علماء يصنعون روبوتات حية صغيرة قد تُحدِث ثورة في علم الطب

3 دقيقة
علماء يصنعون روبوتات حية صغيرة قد تُحدِث ثورة في علم الطب
حقوق الصورة: shutterstock.com/angellodeco

باستخدام خلايا القصبة الهوائية عند البشر، طوّر علماء من جامعة تافتس الأميركية روبوتات حيوية صغيرة أطلقوا عليها اسم أنثروبوت (Anthrobot)، والتي تمكنت من تحفيز نمو الخلايا العصبية البشرية على طبق المختبر.

صُمِمت الروبوتات الحيوية التي يتراوح حجمها من عرض شعرة الإنسان إلى رأس قلم رصاص، لتتجمع مع بعضها وتُنشئ كتلاً حيوية، كما تبين أن لها قدرة على تحفيز نمو الخلايا العصبية البشرية، يُعد ذلك خطوة أولى نحو استخدام الروبوتات الحيوية المشتقة من المرضى كأدوات علاج للتجديد والشفاء.

اقرأ أيضاً: لأول مرة: العلماء ينجحون في وضع خريطة أولية فائقة الدقة للدماغ البشري فماذا سيعني ذلك للعلم؟

زينوبوت كانت مصدر الإلهام

اعتمد تطوير أنثروبوت على عمل سابق لعلماء آخرين تمكنوا من تطوير روبوتات حيوية من خلايا أجنة الضفدع تُسمَّى زينوبوت (Xenobot)، والتي يمكنها التحرك في الأوساط جميعها وشفاء نفسها من الجروح وحتى التكاثر من تلقاء أنفسها. في ذلك الوقت، ظن العلماء أن قدرات التجديد التي تتمتع بها الزينوبوت تعود إلى أصلها الجنيني، ولم يعرفوا ما إذا كان من الممكن صناعة روبوتات مماثلة من خلايا غير جنينية.

لكن الطالبة جيزيم جوموسكايا وجدت أن الروبوتات الحية يمكن تصنيعها من خلايا بشرية بالغة دون أي تغيير جيني عليها، وأظهرت أن هذه الروبوتات تتمتع ببعض القدرات التي تتجاوز قدرات الزينوبوت.

طرح ذلك مجموعة أسئلة؛ هل يمكن تجميع هذه الروبوتات معاً في الجسم لتكوين هياكل حيوية حسب الطلب وتعويض الخلايا والأنسجة التالفة؟ وهل يمكن التحكم فيها لأداء مهام محددة؟

جوموسكايا، التي حصلت على شهادة في الهندسة المعمارية قبل دراسة علم الأحياء قالت إنهم أرادوا استكشاف ما يمكن أن تفعله هذه الروبوتات، وذلك من خلال استخدامها كطوب لبناء هياكل حيوية محددة، على غرار الطريقة التي تُستخدم بها الحجارة لبناء الجدران أو الأعمدة.

اقرأ أيضاً: رجل مصاب بمرض باركنسون يستعيد القدرة على المشي بفضل زرعة في النخاع الشوكي

تشجيع الخلايا العصبية البشرية على النمو

وجد الباحثون أن استخدام الروبوتات الحيوية لا يقتصر على إنشاء هياكل حيوية متعددة الخلايا، بل يمكنها التحرك بطرق مختلفة على سطح الخلايا العصبية البشرية المزروعة في طبق المختبر وتشجيعها على النمو من جديد وملء الفجوات الناجمة عن الخدوش.

تضمنت تجربتهم هذه زراعة طبقة رقيقة من الخلايا العصبية البشرية، وخدش هذه الطبقة بقضيب معدني رفيع، أي إنشاء جروح مفتوحة خالية من الخلايا.

