عندما طلب مني موقع "تويتر" مؤخراً تحديث شروط الخدمة الخاصة بي، فعلت ما يمكن لأي صحفي مسؤول في مجال التقنية أن يفعله: وافقت فوراً على الشروط دون قراءتها حتى أتمكن من الوصول بسرعة أكبر إلى الأخبار المنشورة على الموقع حول أحداث وكوارث ذلك اليوم، مهما كانت. ولكنني بدأت أشعر بالريبة عندما بدأت جميع التطبيقات "فيسبوك" و"لينكد إن" و"سكوير" وحتى "إيتسي"، في إرسال تنبيهات بنفس اللهجة المستعجلة. فلماذا تتكرر رسائل تحديث شروط الخدمة؟
ولم أكن وحدي في ذلك، فقد عبرت زميلتي في السكن عن انزعاجها، متسائلة عما إذا كانت فضيحة "فيسبوك" الأخيرة هي الدافع وراء هذه التنبيهات. وبدا جميع من على شبكة الإنترنت راغب بمعرفة إجابة سؤال واحد: لماذا؟
اللائحة العامة لحماية البيانات
صحيحٌ أن النداءات لإنشاء حماية أفضل للبيانات على ضوء فضيحة شركة "كامبريدج أناليتيكا" تبدو خياراً جيداً برغم سذاجته، ولكن، هل ظننت حقاً أن أيّاً من هذه المواقع سيصلح ممارساته المشبوهة بهذه السرعة؟ تعود الإجابة عن السؤال الأول (لماذا؟) إلى قرار اتخذه "الاتحاد الأوروبي" منذ عامين. ففي أبريل/نيسان 2016، صوّت "البرلمان الأوروبي" لإقرار قانون يتعلق بحماية البيانات يدعى "اللائحة العامة لحماية البيانات" (GDPR)، بعد 4 أعوام من النقاشات. وصادف أن هذا القانون سيدخل حيّز التنفيذ في 25 مايو/أيار من العام 2018، وهو ما يفسر سيل التنبيهات التي تنهال عليك. وقد تخاطر تلك الشركات التي لا تمتثل لهذا القانون بدفع غرامة تصل إلى 4% من رقم مبيعاتها العالمية السنوية أو مبلغ 20 مليون يورو (ما يعادل 24 مليون دولار أميركي).
إذاً، لماذا نتلقى هذه الرسائل أيضاً رغم أننا لسنا من القاطنين في دول "الاتحاد الأوروبي"؟ ذلك لأن الشركات خارج "الاتحاد الأوروبي" أيضاً ملزمة بهذا القانون إذا قامت بمعالجة بيانات مواطنين من دول "الاتحاد الأوروبي". ويطالب القانون الشركات الخاضعة له بإعلام المستخدمين بأي اختراق للبيانات خلال 72 ساعة، ويضمن حق المستخدمين في الاطلاع على بياناتهم التي تحتفظ بها الشركات ومعرفة كيفية استخدامها لها. كما يعني القانون أيضاً أن الشركات قد تتعرض للعقوبة في حال تجاهلها لقيود "حق الفرد في أن يتمّ نسيانه" المعمول به في "الاتحاد الأوروبي"، والذي لطالما كان مصدر ذعر لشركة "جوجل". وبالإضافة إلى ذلك، يطالب القانون الشركات التي تستخدم البيانات في صنع القرارات الآلية بتقديم التفسيرات للمستهلك حول كيفية استخدام البيانات، دون توضيح مدى دقة التفسيرات المطلوبة.
ولكن القوانين الجديدة التي نتلقى تنبيهات بشأنها لا تحمي المستخدمين من غير الأوروبيين. لقد ورد ذكر قانون حماية البيانات في كثير من النقاشات حول ما يجب فعله بعد فضيحة شركة "كامبريدج أناليتيكا"، ولكن حتى الآن لا يوجد أي ملاذ قانوني مساوٍ له في الولايات المتحدة وكثير من الدول الأخرى. وكما شرح مايكل فيلي مؤخراً لمجلة "فيوتشر تنس"، فإن تعهدات مارك زوكربيرغ، بأن تكون الضوابط المتعلقة بمستخدمي "فيسبوك" في الولايات المتحدة مطابقة للتي يفرضها قانون حماية البيانات، لا تقدّم لنا حماية مماثلة إطلاقاً.
وأخيراً، سيكون على القاطنين خارج دول "الاتحاد الأوروبي" إيجاد طريقهم الخاص نحو إنشاء قانون يضمن تمتع المستهلكين فعلياً بحماية مماثلة لتلك التي تؤمنها اللائحة العامة لحماية البيانات. أما الآن، فيمكنك الاستمتاع بالتنبيهات التي تتلقاها فقط عند استلام رسائل تحديث شروط الخدمة.