مؤخراً، عندما أجريت استبياناً بين بعض الزملاء حول آرائهم بنغمة المنبه الافتراضية في آيفون، والتي تحمل اسم رادار (Radar)، كانت إجابات الجميع سلبية إلى درجة مؤلمة:
- "إنها أشبه بطفل ناتج عن زواج بين التوتر والإزعاج"، أنجيلا سبيداليت، مديرة لقاءات، منظمة نيو أميركا (New America)
- "كريهة بالمطلق"، إيموجين ويست-نايتس، كاتبة مساهمة، مجلة سليت (Slate)
- "شبيهة للغاية بإنذار الزلازل"، إيزابيل ميغويا، زميلة، مبادرة فيوتشر تنس (Future Tense)
- "هجوم صوتي مقزز"، دانييل شرودر، من المدونة الصوتية آي سي واي إم آي (ICYMI)، سليت
- "ترتبط في ذهن كافة أفراد عائلتي بالحاجة، وهو شيء لا يطيقه أحد!"، ريبيكا أونيون، محررة رئيسية، سليت
- "أكرهها (أليس هذا ما يفترض أن يحدث؟)" أندريس مارتينيز، مدير تحرير، فيوتشر تنس
- "إنها تشبه إقحام حربة في أذنيك"، لورا ميلر، كاتبة عمود صحافي مختصة بالكتب والثقافة، سليت
في الواقع، يكاد يكون من المستحيل العثور على أي شخص يستمتع بالاستيقاظ على هذه النغمة الشهيرة التي تطنطن في الأذن بشكل مزعج (لمزيد من التوصيفات، يمكنك قراءة التعليقات على هذا الفيديو الذي يتضمن تكراراً للنغمة مدة 10 ساعات على يوتيوب (YouTube)، وهو مقطع فيديو يمثل وجوده لغزاً محيراً بقدر صوت رادار نفسه).
اقرأ أيضاً: هاتف آيفون يحتفظ بخريطة للأماكن المهمة التي تزورها: إليك كيف تعطل هذه الميزة
لسنا الأفضل لكننا الوحيدين: لسان حال نغمة رادار
أما الذين يواصلون استخدام هذه النغمة، فيقومون بهذا مدفوعين بنوع من الخمول العنيد والمتهور، أو لمجرد إحساس بالاستسلام للأمر الواقع، لأن البدائل ليست أفضل بكثير.
تقوم شانون بالوس، وهي من كبار المحررين في سليت، بمزج رادار مع مجموعة من أصوات المنبه الأخرى، بما فيها رادار وصوت "المنبه التقليدي" المرعب، وتصف نفسها بأنها "غاضبة ولكنها مترددة!" إزاء الخيارات المتاحة. وهو ما أشعر به أيضاً. فلدي منبهات تنتظر لحظة الانطلاق في 95 توقيتاً مختلفاً خلال النهار (حرفياً)، ويعود هذا إلى أنني أقوم ببرمجة المنبهات حتى ترن في 6:00 صباحاً و6:05 صباحاً و6:10 صباحاً و6:15 صباحاً. إضافة إلى أنني لم أقم بحذف أي منبه قمت بضبطه خلال فترة ملكيتي لهاتف آيفون، والتي تمتد 10 سنوات. وقد حاولت استبدال نغمات رنين المنبه الموجودة في الهاتف بشيء أقل فظاعة، مدفوعة بشكل أساسي بطلب من زوجي الذي يستخدم هاتف سامسونغ بنغمة افتراضية أكثر لطفاً بكثير. ولكننا ما زلنا نستيقظ أغلب الصباحات على نغمة رادار. أو بالأحرى، ووفقاً لصياغة بسيطة للغاية بكلمات دان كويس، الكاتب في سليت: "ما زلت أستخدم رادار بسبب غبائي".
