الرجاء تفعيل الجافاسكربت في متصفحك ليعمل الموقع بشكل صحيح.

جوجل وأوبن أيه آي في سباق محموم لرسم ملامح مستقبل الذكاء الاصطناعي

5 دقيقة
جوجل وأوبن أيه آي في سباق محموم لرسم ملامح مستقبل الذكاء الاصطناعي
حقوق الصورة: shutterstock.com/Mojahid Mottakin

على مدار العامين الماضيين بدأ تنافس غير معلن بين شركتي جوجل وأوبن أيه آي في صناعة الذكاء الاصطناعي، وازدادت وتيرته في شهر ديسمبر من عام 2024 من خلال إعلانات المنتجات والتحديثات التي كشفت عنها كلتا الشركتين بطريقة متسارعة وغير مشهودة. فعلى مدار شهر كامل شهدنا ظهور العديد من منتجات الذكاء الاصطناعي في فترة زمنية قصيرة جداً بعضها جاهزة للاستخدام فوراً وأخرى في مراحلها التجريبية.

إعلانات المنتجات التي كشفت عنها شركتا أوبن أيه آي وجوجل جعلت صناعة الذكاء الاصطناعي تتساءل حقاً حول حقيقة هذا التسارع المشهود بين الشركتين اللتين كشفتا عن منتجات شبه متطابقة في الوظائف وإن اختلفت أسماؤها. فلماذا هذه السرعة بين الشركتين وجوجل تحديداً؟ وما هي أهداف أوبن أيه آي؟ وكيف سيبدو مشهد التنافس بينهما مستقبلاً؟

اندفاع غير مسبوق من جوجل في الكشف عن منتجات الذكاء الاصطناعي

مع إعلان أوبن أيه آي حدثها الاحتفالي (12 Days Of OpenAI) في بداية شهر ديسمبر الماضي، أصبحت شركة جوجل أكثر يقظة وتأهباً لمواجهة ما تُسفر عنه هذه الاحتفالية حتى بدا أنها قررت إقران حالة التأهب والانتظار بخطوات عملية للتغلب على منافسها الجديد، حيث كشفت عن العديد من منتجات الذكاء الاصطناعي التي فعلياً هي نسخة طبق الأصل من منتجات شركة أوبن أيه آي وكلها في خلال شهر واحد فقط.

على سبيل المثال، أعلنت جوجل نموذج وضع التفكير في جيميناي (Gemini 2.0 Flash Thinking)، وهي النسخة الشبيهة بنموذج التفكير أوبن أيه آي أو ون (OpenAI o1)، بالإضافة إلى الإصدار الثاني التجريبي من نموذج توليد الفيديو فيو 2 (Veo 2)، وهو النسخة الشبيهة بنموذج سورا (Sora) والعديد من المنتجات التي تتكامل بصورة أو أخرى مع بوت الدردشة جيميناي التابع لها بالطريقة نفسها التي تتكامل بها ميزات الذكاء الاصطناعي التي أعلنتها شركة أوبن أيه آي مع منتجها الرئيسي بوت الدردشة تشات جي بي تي.

وفقاً للمراقبين، فإن بعض المنتجات التي أعلنتها الشركتان من المتوقع لها أن تُحدِث تأثيراً هائلاً في قطاع الذكاء الاصطناعي التوليدي وكان من الممكن أن تعمل كلتا الشركتين على إطلاق كل منتج أو ميزة على فترات متباعدة لتأخذ وقتها من التغطية الإعلامية والتجربة والتحليل، لكن إطلاقها بهذه الصورة المتسارعة وخاصة من قِبل شركة جوجل ليس بالأمر الجيد.

والتركيز على شركة جوجل بالتحديد بسبب أن أي خطأ في وظائف أي منتج لها حتى وإن كان بسيطاً قد يُكلفها الكثير مثل حادثة خطأ نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي بارد (Bard) الذي كلّف شركة ألفابيت المالكة لشركة جوجل خسارة تُقدّر بنحو 100 مليار دولار في قيمتها السوقية في غضون يوم واحد.

