سبعة قرارات للشركات التكنولوجية الكبيرة في 2019

4 دقائق
مصدر الصورة: تيموفيف فلاديمير

عندما يقبل يناير من كل عام، يحلو للمدير التنفيذي لفيسبوك مارك زوكربيرج أن يعلن عن قرار جديد سيقوم بتنفيذه خلال السنة الجديدة. وقد فشل في تنفيذ قراره لعام 2018 – وهو "إصلاح فيسبوك" – فشلاً ذريعاً، بالنظر إلى سلسلة الفضائح المتعلقة بالخصوصية والتي لاحقت الشركة العملاقة في مجال التواصل الاجتماعي على مدى السنة المنصرمة. كما تعرضت غيرها من كبرى الشركات التكنولوجية الأخرى، مثل تويتر وجوجل، إلى المزيد من المشاكل مجدداً تلك السنة.

لا شك في أن التبعات السلبية التكنولوجية ستلاحق هذه الشركات بلا هوادة في 2019، وقد تتفاقم إلى حد كبير، ما لم تقم هذه الشركات العملاقة بما يلي:

1. حماية بيانات الناس بشكل أفضل (بالأحرى أفضل بكثير)

ينطبق هذا بشكل أساسي على فيسبوك، والتي يبدو أنها تعاني من عجز مزمن عن حماية بيانات المستخدمين ممن يجب ألا تقع في أيديهم. وعلى الرغم من فضيحة كامبريدج أناليتيكا، والتي اندلعت في مارس وأدت إلى استدعاء زوكربيرج إلى الكونجرس حتى يشرح ما حدث، فما زالت فيسبوك تسرب البيانات الشخصية وكأنها غربال. ولكنها ليست الشركة الوحيدة المذنبة بهذا الأمر في وادي السيليكون، ففي أكتوبر، تبين أن شبكة جوجل الاجتماعية تسببت بتسريب بيانات نصف مليون مستخدم بسبب خطأ في أنظمة الحماية.

يجب على الشركات التكنولوجية الكبيرة أن تجري تدقيقاً شاملاً في 2019 (إن لم تكن قد فعلت ذلك من قبل) حتى تتأكد من أن المعلومات الشخصية غير معرضة للكشف من قبل تطبيقاتها، أو التطبيقات الخارجية، أو أية وسائل أخرى. وفي الولايات المتحدة، يجب عليها أيضاً أن تدعم الجهود الرامية إلى إنشاء نظام وطني لحماية خصوصية البيانات، بشكل مستوحى من القانون الأوروبي العام لحماية البيانات، والذي بدأ تطبيقه السنة الماضية، ويفرض عقوبات مالية قاسية على مخالفيه. وإذا حاولت مجموعات الضغط التابعة لهذه الشركات أن تخفف من مفاعيل أي قانون أميركي جديد، فهذا يمثل دلالة واضحة على أن هذه الشركات ليست مهتمة بتنفيذ هذا القرار.

2. اتخاذ إجراءات أكثر تشدداً إزاء خطاب الكراهية والأخبار المزيفة

قدمت لنا السنة الماضية المزيد من الأدلة حول إمكانية التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي للتسبب بالعنف حول العالم. وقد أقرت شركة فيسبوك أنها سمحت بمنشورات تحرض على العنف ضد شعب الروهينجيا في ميانمار، كما أن منصتها حُظرت بشكل مؤقت في سريلانكا بسبب مخاوف حول استخدامها لإثارة النزاعات هناك. أما في الولايات المتحدة، فقد ترددت شركة تويتر في مسألة حذف حسابات مروج نظريات المؤامرة اليميني المتطرف أليكس جونز وموقعه إنفو وورز، ولكنها فعلت ذلك أخيراً.

كانت هناك بعض البوادر المشجعة الدالة على أن الشركات التكنولوجية بدأت أخيراً باتخاذ إجراءات أكثر جرأة ضد المعلومات المزيفة. فسوف تعتمد بشكل كبير على خوارزميات أفضل لمساعدتها على مراقبة المحتوى في 2019، ولكن هذه الطريقة ما زالت محدودة بنيوياً إلى حد ما. كما أنها على وشك مواجهة امتحان صعب للغاية مع ظهور الفيديوهات والملفات الصوتية التي قام الذكاء الاصطناعي بتزييفها. ومن المؤكد أن هذا "التزييف العميق" سيزيد من صعوبة تحديد موثوقية المعلومات. وستحتاج شركات التواصل الاجتماعي إلى تخصيص موارد وخبرات كبيرة في هذا العام لمواجهة خطر التزييف العميق.

3. زيادة تشجيع التنوع في صفوف القوى العاملة

ما زالت الأغلبية العظمى من العاملين في وادي السيليكون من الذكور والعرق الأبيض أو الآسيوي. وقد تعهدت الشركات التكنولوجية الكبيرة، مثل تويتر وفيسبوك وجوجل، بتنفيذ برامج على مدى عدة سنوات لزيادة التنوع، كما أن بعضها يدقق قوائم الموظفين وفق العرق والجنس بشكل منتظم لمتابعة التقدم في هذه العملية.

