تركز شركات الاتصالات الخلوية على توفير خدماتها في مناطق التجمعات السكانية حتى تضمن الجدوى الاقتصادية لبنيتها التحتية. ومع تزايد الاعتماد على تكنولوجيا الاتصالات وإنترنت الأشياء عالمياً، فإن ذلك الدافع الاقتصادي حرم العديد من المناطق النائية والأشخاص العاملين في المزارع البعيدة أو على متن سفن الصيد في عرض البحر من التطبيقات المفيدة لهذه التكنولوجيات، ليجدوا أنفسهم مضطرين للاختيار بين دفع التكاليف الباهظة للاتصالات الفضائية أو الاعتياد على حياة معزولة عن عالم متصل بين بعضه البعض ومع الإنترنت.
تسعى شركة سكايلو (Skylo) الناشئة إلى معالجة هذه المشكلة بالضبط؛ حيث تعمل على توفير إمكانية نقل البيانات من وإلى الأجهزة والأماكن التي لم يكن من الممكن سابقاً تزويدها بالاتصالات بتكلفة معقولة.
سكايلو: إنترنت أشياء قائمة على الاتصالات الفضائية
تأسست شركة سكايلو الناشئة عام 2017 على أيدي بارث تريفيدي -خريج جامعتي إم آي تي وستانفورد والفائز بجائزة فوربس “30 تحت 30” للمبدعين الشباب- وثلاثة آخرين، واضعين نصب أعينهم هدفاً أوحد: إحداث ثورة في إنترنت الأشياء من خلال توفير الاتصال عبر الأقمار الاصطناعية من أي مكان في العالم بتكلفة أقل من 1 دولار شهرياً، أي أقل من 5% من التكلفة الحالية لتقنيات الاتصالات الفضائية.
أبقى تريفيدي ورفاقه شركتهم في الظل لحوالي العامين عملوا خلالهما على تطوير التقنيات الضرورية لإنجاز مشروعهم وتأسيس الشراكات الضرورية مع شركات أقمار الاتصالات الاصطناعية. وأثمرت جهودهم في تصميم هوائي جديد وبروتوكول اتصال يسمح للآلات والحساسات وغيرها من الأجهزة بإرسال البيانات على نحو فعال إلى الأقمار الاصطناعية الموجودة على ارتفاع 35 ألف كيلومتر فوق مناطق ثابتة من سطح الأرض. وقد نجحوا في يناير من عام 2020 في جمع تمويل بقيمة 103 مليون دولار من عدة مستثمرين -من بينهم سوفت بانك جروب- للبدء في الاستخدام التجاري للتكنولوجيا وتجربتها على أرض الواقع مع شركات القطاع العام والخاص في الهند وفي قطاعات متعددة.
يمكن للمستخدمين ببساطة تثبيت جهاز صغير بحجم المودم يحتوي الهوائي الذي طورته الشركة. ويستطيع هذا الجهاز الاتصال بـ 50 جهاز استشعار ثابت أو متحرك عبر شبكة لاسلكي أو كابل أو البلوتوث من جهة، ويوفر من جهة أخرى إمكانية إنشاء اتصال من طرف إلى طرف لإرسال البيانات واستقبالها عبر الأقمار الاصطناعية بصورة مشفرة وبأرخص تكلفة على مستوى العالم.
علاوة على ذلك، تقدم الشركة تطبيقاً لمستخدمي الهاتف الذكي أو الحاسوب ومنصة سحابية تتيح لهم الاطلاع على البيانات المتعلقة بآلاتهم وأجهزتهم في الوقت الحقيقي. وهذا الأمر يوفر إمكانات كبيرة لاستشعار المشاكل والمخاطر قبل تفاقمها واتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل معها.
تطبيقات تكنولوجيا سكايلو: باب مفتوح على مصراعيه
تتيح التكنولوجيا الجديدة التي توفرها سكايلو للشركات ورجال الأعمال والحكومات في جميع أنحاء العالم استخدام بياناتهم لتوسيع العمليات وخلق فرص جديدة وإطلاق صناعات جديدة وحتى إنقاذ الأرواح. إليكم فيما يلي بعض الإمكانات والتطبيقات التي توفرها تكنولوجيا سكايلو:
1- الصيد البحري
توفر الشركة إمكانية اتصال حساسات على متن سفن الصيد مع شبكة الاتصالات الفضائية طوال الوقت؛ ما يبقي العاملين على متنها في اتصال دائم مع البر، ويسمح لمدراء أسطول الصيد بالاطلاع على مواقع مراكبهم وحالتها الفنية، وبيع الأسماك التي اصطادوها قبل أن تعود السفينة إلى الميناء، وإرسال تحذيرات تغير الطقس ونداءات الاستغاثة في حال الحاجة إليها. وعلى سبيل المثال، في نوفمبر الماضي، أنقذت هذه التكنولوجيا سبعة صيادين قبل أن تغرق سفينتهم في عرض البحر قبالة السواحل الهندية.
2- الزراعة
تتيح تكنولوجيا سكايلو زيادة جودة المحاصيل وكميتها من خلال توفير بيانات مفصلة في الوقت الحقيقي حول تبدلات الطقس ودرجة الحرارة والرطوبة ومنسوب الأمطار وسرعة الرياح وغيرها. كما تساعد المزارعين على تحديد مستويات العناصر الأساسية في التربة لمعرفة أنواع الأسمدة التي تنبغي إضافتها، وتحسين معدلات الري، وضمان تمتع التربة بكل المقومات اللازمة لتحقيق أعلى إنتاجية.
3- اللوجستيات
https://youtu.be/N4lvbH91_8E
مصر الفيديو: سكايلو
توفر سكايلو بيانات في الزمن الحقيقي حول موقع كل شاحنة نقل على الطرقات باستخدام حساسات تحديد المواقع المعتمدة على الاتصالات الفضائية. وتساعد في اختيار أمثل الطرق لتوفير الوقود والوقت، وتأمين معلومات حول درجة الحرارة والرطوبة داخل كل شاحنة لضمان الحفاظ على جودة البضائع، وحماية المركبات من التعرض للسرقة، وإجراء الصيانة الوقائية قبل حدوث الأعطال. وعلى سبيل المثال، تم استخدام هذه التكنولوجيا في تتبع درجة حرارة اللقاحات المضادة لكوفيد-19 أثناء نقلها.
4- الكوارث الطبيعية
تساعد تكنولوجيا سكايلو في دعم أنظمة الإنذار المبكر؛ حيث توفر المعلومات الفورية لصناع القرار لمساعدتهم على اتخاذ القرارات الأفضل لإنقاذ حياة المتضررين من الكوارث وتحسين خطط الاستجابة لها. بالإضافة إلى تحسين الاتصالات بين المستجيبين الأوائل وفرق الإسعاف والمسؤولين الحكوميين بما يضمن إنجاز عملهم بكفاءة أكبر.
وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن شركة سكايلو تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها، وافتتحت مكاتب لها في الهند وفنلندا. وتخطط إدارة الشركة لتوسيع أعمالها مستقبلاً في العديد من الدول الأخرى بعد تجاوز العقبات القانونية المتعلقة بالتشريعات الناظمة لخدمات الاتصالات الفضائية التي تختلف من بلد لآخر.