أدّى نمو عدد سكان العالم والمتوقع أن يصل إلى أكثر من 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050 إلى وضع الشركات الزراعية في موقف صعب، حيث يتطلب الارتفاع الحاد في عدد السكان مضاعفة الإنتاج الزراعي لتلبية الطلب القادم، من خلال إنتاج المزيد من الطعام لتلبية الاحتياجات الغذائية لمليارات البشر في العالم. علاوة على ذلك، مع النقص الشديد في العمالة في القطاع الزراعي، هناك حاجة ماسة إلى تطبيق الأتمتة في العمليات التشغيلية للتصدي لهذه التحديات.
من ضمن الطرق التي لجأ إليها المزارعون لمواجهة التحديات المتصاعدة في القطاع الزراعي، اللجوء إلى الروبوتات والآلات ذاتية التحكم لمراقبة خصوبة التربة وتحليلها ومراقبة تفشي الآفات. فما هذه الروبوتات وكيف يمكن لها أن تساعد في التغلب على تناقص القوى العاملة في القطاع الزراعي؟
ما هي الروبوتات الزراعية (Agricultural Robot)؟
تم تطوير الروبوتات الزراعية (Agricultural Robot) لإحداث ثورة في الزراعة، حيث يمكنها أداء مهام متعددة، مثل الزراعة والري وحتى حصاد المحاصيل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد أيضاً في زيادة إنتاج المحاصيل من خلال العمل لساعات أطول وفي ظروف أكثر صعوبة من العمال البشر.
فقد نما قطاع الروبوتات الزراعية بنسبة كبيرة مع بحث المزارعين عن طرق أكثر عملية لخفض التكاليف وتحسين الكفاءة، وعادةً ما يتم تصميم الروبوتات الزراعية لأداء مهمة محددة أو أكثر في المزرعة. على سبيل المثال، يمكن استخدامها في حصاد المحاصيل والزارعة معاً، من خلال التحكم فيها بواسطة نظام حاسوب مبرمج مسبقاً.
اقرأ أيضاً: تقنيات إنتاج الغذاء الحديثة قد تعيد 80% من الأراضي الزراعية في العالم إلى الطبيعة
أهمية الروبوتات الزراعية في القطاع الزراعي
تنبع الحاجة إلى الروبوتات الزراعية في أنها تعتبر أداة أساسية في الزراعة، من خلال المساعدة في مجموعة متنوعة من المهام، بما في ذلك الزراعة والري وحصاد المحاصيل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدامها لتحديد وتتبع الأعشاب والآفات والأمراض، ما يساعد المزارعين على إدارة محاصيلهم بشكل أفضل وضمان عائد مرتفع.
على سبيل المثال، يعمل فريق بقيادة أستاذ العلوم الميكانيكية والهندسة في جامعة إيلينوي المصري سامح توفيق، على تطوير روبوت مستوحى شكله وعمله من حشرة الخنفساء، حيث يهدف الفريق إلى تطوير مثل هذه الروبوتات لمراقبة أكثر دقة للبيئات الزراعية، بدلاً من الطائرات المسيَّرة التي لديها القدرة على المراقبة، ولكن قد لا تتمكن من قياس جودة التربة أو مراقبة نمو النباتات بشكل دقيق.
اقرأ أيضاً: الطائرات المُسيَّرة تقدم حلاً فعالاً لإعادة زراعة الغابات المحترقة
بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من أنواع الروبوتات الزراعية المختلفة المتاحة، ولكل منها غرضه الفريد، حيث توجد روبوتات زراعية لفحص المحاصيل من الآفات والأمراض، بالإضافة إلى تقديم معلومات حول ظروف التربة واحتياجات المياه، ومن شأن هذه المعلومات أن تساعد المزارعين في اتخاذ قرارات بشأن وقت استخدام مبيدات الآفات أو الري.
كما يوجد نوع آخر من الروبوتات الزراعية وهي روبوتات الحصاد، والتي تستخدم لأتمتة عملية حصاد الفواكه والخضروات، ما يمكن أن يساعد في تقليل تكاليف العمالة وتحسين الكفاءة، كما يمكن أيضاً تجهيزها بأجهزة استشعار تساعدها في تجنب إتلاف المحاصيل الحساسة.