ولكن هذه النقلة ما زالت شديدة البطء بالنسبة للكثيرين، بمن فيهم مدير تنفيذي سابق في فيسبوك من أصول أفريقية قام مؤخراً بكتابة ونشر مذكرة عامة اتهم فيها الشركة بأنها "خذلت موظفيها ومستخدميها من ذوي الأصول الأفريقية". واستجابة لهذه المذكرة، قالت فيسبوك أنها ملتزمة بفعل كل ما في طاقتها حتى تكون حقاً شركة شاملة للجميع بدون تمييز. لا شك في أن مجموعات الحقوق المدنية ووسائل الإعلام ستراقب فيسبوك وغيرها من شركات وادي السيليكون عن كثب في 2019، وذلك حتى ترى ما إذا كانت ستفي بوعودها التعددية.

4. دفع حصة عادلة من الضرائب

تحاول كل الشركات تخفيض مقدار الأموال المدفوعة إلى السلطات الضريبية، وليست الشركات التكنولوجية الكبيرة مختلفة عن غيرها من هذه الناحية. غير أنها تبذل جهوداً كبيرة لتجنب دفع الضرائب عن طريق شبكة عالمية ومعقدة من الحسابات البنكية، ما أدى إلى تصاعد الغضب الشعبي مع تراكم أرباحها. وتعمل بعض البلدان مثل المملكة المتحدة وفرنسا على فرض ضرائب رقمية جديدة على الشركات مثل آبل وجوجل وفيسبوك. ولمنع تحول التبعات التكنولوجية إلى تبعات ضريبية، يجب على الشركات التكنولوجية العملاقة في 2019 أن تبدأ بالتخفيف من إجراءاتها المريبة التي تهدف إلى تفادي الضرائب.

5. التوقف عن استخدام شركات العلاقات العامة لتشويه سمعة المنتقدين

قد يكون هذا القرار من أسهل القرارات، خصوصاً بعدما كشفت نيويورك تايمز في السنة الماضية عن استخدام فيسبوك لشركة ديفاينرز بابليك أفيرز. وقد حاولت هذه الشركة التي تعمل في مجال العلاقات العامة أن تسيء إلى سمعة بعض منتقدي فيسبوك بالتلميح إلى أنهم كانوا يحصلون على التمويل من مجموعات ذات صلة بجورج سوروس، وهو مستثمر معروف يتعرض بشكل متكرر إلى هجمات تتسم بمعاداة السامية. كما عملت هذه الشركة على نشر العشرات من المقالات التي تهاجم جوجل وآبل بتهمة ممارسات لا أخلاقية في الأعمال.

6. الابتعاد عن الممارسات المعادية للمنافسة

يُعتبر الاحتكار من الأشياء المحببة إلى شركات وادي السيليكون، وقد حققت أغلبية الشركات التكنولوجية العملاقة نفوذاً وهيمنة كبيرين في أسواقها. قد لا يكون الاحتكار بالضرورة سيئاً بالنسبة للمستهلكين أو الاقتصاد عموماً، ولكن الشركات التكنولوجية العملاقة أساءت استغلال نفوذها حتى تحطم أي منافسة محتملة بشكل غير عادل. ففي السنة الماضية، فرض مسؤولو مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي على جوجل غرامة بقيمة 5 مليار دولار بتهمة السلوك الاحتكاري، وقد قدمت الشركة اعتراضها على الغرامة.

تمثل هذه القضية دلالة أخرى على تنامي المخاوف حول نفوذ الشركات التكنولوجية العملاقة في السوق. ولا يقتصر هذا الأمر على أوروبا وحسب، فقد قال مسؤولو مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة أيضاً أنهم سيدققون في سلوكيات الشركات التكنولوجية. ولهذا، يجب على عمالقة وادي السيليكون أن يكونوا أكثر حذراً في 2019 إذا أرادوا تجنب المزيد من الصداع القانوني.

7. عدم نسيان القرارات والوعود

كما يعرف كل من يتخذ قراراً ما للعام الجديد، قد يكون من الصعب الالتزام بهذا القرار. ولهذا، قد يكون من المناسب وجود أسلوب ما للتذكير المستمر به، ويجب على كبار شركات وادي السيليكون محاولة إيجاد وسائل مبتكرة للحفاظ على التزاماتهم في أعلى سلم أولوياتهم.

نقدم هنا اقتراحاً لزوكربيرج. ففي 2009، عندما كان الاقتصاد العالمي في أزمة شاملة، كان قراره ارتداء ربطة عنق يومياً كتذكير بأن فيسبوك تحتاج إلى المزيد من الجدية إزاء تطوير نموذج أعمال مستدام. وفي 2019، يجب أن يكون أحد قراراته ارتداء ربطة عنق وبدلة رسمية إلى العمل يومياً، كتذكير له بالمشاكل الكبيرة التي يجب على فيسبوك أن تعالجها بأسرع ما يمكن. وعلى كل حال، وبعد جلسات الاستنطاق في الكونجرس، لن تكون هذه أول مرة يرتدي فيها ملابس رسمية ضمن وضع متأزم.

المحتوى محمي