بعكس شركة أوبن أيه آي التي يعرف الكل أنها شركة ناشئة، لذا فإن هامش الخطأ لديها مقبول إلى حد ما وقد لا يؤثّر فيها كثيراً، فبوت الدردشة التابع لها تشات جي بي تي لا يزال يشهد معدل استخدام كثيفاً على الرغم من الشكاوى المتعلقة بحالات الهلوسة التي تقع فيها عند الرد على بعض المطالبات.

اقرأ أيضاً: لماذا ما يزال حل مشكلة هلوسة الذكاء الاصطناعي صعباً حتى مع آخر تحديثات تشات جي بي تي وجيميناي؟

لماذا تكشف جوجل عن منتجات الذكاء الاصطناعي بسرعة أكبر؟

تُعدّ جوجل من شركات التكنولوجيا الكبرى التي لديها جهود واضحة في دمج الذكاء الاصطناعي في منتجاتها الأكثر شعبية لتحسين تجربة المستخدم. علاوة على ذلك، فإنها أيضاً معروفة بنهجها الواضح في التأني عند الإعلان عن منتج أو تحديث ثوري بعد تجربته جيداً وتحديداً الانتظار حتى مؤتمرها السنوي للمطورين، ولكن مع ثورة الذكاء الاصطناعي المتسارعة وجدت نفسها في موقف دفاعي خاصة مع صعود شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة مثل أوبن أيه آي.

حيث يمكن أن يُعزَى النهج الأخير المتسارع الذي اتبعته جوجل في الكشف عن منتجات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها إلى العديد من العوامل منها:

الضغط التنافسي المتزايد من الشركات الأخرى

تُعدّ جوجل بصورة أو أخرى متأخرة نوعاً ما في صناعة الذكاء الاصطناعي التوليدي خصوصاً مع صعود بوت الدردشة تشات جي بي تي، علاوة على اتخاذ شركات التكنولوجيا الكبرى خطوات أكثر جرأة لمنافستها بصورة مباشرة مثل شراكة شركة مايكروسوفت وأوبن أيه آي التي بموجبها تمنح مايكروسوفت استخدام منتجات أوبن أيه أي ودمجها في منتجاتها مثل محرك البحث بينغ وحزمة الإنتاجية مايكروسوفت 360.

اقرأ أيضاً: جوجل وخسارة إيرادات الإعلانات: هل يدفع المستخدمون الثمن؟

التحولات الاستراتيجية في قطاع الذكاء الاصطناعي

دفع نجاح تشات جي بي تي إلى تحويل الكثير من شركات إنترنت المستهلك الكبرى استراتيجياتها بشكلٍ كلي، وشركة جوجل لم تكن استثناءً، حيث حوّلت استراتيجيتها بشكلٍ كُلي وأطلقت منتجات الذكاء الاصطناعي بوتيرة أسرع حتى وإن لم تكن هذه المنتجات جاهزة تماماً أو في مرحلتها التجريبية، ما يعكس اعترافاً داخل جوجل بحاجتها إلى التكيُّف بسرعة مع ديناميكيات السوق المتغيرة.

إعادة تعريف نفسها من جديد

يكشف النهج المتسارع الذي تقوم به شركة جوجل في الكشف عن منتجات الذكاء الاصطناعي التوليدي نهجاً جديداً في رغبة الشركة في تقديم نفسها في ثوب جديد بالتركيز على تطوير المنتجات المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يُعدّ -بحسب المراقبين- الأداة السحرية التي يمكن أن تجلب النجاح لأي شركة تنجح في إدماجها في منتجاتها المستقبلية والحالية.

لذلك نجد جوجل أصبحت لا تتأخر في دمج نموذج الذكاء الاصطناعي جيميناي (Gemini) الخاص بها في معظم منتجاتها للتعامل مع مهام متنوعة عبر النصوص والصوت والصور والفيديو، ما يشير إلى نية الشركة ليس فقط من أجل اللحاق بالمنافسين، ولكن أيضاً إعادة تعريف منتجاتها وهويتها بناءً على احتياجات المستخدم وتوقعاته المتطورة.