اقرأ أيضاً: 10 نصائح لإطالة مدة عمل بطارية الآيفون وزيادة عمرها
سيئة علميّاً أيضاً وغير محفزة على الإنتاج
ولكن نغمة رادار ليست مريعة استناداً إلى الروايات المتناقلة عنها وحسب، بل هي مريعة من الناحية العلمية أيضاً. فهي تبدأ مع فكرة الصوت نفسه، كما يقول الباحث المختص بالتحفيز السمعي والأداء البشري، ستيوارت ماكفارلين. ففكرة الرادار –الجهاز المستخدم للمراقبة والإنذار عند التقاط الخطر- تحمل إيحاءات سلبية ومثيرة للتوتر، كما قال لي ماكفارلين، وهو بشكل عام "الانطباع الخاطئ عند تصميم صوت للاستيقاظ بشكل إيجابي وبدرجة عالية من النشاط". يتبع مستوى الصوت نمطاً تراجعياً، حيث يبدأ عالياً ويصبح أخف بالتدريج، ليعود إلى تكرار هذه التغيرات وفق حلقة سريعة. ومن وجهة نظر تطورية، كما يقول ماكفارلين، يشير الصوت العالي الذي يخفت بالتدريج إلى وجود خطر قريب، ما قد يؤدي إلى إثارة التوتر، أو بالأحرى -كما يشير الكثير من منتقدي نغمة رادار- استجابة "القتال أو الهروب".
وبالتالي، فإن نغمة رادار جيدة لتذكيرك بإطفاء الفرن، أو اقتراب قوات معادية، على سبيل المثال. أما بالنسبة للاستيقاظ من النوم بشكل هادئ ومحفز على الإنتاج؟ كلا، من دون شك.
وهو ما يثير، بطبيعة الحال، التساؤلات حول السبب الذي دعا شركة أبل (Apple) إلى اختيار رادار كنغمة افتراضية في المقام الأول. (لقد وجهت هذا السؤال إلى الشركة، ولكنني لم أحظ برد منها على اتصالاتي أو رسائلي بالبريد الإلكتروني). وكما تقول كبيرة المنتجين المشرفين للصوت في سليت، ديزي روزاريو، فإن "عدد الأشياء المذهلة التي يمكن أن تقوم بها هواتفنا يجعلنا نشعر أنه لا بد من وجود طريقة للعثور على خيارات وأصوات لطيفة وأقل إزعاجاً، بل وربما حتى تركيبها".
أساليب التنبيه عبر التاريخ
وحتى نفهم كيف وصلنا إلى هذه المرحلة، قد يكون من المفيد أن نلقي نظرة على تاريخ أساليب التنبيه، والذي بدأ فعلياً في فترة مقاربة للثورة الصناعية، كما يشير ماكفارلين. ففي ذلك الوقت، كانت أغلب المنبهات عبارة عن نفخات متكررة في بوق بخاري، أو أصوات ناتجة من ضرب الفولاذ بالفولاذ. وعلى الرغم من أننا قطعنا شوطاً كبيراً منذ ذلك الحين، فإن تكنولوجيا التنبيه لم تتغير بنفس القدر. يقول ماكفارلين: "مع تطور هذه التكنولوجيا، فإنها لا تزال تحمل نفس النوع من التصميم الذي يتميز بطابع محدد مؤلف من أصوات حادة وقصيرة وفق تركيبة ما".
ويمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج سيئة. فالانتقال بين حالة النوم وحالة الانتباه الكامل يمكن أن يستغرق فترة تصل إلى 4 ساعات، وفقاً لماكفارلين. وتعرف حالة الارتخاء خلال مرحلة الانتقال باسم خمول النوم، وتتضمن "انخفاضاً ملحوظاً في الأداء الإدراكي". وهو أمر مزعج من دون شك إذا كان صباحك يبدأ بخروجك من السرير لحضور اجتماع على منصة زوم (Zoom)، ولكنه يمكن أن يشكل خطراً على الحياة إذا كان عملك يتضمن تشغيل معدات ثقيلة (أو القيام بشيء يتعلق بشخص آخر!). إضافة إلى ذلك، فإن خمول النوم يمكن أن يزيد من خطر التنقل الصباحي.
اقرأ أيضاً: 6 تطبيقات تساعدك على النوم الهادئ ليلاً
وقد وجدت أبحاث ماكفارلين أن زيادة نسبة الألحان المتناغمة في نغمات التنبيه تترابط مع تراجع خمول النوم. فهذه الأصوات تشجّع الدماغ على محاولة "فهم وتأطير النغمة. فنحن نحاول استيعابها، وبالتالي فإنها –وفق الفرضية الحالية- تقوم بتنشيط المراكز المتعلقة بالتركيز في الدماغ".
موسيقى تصويرية يحددها أسيادنا قادة الشركات
ومن الوسائل السهلة لتقييم جودة نغمة تنبيه معينة، كما يقول ماكفارلين، هي أن نطلب من الشخص أن يصدرها بالصفير أو الهمهمة، وهو ما يكشف أنها تحمل لحناً موسيقياً. (قد يكون من الممكن أن نحاول هذا مع نغمة رادار، ولكنها ليست بنصيحة جيدة).
