً.

يمكن للروبوتات الصناعية أن تتسبب بمقتل شخص ما. وعادة ما توضع ضمن أقفاص داخل المصانع أو تخضع لمراقبة نظام حساسات يطفئ كل شيء إذا اقترب أي شخص لمسافة أكثر من المسموح به، وعادة ما تكون محاولة الإمساك بأي شيء من الروبوتات فعلاً يدل على حماقة مطبقة.

غير أن هذا الروبوت مختلف عن أقرانه. قامت بتطويره شركة فيو روبوتيكس، وهي شركة ناشئة في والثام، ماساتشوستس، وتستخدم تقنية قادرة على تحويل أضخم الروبوتات الصناعية وأكثرها همجية إلى زميل يمكن العمل معه بأمان.

تركب شركة فيو عدة حساسات ثلاثية الأبعاد على الروبوت الصناعي، وتقوم برمجياتها ببناء تمثيل للبيئة المحيطة، ومن ثم تحدد الأجسام، بما فيها البشر الذين يتحركون في الجوار، وتقدر وجهة كل جسم، وتتحكم بالروبوت على هذا الأساس. ويمكن لأقل خطأ أن يؤدي إلى نتائج كارثية.

يقول المدير التنفيذي لشركة فيو، باتريك سوبالفارو، أنه استوحى الفكرة أثناء زيارة معمل بي إم دبليو في سبارتانبيرج، ساوث كارولينا. كانت الكثير من المهام، مثل تركيب لوحة العدادات، تنفذ بشكل يدوي لأنها تتضمن توصيل بعض الأنابيب أو الكابلات. ولكن لوحات العدادات ثقيلة، ولا يمكن التحرك حولها بسهولة. يقول سوبالفارو حول العرض التجريبي لتركيب نظام التعليق: "إذا استخدمنا روبوتاً للأشياء التي لا تتطلب براعة يدوية، سنقلل من وقت التصنيع إلى النصف".

أعطني المفك

يمكن لجيل جديد من الروبوتات الصناعية المتعاونة أن يؤدي إلى ثورة في عمليات التصنيع، وذلك بالجمع ما بين الإمكانات الروبوتية والبشرية.

تتمتع الروبوتات بالقوة والدقة، ولكن يوجد الكثير من الأشياء التي لا تستطيع فعلها بسهولة، مثل التلاعب الدقيق أو العمل مع الأجسام المرنة. من ناحية أخرى، يتمتع البشر بالقدرة على التلاعب، وهم بارعون في الارتجال والتكيف، ولكنهم لا يستطيعون تحريك الأشياء الثقيلة لساعات متواصلة.

تقول كلارا فو، نائبة الرئيس في مجال الهندسة في شركة فيو: "حالياً، يجد الصناعيون أنفسهم بين خيارين: إما الأتمتة الكاملة، أو الاعتماد الكامل على البشر. ولكنهم فعلياً يرغبون بالجمع ما بين روبوتات قادرة على حمل الأشياء الثقيلة ووضعها في مكانها بدقة، وعمال بشريين ينفذون المهام الدقيقة".

لا تعتمد طريقة فيو على تقنيات حديثة في التعلم الآلي، لأن هذه المقاربة لا يمكن التنبؤ بنتائجها أو تأكيد قدرتها على العمل بسهولة (انظر مقالة "السر المظلم في قلب الذكاء الاصطناعي"). يمكن إضافة التقنية إلى خلية عمل روبوتية، ويمكن برمجة الآلة بعد ذلك بشكل اعتيادي. وببساطة، ستقوم بعملها مع الحرص على عدم إيذاء أي بشري. وستعمل الإصدارات المستقبلية من النظام على رفع مستوى التعاون بين البشر والروبوتات.

مؤخراً، عرضت فيو أنظمتها على عدد من شركات الروبوتات الأخرى. وقد كان من بين الحاضرين جيوف لويس من سوفت روبوتيكس، وهي شركة ناشئة أخرى من بوسطن، تعمل على تطوير أنواع جديدة من المقابض الروبوتية.

أعجب لويس بتقنية فيو، ويعتقد أنها قد تؤدي إلى تحولات سريعة في مسائل السلامة، ويقول: "لطالما كان مجال التصنيع عنيداً وبطيئاً في اعتماد التقنيات الجديدة والمبتكرة. ولكن السباقين في استخدام هذه التقنيات كانوا دائماً يكتسبون أفضلية تنافسية، قبل أن يلحقهم الآخرون في نهاية المطاف".

اللعب بشكل لطيف

لطالما كانت الروبوتات علامة مميزة لصناعات محددة، مثل صناعة السيارات. ولكنها بدأت تنتشر بسرعة إلى قطاعات صناعية أخرى، وإلى قطاع التخزين أيضاً. وفقاً لمؤسسة الصناعات الروبوتية، وهي منظمة تدعمها شركات الروبوتات في الولايات المتحدة، فقد ازدادت شحنات الروبوتات بنسبة 22% في الولايات المتحدة في الربع الأول من 2018. أما الاتحاد الدولي للروبوتات، وهو منظمة صناعية أخرى، فيقدر بأن عدد الروبوتات العاملة في المجال الصناعي حول العالم سيتضاعف في 2020 بالمقارنة مع 2014.

أدت التطورات في الحساسات والحوسبة والبرمجيات إلى تغييرات كبيرة في طريقة تصميم واستخدام الروبوتات. وبفضل هذا التقدم، لدينا الكثير من أنواع الروبوتات قيد الاختبار أو الاستثمار التجاري، والمخصصة للمخازن، والمكاتب، والمستودعات، وعمليات التوصيل.

ظهر جيل جديد من الروبوتات الصناعية المصممة للعمل مع البشر في السنوات الأخيرة، ولكن هذا يعود فعلياً إلى أنها ليست قوية بما يكفي للتسبب بأي أذى للبشر. غير أن ضعفها لا يحد فقط من الأوزان التي يمكن أن ترفعها، ولكن أيضاً من قدرتها على العمل بدقة على مسافات طويلة.

في نفس الوقت، فإن القفزات الكبيرة في التعلم الآلي قد تعطي الروبوتات إمكانات جديدة أيضاً. ويعمل الكثير من الباحثين على أساليب تسمح للروبوتات بأن تتعلم، عبر الممارسة والتجربة، كيفية التعامل مع أغرب الأشياء وأبعدها عن المألوف (انظر مقالة "هذا أبرع روبوت تم تصميمه حتى الآن"). وعلى الرغم من أن طريقة فيو لا تعتمد على التعلم الآلي، فإن تقنيتها قد تكون مكملة للجهود الرامية إلى زيادة ذكاء وتكيف الروبوتات باستخدام الذكاء الاصطناعي.

يشغل ويلي شيه منصب بروفسور في مدرسة الأعمال في جامعة هارفارد، ويدرس تقنيات التصنيع، وقد وافق مؤخراً على الانضمام إلى مجلس إدارة فيو. ويقول أن الإمكانات الكامنة لدى هذه الشركة تجعل من العمل فيها فرصة لا تفوت: "تعتبر تقنية هذه الشركة مثالاً ممتازاً على كيفية الاستخدام الفعال لتقنيات حوسبة رخيصة ومتوافرة بسهولة بهدف زيادة فائدة الآلات".

المحتوى محمي