المفاجئ أن الروبوتات الحية التي تحركت فوق الخلايا العصبية حفّزت نموها في مناطق الجروح، ما أدّى إلى إنشاء جسر من الخلايا العصبية بسماكة بقية الخلايا السليمة الموجودة. في حين لم تنمُ الخلايا العصبية في الجروح التي لم تتحرك فوقها الروبوتات. أكد ذلك أن هذه الروبوتات قادرة على تحفيز نمو الخلايا العصبية وتجديد الأنسجة العصبية.

ليس من الواضح بعد كيف تشجّع هذه الروبوتات الخلايا العصبية على النمو، لكن الباحثين أكدوا أن الخلايا العصبية نمت تحت المنطقة التي تغطيها الروبوتات، وأنهم يريدون إجراء المزيد من الأبحاث لفهم آلية حدوث ذلك.

اقرأ أيضاً: الأرحام الاصطناعية: إليك كلَّ ما يجب أن تعرفه عنها

استخدامات هذه الروبوتات الحيوية

تشمل مزايا استخدام الروبوتات الحيوية القدرة على إنشاء روبوتات من خلايا المريض نفسه لعلاجه من الأمراض دون المخاطرة بإثارة استجابة مناعية أو الحاجة إلى إعطائه مثبطات المناعة. ونظراً لأن هذه الروبوتات تبقى بضعة أسابيع فقط قبل أن تتحلل، يمكن بسهولة التخلص منها بعد انتهاء عملها، أي أنها لا تبقى بالجسم فترة طويلة.

بالإضافة إلى ذلك، خارج الجسم، لا تستطيع هذه الروبوتات أن تبقى على قيد الحياة إلّا في ظروف مخبرية خاصة. لذلك، ليس هناك أي خطر من انتشارها غير المقصود خارج المختبر، كما أنها لا تتكاثر، ولم يُطبّق أي تعديلات جينية عليها، وبالتالي لا يوجد خطر في تطورها إلى خلايا ضارة بالإنسان والكائنات الحية الأخرى.

يأمل الباحثون أيضاً في إمكانية تطوير هذه الروبوتات لتؤدي مهاماً أخرى، بما في ذلك إزالة الترسبات المتراكمة في شرايين مرضى تصلب الشرايين أو إصلاح النخاع الشوكي أو تلف أعصاب شبكية العين أو التعرف على البكتيريا أو الخلايا السرطانية وتدميرها أو إيصال الأدوية إلى الأنسجة المستهدفة بدقة.

 

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تساهم هذه الروبوتات الحيوية في إعطاء دفعة قوية لتطوير الأورجانويدات، وهي بمثابة نماذج مصغرة للأعضاء يتم إنشاؤها في المختبرات حسب الطلب، ثم تتطور لتمثيل عدة أعضاء كالدماغ والقلب والكبد. على سبيل المثال، تشير الدكتورة ملاك عابد الثقفي، رئيسة قسم علم الأمراض العصبية ومديرة برنامج الزمالة في كلية الطب في "جامعة إيموري الأميركية"، في مقالة حديثة نشرت على إم آي تي تكنولوجي ريفيو إلى أن  الأورجانويدات الدماغية أظهرت خصائص كهروفسيولوجية مشابهة لموجات الدماغ الحقيقية، ما ساعد الباحثين على تقديم نماذج دقيقة لأمراض معقدة مثل ألزهايمر وباركنسون، وتجربة العلاجات وتقنيات تحرير الجينوم كتقنية كريسبر في بيئة مضبوطة. لذا، كان دور "العضو في طبق" محورياً في تعزيز فهمنا لتطور الأعضاء ومسارات المرض.

اقرأ أيضاً: دراسة نيورالينك على المصابين بالشلل: تجربة جريئة ذات مخاطر ومكافآت كبيرة

باختصار، قد تكون هذه الروبوتات الحية بمثابة الدواء لعلاج الكثير من الأمراض المستعصية، وتصميم علاجات تناسب حالة كل مريض، دون أن تؤدي إلى أي أثار جانبية أو مضاعفات، ما يشكّل ثورة في علم الطب.

المحتوى محمي