تعرف إلى الدكتورة سعاد العامري الفائزة بجائزة نوابغ العرب 2025 عن فئة العمارة والتصميم

2 دقيقة
تعرف إلى الدكتورة سعاد العامري الفائزة بجائزة نوابغ العرب 2025 عن فئة العمارة والتصميم

في إطار الاحتفاء بالعقول العربية المبدعة، فازت الدكتورة سعاد العامري من فلسطين بجائزة نوابغ العرب عن فئة العمارة والتصميم لعام 2025. يأتي هذا الفوز تقديراً لمسيرتها العلمية والعملية التي امتدت عقوداً، حيث قدمت إسهامات رائدة في مجال العمارة والأدب.

وقد هنأها نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بتغريدة نشرها على منصة إكس، وقال إن العامري قدّمت إسهامات رائدة في الحفاظ على التراث المعماري الفلسطيني، وترميم المباني التاريخية وإعادة توظيفها بما يعزز الهوية العمرانية. كما شاركت في مشروع توثيق معماري يعد من الأكبر في فلسطين، نتج عنه سجل يضم أكثر من 50,000 مبنى تاريخي، وإحياء 50 مركزاً تاريخياً. وأشركت في مشاريعها الأهالي والحرفيين في ترميم القرى، من خلال استخدام المواد التقليدية في البناء.

النشأة والدراسة

نشأت سعاد العامري في المدن العربية الكبرى مثل عمان ودمشق وبيروت والقاهرة، قبل أن تستقر في رام الله حيث كرست جزءاً كبيراً من حياتها العلمية والثقافية. عملت أستاذة في قسم الهندسة المعمارية بجامعة بيرزيت بين عامي 1982 و1996، وأسست عام 1991 مؤسسة "رواق" غير الحكومية، التي تهتم بحماية التراث الثقافي الفلسطيني وإحياء المراكز التاريخية في الريف، وهو دور يعكس التزامها بالإنسان والمكان والتراث كعنصرين مترابطين في فهم الهوية المجتمعية.

مكانة عالية في المشهد الأكاديمي المعماري

تتبوأ الدكتورة سعاد العامري مكانة بارزة في المشهد الأكاديمي والثقافي الفلسطيني، بوصفها مهندسة معمارية وكاتبة وروائية استطاعت أن تمنح السرد الفلسطيني طابعاً إنسانياً عميقاً، يجمع بين الذاكرة والمكان والهوية. تمثل سيرتها نموذجاً لتداخل الخبرة الأكاديمية مع الإبداع الأدبي، مسهمةً في إعادة قراءة التراث والمكان من منظور إنساني مستنير.

جوائز دولية في مجالي العمارة والأدب

على مدار مسيرتها، حازت العامري مجموعة من الجوائز الدولية، من بينها جائزة المهندس المعماري الآغا خان عام 2013، وجائزة كاري ستون للتصميم عام 2012، وجائزة الأمير كلاوس عام 2011، وجائزة قطان للتميز عام 2007، ما يعكس الاعتراف العالمي بإسهاماتها في مجالات العمارة والثقافة. كما كتبت عدة كتب أكاديمية وأدبية حول العمارة في فلسطين، مؤكدة أن العمارة ليست مجرد بنية مادية بل هي سجل حي للتاريخ والذاكرة الإنسانية.

ولعل من أبرز محطات العامري في الحياة الأدبية هو دخولها عالم الرواية، حيث نشرت في 2004 روايتها الأولى "شارون وحماتي" التي ترجمت إلى عشرات اللغات وحظيت بتقدير عالمي. وقد تحدثت العامري في مقابلات سابقة عن أن الكتابة لديها هي في الأساس فعل حكائي ينبع من الذاكرة والتجربة الإنسانية، وليس مجرد سرد سردي؛ إذ يرى قراؤها أن أعمالها تمزج بذكاء بين التاريخ الشخصي والجماعي، وتستحضر عبر الحكاية سرداً أعمق لمعاناة الشعوب وتنوع تجاربها.

تشغل د. العامري عضوية مجلس بلفاست Palfest وكانت عضوة في فريق المفاوضات في واشنطن بين عامي 1991- 1993 وشغلت منصب وكيل عام وزارة الثقافة، وقد شغلت د. العامري منصب نائب رئيس المجلس سابقاً.

الحفاظ على التراث الفلسطيني

تبدو تجربة العامري في الأدب وثيقة الصلة بعملها في الحقل الثقافي العام؛ فهي إلى جانب عملها الأكاديمي شاركت في المجلس القومي الفلسطيني وتمثلت في فريق المفاوضات في واشنطن بأوائل التسعينيات، ما منحها رؤية نقدية واسعة لواقع المجتمع الفلسطيني وتعقيداته. كما شغلت مناصب رسمية في وزارة الثقافة الفلسطينية وأسهمت في صياغة السياسات الثقافية الوطنية.

برزت العامري ليس فقط متخصصة في العمارة، إنما أيضاً حكواتية تنسج قصصاً ترتبط بمختلف طبقات المجتمع الفلسطيني والعربي. من خلال أعمالها الروائية التي تعالج مواضيع الهجرة والذاكرة والهوية والنساء في مواجهة التغيير الاجتماعي، توضح العامري أن الأدب يمكن أن يكون بوابة لإعادة بناء الذاكرة المفقودة وربط الأجيال بتاريخها وحاضرها.

اليوم، تعد الدكتورة سعاد العامري رمزاً ثقافياً شاملاً؛ إذ توزع إبداعها بين العمارة التي تعنى بالمكان الملموس والأدب الذي يستحضر البعد الإنساني اللاملموس.

إن إرثها العلمي والأدبي، إضافة إلى رؤيتها النقدية للتراث والحداثة، يجعل منها شخصية محورية تسهم في رسم ملامح الثقافة الفلسطينية المعاصرة، وتمثل جسراً بين الماضي والحاضر ومستقبل الإبداع في المنطقة. 

المحتوى محمي