لماذا تستبدل شركات التكنولوجيا موظفيها بأدوات الذكاء الاصطناعي؟

4 دقيقة
لماذا تستبدل شركات التكنولوجيا موظفيها بأدوات الذكاء الاصطناعي؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Andrii Yalanskyi

في كل القطاعات الاقتصادية، يؤدي النمو وزيادة حجم السوق إلى زيادة عدد الموظفين وفرص العمل، لكن في قطاع التكنولوجيا، يحدث العكس تماماً، فقد شهد عام 2023 نمواً كبيراً في قطاع التكنولوجيا، ترافق ذلك مع موجة من عمليات تسريح الموظفين.

يعود السبب في ذلك إلى الذكاء الاصطناعي، حيث قرر العديد من الشركات استبدال بعض موظفيها بأدوات الذكاء الاصطناعي.

مؤخراً، وفقاً لتقرير نشرته وكالة بلومبرغ الأميركية، سرحت شركة دولينجو (Duolingo) الأميركية الشهيرة التي تملك تطبيق دولينجو الشهير لتعلم اللغات نحو 10% من موظفيها واستبدلتهم بأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي يمكنها إنشاء محتوى واختبارات للطلاب. يشير تقرير آخر إلى أن شركة جوجل، عملاق البحث على الإنترنت، قررت تسريح أكثر من 1000 موظف في أقسام متعددة، بما في ذلك الهندسة والخدمات.

هذه ليست حالات معزولة، حيث سرحت شركات التكنولوجيا الأخرى، مثل ميتا (Meta) وآي بي إم (IBM) وأمازون (Amazon) الكثير من موظفيها أيضاً.

فما الأسباب الكامنة وراء هذا الاتجاه؟ وما تأثيره على العاملين في مجال التكنولوجيا والصناعة بشكل عام، والآفاق المستقبلية للذكاء الاصطناعي والعمل البشري في شركات التكنولوجيا؟

اقرأ أيضاً: بيل غيتس: الذكاء الاصطناعي سيغزو القطاعات كافة ويتولى مهام الموظفين

لماذا تستبدل شركات التكنولوجيا موظفيها بالذكاء الاصطناعي؟

هناك عدة أسباب وراء تفضيل شركات التكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على الموظفين البشر. من أهم هذه الأسباب:

  • خفض التكلفة: يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي أداء المهام بشكل أسرع وأقل تكلفة وأكثر كفاءة من الموظفين البشر، ما يقلل الحاجة إلى دفع الرواتب والمزايا والتدريب. على سبيل المثال، تستخدم شركة دولينجو أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء محتوى واختبارات جديدة للطلاب بـ 40 لغة، ما يوفر على الشركة ملايين الدولارات من تكاليف إنتاج المحتوى سنوياً.
  • الميزة التنافسية: يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي أن توفر ميزة تنافسية لشركات التكنولوجيا، حيث يمكنها تقديم منتجات وخدمات أكثر ابتكاراً وتخصيصاً وقابلة للتطوير لعملائها. على سبيل المثال، تستخدم جوجل أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها لتحسين جودة وملاءمة نتائج البحث والإعلانات والتوصيات، ما يعزز تجربة المستخدم ويزيد حصة الشركة في السوق.
  • طلب السوق: يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي تلبية طلب السوق المتزايد على المنتجات والخدمات التي يصعب على الموظفين البشر تلبيتها، مثل حلول أتمتة المهام والعمليات وتحسينها وتعزيزها.

اقرأ أيضاً: 4 أنواع من الوظائف لن تختفي بسبب الذكاء الاصطناعي

الموظفون الأكثر تأثراً بالتسريح في شركات التكنولوجيا

الموظفون الأكثر تأثراً بالتسريح من شركات التكنولوجيا هم أولئك الذين يعملون في المجالات التي يستطيع الذكاء الاصطناعي تنفيذها، مثل علوم البيانات والتعلم الآلي ومعالجة اللغات الطبيعية والرؤية الحاسوبية والروبوتات.

في هذه المجالات، تستطيع أدوات الذكاء الاصطناعي أداء المهام التي تتطلب التحليل المعقد والإبداع، مثل إنشاء المحتوى والإجابة عن الأسئلة والتعرف على الصور والتحكم في الروبوتات.