وعندما أمسك بالهاتف وأجري تجارب الهمهمة على نغمة سوميت (Summit) أو سلو رايز (Slow Rise)، في محاولة لتحديد النغمة الأفضل، لا يسعني إلا أن أفكر في تأثير قرارات التصميم البسيطة ظاهرياً من شركات مثل أبل على حياتنا، وانعكاساتها الفعلية على الصحة العقلية والصالح العام للمستخدمين. وللإنصاف، فإن شركة أبل وضعت خيارات إضافية للمنبه ضمن إعدادات النوم والاستيقاظ، وهي "خيارات أفضل بكثير من خيارات المنبه المعتادة" وفقاً لمنتجة المدونة الصوتية وات نيكست (What Next)، مادلين دوشارم. وعلى الرغم من أن بعض المستخدمين سيلجؤون إلى هذه البدائل، فإن معظمهم سيبقون عالقين مع الخيارات الافتراضية.
هناك أيضاً بعض الحالات المميزة، مثل الكاتب العامل في سليت، هنري غاربار، والذي يحمل كراهية شديدة لأصوات آيفون، إلى درجة أنه "اشترى جهاز راديو باهظ الثمن مع ساعة منبه وشاشة مضيئة". ولكنه بأي حال، حالة واحدة مميزة، ولا يمثل قاعدة عامة. وفي 2012، أوردت مجلة كمبيوتر وورلد أن "ساعات المنبه وساعات اليد هي أكثر الأجهزة التي حلت الهواتف الذكية محلها"، مستشهدين بدراسة من شركة الاتصالات البريطانية أو تو (O2)، والتي وجدت أن 54% من مستخدمي الهواتف الذكية توقفوا عن استخدام ساعات المنبه.
وبالتالي، وفي المحصلة، فإن الأصوات الافتراضية التي تختارها الشركات "أقرب إلى الموسيقى التصويرية التي يحددها أسيادنا قادة الشركات، والتي سترافقنا في حياتنا لسنوات عديدة مقبلة"، كما يصفها المدير المساعد لفيوتشر تنس، جوي إيشريتش.
اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تكشف عن تأثيرات الحرمان من النوم على الجسم
من المرجح أنك تقول لنفسك: كفانا تباكياً على نغمة المنبه! فالمنبهات جميعاً مكروهة في نهاية المطاف. ربما نكره نغمة رادار لأنها الأكثر انتشاراً بين مستخدمي آيفون. وكما يقول المدير العام لعمليات المدونات الصوتية في سليت، بن ريتشموند، فإنه من المحتمل أن "كراهية رادار أقرب إلى التطبع منها إلى الطبع".
ولهذا، أقدم إلى جميع المشككين قصة رعب قصيرة حول رادار، من تأليف نائب رئيس التكنولوجيا في سليت، غريغ لافالي:
كان لدينا بعض القطط التي أصيبت، بعد التقدم في السن، بما يشبه الخرف. وبدأت تهاجمنا؛ وتخدش أرجلنا ووجوهنا وكل ما يمكن أن تصل إليه. ومن الأشياء التي كانت تثير جنونها (لم نستطع تحديدها جميعاً) نغمة المنبه رادار في أجهزة آيفون. ففي أول حادثة من هذا النوع، انطلقت النغمة وقفزت القطة فوق زوجتي أثناء نومها، وخدشت وجهها. وفي الحادثة الثانية، كنت مستيقظاً، وسمعت النغمة تنطلق وقلت لنفسي "تباً". واندفعت القطة نحوي وبدأت تخدش ساقيّ. واضطررت إلى الهروب نحو الخزانة، ودفع القطة بعيداً عني باستخدام سلة غسيل، وإغلاق الباب. وبقيت القطة في مكانها تراوح جيئة وذهاباً وهي تزمجر، على حين اتصلنا بالطبيب البيطري. باختصار، قمنا بإلغاء نغمة رادار تماماً. وعلى الرغم من كل جهودنا، فإن القطط التي تهاجم أصحابها لا يمكن العثور على منزل جديد لها بسهولة، كما أن الاحتفاظ بها ليس بالفكرة السديدة. وهكذا، وتجنباً للمزيد من الحوادث، قمنا بإنهاء حياة هذه القطط. فلترقدي بسلام أيتها القطط. وتباً لك يا رادار.