بينت دراسة جديد أنه يمكن وصل العُضيّات الدماغية، وهي مجموعات من الخلايا الدماغية البشرية المستنبَتة في طبق مخبري، مع رقاقة إلكترونية لتنفيذ مهام حسابية بسيطة.
فقد عمد فينغ غو وفريقه في جامعة إنديانا في مدينة بلومينغتون إلى توليد عُضيّ دماغي من خلايا جذعية، ووصله مع رقاقة حاسوبية، ووصل هذا النظام المعروف باسم العتاد الدماغي (Brainoware) بأداة ذكاء اصطناعي. ووجد الفريق أن هذا النظام الهجين قادر على معالجة المعلومات وتعلّمها وتذكرها. وقد تمكن النظام حتى من تأدية بعض مهام التعرف على الكلام على نحو بدائي. نُشِر هذا العمل مؤخراً في مجلة نيتشر إلكترونيكس (Nature Electroics)، ويمكن أن يؤدي يوماً ما إلى بناء أنواع جديدة من أجهزة الكمبيوتر الحيوية الأكثر فاعلية من نظيرتها التقليدية.
محاولات بناء العتاد الدماغي
كان العلماء يحاولون بناء أجهزة كمبيوتر تعتمد على الأنظمة الحيوية المتطورة منذ عدة عقود. ويقول غو إن هذه الأجهزة قد تتمكن من التغلب على بعض العوائق التي تتعرض لها أجهزة الكمبيوتر المبنية على السيليكون، مثل الاختناقات في معالجة البيانات.
فأجهزة الكمبيوتر التقليدية تتفوق على الأدمغة البشرية، وبفارق شاسع، في التعامل مع الأرقام، لكن الأدمغة أفضل في معالجة المعلومات المعقدة بالاعتماد على مقدار منخفض نسبياً من الطاقة. يقول غو: "هذه التجربة الأولى لاستخدام عضيّ دماغي في الحوسبة. ومن المثير للحماسة أن نرى الاحتمالات الممكنة لاستخدام العضيات في الحوسبة الحيوية في المستقبل".
اقرأ أيضاً: شركة تكنولوجيا حيوية تدّعي أنها نجحت في زرع الخلايا المفرزة للدوبامين في الدماغ
استخدام الخلايا الدماغية الحقيقية في إرسال المعلومات وتلقيها
يهدف غو، باستخدام العتاد الدماغي، إلى استخدام الخلايا الدماغية الحقيقية في إرسال المعلومات وتلقيها. عندما طبّق الباحثون إشارات تحفيز كهربائي على النظام الذي بنوه، استجاب العتاد الدماغي لهذه الإشارات، وحدث بعض التغيرات في الشبكات العصبونية. ووفقاً للباحثين، تشير نتائجهم إلى أن النظام الهجين تمكّن من معالجة المعلومات بالفعل، وأنه قد يتمكن حتى من تأدية بعض المهام الحاسوبية دون إشراف.
حاول غو وزملاؤه بعد ذلك التحقق من إمكانية تأدية أي مهام مفيدة باستخدام العتاد الدماغي. ففي أحد الاختبارات، جربوا استخدام العتاد الدماغي في حل المعادلات الرياضية. وطبقوا عليه أيضاً اختبار أداء في مجال التعرف على الكلام، وذلك باستخدام 240 مقطعاً صوتياً لثمانية أشخاص يلفظون الأحرف الصوتية اليابانية. حُوِّلَت المقاطع إلى إشارات كهربائية وطُبِّقَت على نظام العتاد الدماغي. وأدى هذا إلى توليد إشارات في الشبكات العصبونية للعضيّ الدماغي، حيث لُقِّمَت هذه الإشارات لأداة ذكاء اصطناعي بغية تحليلها.
وجد الباحثون أن النظام المكون من عضيّ دماغي وذكاء اصطناعي قادر على تفكيك ترميز إشارات التسجيلات الصوتية، وهو شكل من أشكال التعرف على الكلام، وفقاً لغو. ويضيف قائلاً: "لكن الدقة كانت منخفضة". فعلى الرغم من أن النظام أصبح أفضل أداء مع التدريب، إذ وصل إلى دقة 78% تقريباً، فقد بقي أقل دقة من الشبكات العصبونية الاصطناعية، وفقاً للدراسة.
اقرأ أيضاً: الزرعات الدماغية تساعد في الحصول على تمثيل رقمي لوجه الشخص وتعابيره
وتشير الأستاذة المساعدة المختصة بالصحة العامة في جامعة جونز هوبكنز، لينا سميرنوفا، إلى أن العضيّات الدماغية لا تمتلك القدرة على سماع الكلام فعلاً، بل إنها تبدي "رد فعل" لنبضات التحفيز الكهربائي للمقاطع الصوتية، ببساطة. كما أن الدراسة لم تبين قدرة العتاد الدماغي على معالجة المعلومات وتخزينها على المدى البعيد، أو تعلّم مهام متعددة. إضافة إلى ما سبق، يُعد توليد مجموعات الخلايا الدماغية في المختبر، والحفاظ عليها فترة طويلة كافية لإجراء الحسابات، مهمة في غاية الصعوبة.
لكنها تضيف أنها "تجربة جيدة جداً لتوضيح قدرات العضيّات الدماغية".