وفقاً لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، هذه هي المجالات التي من المتوقع أن يتراجع فيها الطلب على المهارات البشرية بحلول عام 2025، حيث أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر تقدماً وانتشاراً. أما الأقسام والمهام والوظائف الأكثر تأثراً بتسريح الموظفين في شركات التكنولوجيا فهي:

  • الهندسة: يتم في قسم الهندسة تطوير واختبار ونشر معظم أدوات الذكاء الاصطناعي، والمهام والوظائف الأكثر تأثراً هي تلك التي تتضمن البرمجة وتصحيح الأخطاء وتحسين الخوارزميات والنماذج والأنظمة.
  • الخدمات: في هذا القسم، يتم تطبيق معظم أدوات الذكاء الاصطناعي، والمهام والوظائف الأكثر تأثراً هي تلك التي تتضمن تقديم خدمة العملاء والدعم الفني وضمان الجودة.
  • المحتوى: هذا القسم الذي يتم فيه استخدام معظم أدوات الذكاء الاصطناعي المخصصة لإنشاء المحتوى وتنظيمه والإشراف عليه، والمهام والوظائف الأكثر تأثراً هي تلك التي تتضمن كتابة وتحرير ومراجعة محتوى النص والصوت والفيديو.

اقرأ أيضاً: ما هي الوظائف الأكثر عرضة لاستيلاء الذكاء الاصطناعي عليها؟

تأثير تسريح الموظفين على مستقبل وأداء شركات التكنولوجيا

إن تأثير عمليات تسريح العمال بسبب الذكاء الاصطناعي على مستقبل وأداء شركات التكنولوجيا ليس واضحاً، حيث توجد جوانب إيجابية وسلبية يجب أخذها في الاعتبار.

الآثار الإيجابية

  • خفض تكاليف شركات التكنولوجيا التشغيلية وزيادة هوامش ربحها، من خلال توفير المال الذي تنفقه على الرواتب والمزايا وتدريب العاملين البشر.
  • تحسين جودة المنتجات والخدمات ورضا العملاء، وتقديم منتجات وخدمات أكثر ابتكاراً وتخصيصاً للمستخدمين.
  • توسيع الوصول إلى الأسواق جديدة، وتلبية الطلب المتزايد على المنتجات والخدمات في مختلف المناطق.

الآثار السلبية

  • قد تواجه شركات التكنولوجيا تحديات أخلاقية وقانونية، وقد تتعرض للمساءلة بسبب التأثيرات الاجتماعية لأدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، مثل التحيز والتمييز والخصوصية ومشاكل الأمان.
  • قد تخسر شركات التكنولوجيا رأسمالها البشري وميزتها التنافسية، كما قد تخسر الموهبة والإبداع والتنوع بسبب نقص العنصر البشري الذي يمكن أن يقدم رؤى وملاحظات وحلولاً قيمة لا تستطيع أدوات الذكاء الاصطناعي تقديمها.
  • قد تواجه شركات التكنولوجيا ردود فعل عامة منتقدة وقوانين جديدة، وربما تتعرض للانتقاد والتدقيق من قِبَل عملائها وموظفيها ومنافسيها والجهات التنظيمية، الذين يمكنهم التشكيك في دوافعها وأساليبها ونتائج قراراتها المستندة إلى الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يجعل تجربة الموظف أفضل من أي وقت مضى

هل ستستمر عملية التسريح وتتوسع مستقبلاً؟

من المرجح أن تستمر عملية التسريح أو استبدال العمال البشر بأدوات الذكاء الاصطناعي وتتوسع في المستقبل، وذلك بسبب تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتقدمها وتحسن إمكانية الوصول إليها وزيادة الدافع والضغط لتبنيها.

وفقاً لتقرير صادر عن شركة ماكنزي آند كومباني (McKinsey & Company)، من المحتمل أن يحل الذكاء الاصطناعي محل 45% من الأنشطة التي يُدفع للأشخاص مقابل أدائها، ويمكن أن تشهد 60% من المهن أتمتة 30% أو أكثر من أنشطتها بحلول عام 2030. هذا يعني أن ملايين الوظائف في مختلف المجالات، خاصةً في قطاع التكنولوجيا، معرضة لخطر الاستعاضة عنها بالذكاء الاصطناعي خلال العقد المقبل.

ومع ذلك، هذا لا يعني نهاية الحاجة إلى الموظفين البشر، فلا تزال هناك العديد من المهام والوظائف التي لا تستطيع أدوات الذكاء الاصطناعي أداءها بشكل جيد، مثل تلك التي تتطلب الذكاء العاطفي والمهارات الاجتماعية والحكم البشري. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الفرص والتحديات التي يمكن أن تخلقها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أو تحلها، مثل تلك التي تتطلب الابتكار والتعاون والتكيف.

اقرأ أيضاً: كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين أداء الموظف ومشاركته؟

سيحتاج العاملون البشر في شركات التكنولوجيا إلى التكيف وتحسين مهاراتهم لتلبية المتطلبات المتغيرة في عصر الذكاء الاصطناعي، وسوف تحتاج شركات التكنولوجيا إلى دعمهم وتمكينهم ليتمكنوا من تحقيق ذلك.

المحتوى محمي