أجرت جامعة نيويورك بالتعاون مع جامعة كولومبيا ومركز الجينوم في نيويورك، دراسة متعددة التخصصات تمكن الباحثون فيها من تطوير نموذج ذكاء اصطناعي تنبؤي قائم على الحمض النووي الريبي RNA، لتحديد نشاط أدوات كريسبر في الخلايا البشرية، وبالتالي التحكم الدقيق في التعبير الجيني، الأمر الذي قد تنتج عنه ثورة في تطوير علاجات جديدة للأمراض الوراثية والسرطانات، بالاعتماد على تقنية كريسبر.
الذكاء الاصطناعي وتحرير الجينات عبر كريسبر
تجمع الدراسة المنشورة في دورية نيتشر بيوتكنولوجي بين نموذج تعلم عميق أُطلق عليه اسم «تايغر» (TIGER)، وما يُسمّى شاشات كريسبر (شاشات كريسبر هي تقنية تُستخدم لفحص وظائف الجينات في الخلايا وتحليلها)، للتحكم في التعبير عن الجينات البشرية بطرق مختلفة، بهدف تطوير علاجات جديدة.
اقرأ أيضاً: تكنولوجيا جديدة تعتمد على كريسبر والذكاء الاصطناعي لإجراء تعديلات جينية وتطوير علاجات مستقبلية
كريسبر والتعبير عن الحمض النووي الريبي RNA
كريسبر هي تقنية لتحرير الجينات، لها العديد من الاستخدامات في الطب الحيوي؛ من علاج الأمراض الوراثية مثل فقر الدم المنجلي إلى النباتات المعدّلة وراثياً. تعمل عن طريق استهداف الحمض النووي DNA باستخدام إنزيم يُسمّى كاس 9 (Cas9)، أو عن طريق استهداف الحمض النووي الريبي RNA باستخدام إنزيم يُسمّى كاس 13 (Cas13).
الحمض النووي الريبي RNA هو الوسيط الذي ينقل المعلومات الوراثية من الحمض النووي DNA ليتم التعبير عنها عن طريق إنتاج البروتينات، كل جين محدد له RNA مخصص، لذلك يوجد لدى كل كائن حي عدد هائل منه. يمكن استهدافه بتقنية كريسبر في العديد من التطبيقات بما في ذلك تحرير الحمض النووي الريبي، وإيقاف عمل الحمض النووي الريبي لمنع التعبير عن جين معين، وفحص الأدوية المرشحة الواعدة، وتطوير طرق جديدة للوقاية من العدوى الفيروسية أو علاجها.
الهدف الرئيسي من هذه الدراسة تعظيم نشاط كريسبر الذي يستهدف نسخة الحمض الريبي المقصود وتقليل النشاط على نسخ الحموض الريبية الأخرى، التي يؤدي استهدافها إلى نتائج غير مرغوبة وضرر على الخلية.
تستهدف أدوات كريسبر كلاً من حالات عدم التطابق بين الحمض النووي الدليل والحمض النووي الريبي المستهدف، بالإضافة إلى بعض أنواع الطفرات التي تتضمن إضافة أجزاء إلى التسلسل الجيني في المورثة أو حذف أجزاء منها، والتي يؤدي كلٌّ منها إلى تعبير خاطئ عن الجينات، وبالتالي التسبب بأمراض وراثية.
أجرى الباحثون سلسلة من شاشات كريسبر التي تستهدف الحمض النووي الريبي في الخلايا البشرية، فقد قاسوا نشاط 200 ألف من جزيئات الحمض النووي الريبي الموجَّه لاستهداف الجينات الأساسية في الخلايا البشرية.
اقرأ أيضاً: علماء يستخدمون تقنية كريسبر لتخزين صورة متحركة داخل الحمض النووي لكائن حي
ما دور الذكاء الاصطناعي في الطريقة؟
طوّر الباحثون نموذج تعلم عميق يُسمّى تايغر TIGER، تم تدريبه على البيانات من شاشات كريسبر. بإمكان هذا النموذج التنبؤ بنشاط أدوات كريسبر التي تستهدف الحمض الريبي.
يقول الباحثون إنه يمكن الاستفادة من تكنولوجيا التعلم الآلي والتعلم العميق في إظهار النتائج المرغوبة من مجموعات البيانات الضخمة التي يمكن إنشاؤها الآن من خلال التجارب الحديثة العالية الإنتاجية، كما يمكن توجيه أداة كريسبر نحو الحمض الريبي الهدف بدقة، وتجنب النشاط على الحموض الريبية غير المستهدفة في الخلية.
اقرأ أيضاً: لماذا يتوجب علينا إضفاء الطابع الإنساني على الذكاء الاصطناعي؟
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام تنبؤات تايغر لتعديل كمية جين محدد من خلال تمكين التثبيط الجزئي للتعبير الجيني في الخلايا. يفيد ذلك في الأمراض الوراثية التي تحمل فيها الخلايا عدداً كبيراً جداً من نسخ الجين، مثل متلازمة داون أو بعض أنواع السرطانات، وضبط هذه الخلايا للتعبير عن الكمية المناسبة من الجين.
من خلال الجمع بين الذكاء الاصطناعي وشاشة كريسبر التي تستهدف الحمض النووي الريبي، يتصور الباحثون أن تنبؤات تايغر ستساعد على تجنب نشاط كريسبر غير المرغوب فيه وزيادة تطوير جيل جديد من علاجات استهداف الحمض النووي الريبي.