تحديات استخدام الروبوتات في القطاع الزراعي
يعد استخدام التكنولوجيا في الزراعة مجالاً سريع النمو في السنوات الأخيرة، حيث كان إدخال الروبوتات الزراعية أحد أكثر التطورات إثارة، فقد أثبتت أن لديها القدرة على إحداث ثورة في الطريقة التي نتعامل بها مع الزراعة وإنتاج الغذاء، ومع ذلك هناك العديد من التحديات التي تواجه القطاع الزراعي عند استخدام الروبوتات، منها:
- التكلفة العالية: يبلغ متوسط تكلفة روبوت المزرعة نحو 20 ألف دولار، ويمكن أن يكون هذا السعر حاجزاً أمام العديد من المزارعين في تبني هذه التكنولوجيا.
- الصيانة الدائمة: تتطلب الروبوتات الزراعية عمليات صيانة وإصلاحات منتظمة، ما قد يزيد التكلفة الإجمالية.
- الحاجة إلى أيدي مدربة: لتشغيل وصيانة الروبوتات، ما يمكن أن يشكل عائقاً كبيراً للمزارعين الذين ليسوا على دراية بالتكنولوجيا، وكذلك بالنسبة للبلدان التي تفتقر إلى الخبراء المهرة.
اقرأ أيضاً: أهم استخدامات تكنولوجيا النانو في مجال الزراعة
الوضع الحالي والإمكانات المستقبلية للروبوتات الزراعية
كان مفهوم استخدام الروبوتات في الزراعة موجوداً منذ عقود، ولكن في السنوات الأخيرة فقط سمحت التطورات التكنولوجية بالتطبيق على نطاق واسع لهذه التكنولوجيا، حيث كانت الأمثلة المبكرة للروبوتات الزراعية عبارة عن آلات بسيطة تستخدم في مهام مثل الحصاد والزراعة وتحليل التربة. ومع ذلك، مع ظهور تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، أصبحت الروبوتات الزراعية أكثر تعقيداً وقادرة على أداء المهام المعقدة بكفاءة ودقة أكبر.
على سبيل المثال، وجدت دراسة أجرتها شبكة أبحاث الروبوتات الأوروبية أن نظام الروبوت المستخدم في مهام البستنة زاد من الكفاءة بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بالطرق التقليدية، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى توفير كبير في الوقت والتكلفة للمزارعين، فضلاً عن تحسين إنتاجية المحاصيل.
علاوة على ذلك، أصبحت الروبوتات الزراعية المدعومة بالذكاء الاصطناعي أكثر قدرة على جمع البيانات وتحليلها في الوقت الفعلي. على سبيل المثال، أصبح استخدام الطائرات المسيَّرة في الزراعة شائعاً بشكلٍ متزايد في السنوات الأخيرة، ما يوفر للمزارعين معلومات قيّمة عن محاصيلهم وظروف التربة، ويساعد في اتخاذ قرارات أكثر استنارة بشأن الزراعة والري ومكافحة الآفات، ما يؤدي بدوره إلى تحسين نوعية المحاصيل وتقليل التكاليف.
اقرأ أيضاً: الطيف الواسع للزراعة الدقيقة: كيف نتجاوز التحدي المعرفي وأمية التقنية؟
ختاماً، مع التطورات التكنولوجية، أصبح القطاع الزراعي أكثر توجهاً لاستخدام الروبوتات في العمليات التشغيلية للفوائد العديدة التي تقدمها، كما أن سوق الروبوتات الزراعية في نمو متصاعد، حيث أظهر تقرير حديث لمركز أبحاث السوق ريبورت لينكر (Reportlinker) أنه من المتوقع أن تصل قيمة سوق الروبوتات الزراعية العالمية إلى 11 مليار دولار بحلول نهاية عام 2026، وهو ما يمكن أن يبين أن هناك اعترافاً دولياً بالروبوتات الزراعية والفوائد التي يمكن أن تجلبها إلى صناعة الزراعة.