روبوت يبحث في القمامة ويميِّز المواد القابلة لإعادة التدوير عن غيرها

3 دقائق
مصدر الصورة: جيسون دورفمان، مختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي في إم آي تي

صندوق بيتزا ملوث بالدهن، كوب قهوة يستخدم لمرة واحدة، علبة لبن رائب... أهي قمامة لا أمل منها أم أنها تصلح لإعادة التدوير؟ غالباً ما نصاب بالارتباك إزاء ما يمكن وما لا يمكن تدويره، خاصة وأن الإجابة تعتمد على منشآت إعادة التدوير في محطة معالجة المخلفات المحلية. ففي الكثير من هذه المحطات، ليس من الممكن تدوير الكرتون المشبع بالدهن أو الأكواب المبطنة بالبولي إيثيلين، ولهذا تؤخذ إلى مطمر القمامة، وغالباً ما تأخذ معها كمية من المواد الصالحة لإعادة التدوير.

قالت إحدى الشركات الأميركية لمعالجة المخلفات إن 25% من مجمل مواد إعادة التدوير التي تتلقاها ملوثة للغاية لدرجة وجوب إرسالها على الفور إلى المطامر. كما أن مقدار المخلفات المنزلية غير الصالحة لإعادة التدوير في إنجلترا ازداد بمقدار 84% بين 2011-2012 و2014-2015، وفقاً للإحصائيات الحكومية. ويبدو أن الأمور ستتفاقم، حيث إن معظم مخلفات العالم تُباع إلى الصين لإعادة التدوير، غير أن الصين فرضت مؤخراً معايير أشد صرامة على مقدار التلوث المقبول في مواد إعادة التدوير، فأي شيء ملوث بنسبة تتجاوز 0.5% سينتهي به المطاف في الأرض.

ولهذا علينا أن نحسِّن من طريقتنا في فرز القمامة. تستخدم مراكز إعادة التدوير الكبيرة المغانط لسحب المعادن، والفلاتر الهوائية لفصل الورق عن المواد البلاستيكية الأثقل وزناً، وعلى الرغم من هذا، فإن معظم عمليات الفرز تُجرى يدوياً، وهو عمل يتصف بالقذارة والخطورة؛ وهو ما دعا ليليان تشين وزملاءها في مختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي في إم آي تي إلى تطوير ذراع روبوتية ذات مقبض ليِّن يلتقط الأجسام من الحزام الناقل ويحدد المادة المصنوعة منها باللمس. يستخدم الروبوت (المسمى: روسايكل) حساسات سعوية في ملقطيه لتحسس حجم المواد التي يلتقطها وقساوتها، مما يسمح له بالتمييز بين المعادن والبلاستيك والورق. وفي بيئة محاكاة لمحطة إعادة تدوير مع حزام ناقل يحمل أجسام المخلفات، تمكن روسايكل من فرز 27 جسماً بدقة 85%.

تعتقد تشين أنه يمكن استخدام روبوت كهذا في أماكن مثل مجمعات الشقق السكنية أو ضمن الحرم الجامعي لتنفيذ مرحلة أولى من عملية الفرز للمخلفات بشكل فوري، مما يخفف من المواد الملوثة الواردة إلى محطات المعالجة.

يعمل آخرون على تطوير روبوتات تقوم بتصنيف المواد مرئياً، ولكن الفريق يعتقد أن استخدام اللمس أكثر دقة، حيث تقول تشين: "عند فرز دفق كبير من المخلفات، توجد الكثير من الفوضى والأشياء المخبأة، ولهذا لا يمكنك أن تعتمد على الصورة فقط حتى تعرف ما يجري".

يقول هاري هولوباينين في شركة زين روبوتيكس، وهي شركة في هيلسنكي بهولندا، وتصنع روبوتات فرز المخلفات بالطريقة المرئية: "إن هذه الفكرة جميلة، حيث إن البشر يتلقون الكثير من المعلومات عن طريق اللمس".

أما الناحية السلبية لهذه الطريقة فهي أن التقاط الأجسام واحداً تلو الآخر يستغرق الكثير من الوقت، وهو ما يجعل من روسايكل بطيئاً بالنسبة لمحطات إعادة التدوير الصناعية، التي يتطلب تشغيلها تكاليف باهظة، ويجب أن تعالج النفايات بسرعة حتى تغطي التكاليف. وعلى سبيل المثال، تستطيع بعض روبوتات زين روبوتيكس فرز 4,000 جسم في الساعة الواحدة، ويعتقد هولوباينين أن روسايكل يجب أن يعمل بحوالي 10 أضعاف سرعته الحالية حتى يتمكن من المنافسة.

ويعمل الفريق على الجمع ما بين الروبوت اللمسي والنظام المرئي لتسريع العمل، وذلك بجعل الروبوت يقوم بمسح الأجسام المارة أمامه، ويلتقط فقط تلك التي لم يتمكن من تحديدها مرئياً بدقة. يمكن أن يكون روسايكل أيضاً بارعاً في تحديد الأدوات الكهربائية ذات الهياكل البلاستيكية، مثل متحكمات ألعاب الفيديو أو الألعاب الإلكترونية. حيث إن النظام المرئي لن يرى سوى البلاستيك، ولكن حساسات روسايكل السعوية قادرة على كشف الكنوز المخبأة في الداخل. وقد تمكن من الفريق من تحقيق هذه العملية في أحد النماذج الأولية، ولكن الوصول إلى فعالية جيدة يتطلب المزيد من الحساسات، كما تقول تشين.

ما أن يتم تحديد الجهاز الكهربائي، نصبح بحاجة إلى يدين لتفكيكه. لقد استعرضت آبل روبوتين (ليام في 2016، وديزي في 2018) قادرَين على تفكيك آيفون في ثوان معدودة، ولكن يقول هولوباينين: "هذا سهل جداً، لأنهم يعرفون كل تفصيل ضمن هذه الهواتف".

يجب إذن أن يقوم الجيل المقبل من روبوتات إعادة التدوير بتفكيك أي جسم إلى قطع للحصول على المواد الجيدة. يقول هولوباينين: "إن الأجسام المصنَّعة يجب أن تُفكَّك ويعاد تدويرها في نهاية المطاف، وفي المستقبل، ستقوم الروبوتات بالفرز والتفكيك".

المحتوى محمي