ولكنْ، لماذا تفضّل أوبن أيه آي السرعة في طرح منتجاتها؟

على الرغم من عمر شركة أوبن أيه آي القصير، فإنها تبدو من الوهلة الأولى الأكثر تصميماً على زعزعة الأرضية الثابتة التي وقفت عليها شركات التكنولوجيا الأكثر نجاحاً في وادي السيليكون باتخاذها استراتيجية الإعلان عن أي منتج حتى وإن كان في مرحلته التجريبية، وهو ما يُشكّل تهديداً حقيقاً لشركات التكنولوجيا الكبرى مثل جوجل.

ولكن مع ذلك فهي لديها دوافع أخرى في نهجها غير التقليدي في الإعلان عن منتجاتها بجانب المنافسة مع شركات التكنولوجيا الكبرى منها:

نمو الإيرادات وارتفاع الطلب على منتجات الذكاء الاصطناعي

وجدت شركة أوبن أيه آي نفسها تحقق نمواً كبيراً في الإيرادات في فترة زمنية قصيرة مدفوعاً بنجاح بوت الدردشة تشات جي بي تي، حيث أعلنت في شهر أغسطس من العام الماضي 2024 إيرادات شهرية بلغت 300 مليون دولار، بزيادة كبيرة مقارنة بإيرادات الأشهر الأولى من عام 2023.

ومع توقعات بأن تصل إيراداتها إلى نحو 11.6 مليار دولار في العام الحالي 2025، فإن هذا من شأنه أن يوفّر لها الموارد اللازمة للاستثمار بكثافة في البحث والتطوير، ما يُتيح تحديثات متكررة للمنتجات وإطلاق ميزات جديدة.

اقرأ أيضاً: أوبن إيه آي تعلن تطويرها نموذجاً يصل إلى مستوى الذكاء الاصطناعي العام

التطورات المتسارعة في صناعة الذكاء الاصطناعي

بسبب التطورات في أجهزة الحوسبة والاختراقات في تقنيات التعلم الآلي، فإن شركة أوبن أيه آي تُعدّ أكثر استعداداً للابتكار والاستجابة بسرعة وفاعلية لاحتياجات المستخدمين واتجاهات السوق، حيث يوضّح إعلانها نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي القادرة على التفكير المنطقي قدرتها والتزامها العميقين في تطوير نماذج أكثر حداثة وقوة.

استراتيجية تسويقية لجذب المزيد من المستخدمين

يُعدّ حدثها الاحتفالي الأخير طريقة تسويقية مميزة لإثارة حماس المستخدمين وجذب انتباههم لمعرفة أحدث ما تطوره من منتجات، حيث المتوقع أن تساعد على جذب المستخدمين الجُدد والاحتفاظ بالمستخدمين الحاليين من خلال إظهار الالتزام بالتحسين المستمر والابتكار.

كيف سيبدو مشهد التنافس بين جوجل وأوبن أيه آي في المستقبل القريب؟

قد يؤدي مشهد المنافسة المتنامي بين جوجل و أوبن أيه آي إلى تغييرات كبيرة في كيفية تفاعل المستخدمين مع المنتجات المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي. ومع ازدياد التنافس الأكثر سخونة وسرعة في المستقبل القريب، فمن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى بدء الشركتين بالتركيز أكثر على نهج الابتكار وتحسين منتجاتهما، ما سيؤدي إلى استفادة المستخدمين من المنتجات التي تعطي الأولوية للسرعة والدقة وإشراك المستخدم.

ومع ذلك، من المتوقع أن تواجه شركة أوبن أيه آي العديد من التحديات في طريقها لمنافسة جوجل منها:

  • تُعدّ شركة جوجل اسماً موثوقاً به، ما يجعل من الصعب على شركة أوبن أيه آي جذب المستخدمين بعيداً عنها.
  • تتطلب المنافسة براعة تكنولوجية وموارد مالية كبيرة ينبغي لها أن توفّرها عاجلاً وليس آجلاً.
  • يشعر العديد من المستخدمين بالرضا عن جوجل ومنتجاتها ما يشكّل تحدياً لشركة أوبن أيه آي في إقناعهم بالتبديل.
  • من المستبعد أن تقف شركة جوجل مكتوفة الأيدي بدلاً من ذلك من المتوقع أن تعمل على دمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكلٍ أعمق في خدماتها ومنتجاتها وتطويرها للأفضل.

المحتوى محمي