كشفت الضجة التي أثارها رائد الأعمال إيلون ماسك بخصوص انتشار الحسابات المزيفة في منصة تويتر عن الكثير من المشكلات التي تسببها هذه الحسابات لمنصات التواصل الاجتماعي المختلفة، ومن ضمنها موقع التواصل المهني لينكدإن (LinkedIn) الذي ظهر أن لديه ملايين الحسابات المزيفة التي تعمل على خداع الباحثين عن الوظائف أو التواصل مع المهنيين.
وعلى الرغم من أن مشكلة الحسابات المزيفة موجودة في جميع منصات التواصل الأخرى بلا استثناء، فإنها في منصة لينكدإن بالتحديد تضع مجموعة مختلفة من الصعوبات أمام المستخدمين الذين يتطلعون إلى استخدام المنصة لأغراض مهنية.
لماذا تعتبر عملية تحديد الحسابات المزيفة معقدة للغاية؟
تعتبر منصة لينكدإن التي يُنظر إليها غالباً على أنها منصة تواصل اجتماعي أكثر رسمية هدفاً بارزاً لمجموعة محددة من مجرمي الإنترنت الذين يبحثون عن معلومات معينة لاستخدامها لاحقاً في تنفيذ هجوم أكثر فعالية، مثل استخدام المعلومات التي يتم الحصول عليها للاستيلاء على الحسابات في منصات التواصل الاجتماعي الأخرى مثل فيسبوك أو تويتر والتي تكون أكثر ثراءً بالمعلومات والبيانات والصور الشخصية.
اقرأ أيضاً: إليك عمليات الاحتيال الأكثر شيوعاً على لينكد إن وكيف تتجنبها
غالباً ما يكون منشئو الحسابات المزيفة في منصة لينكدإن أشخاصاً من ذوي المهارات العالية في استخدام المنصة. على سبيل المثال واجهت المنصة العام الماضي انتقادات بشأن الحسابات التي تحتوي على صور ملفات شخصية تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، والتي تُستخدم للتسويق.
وتنبع صعوبة الكشف عن الحسابات المزيفة في أن مجرمي الإنترنت أصبحوا يستخدمون مزيجاً من أجهزة الحاسوب والإدارة البشرية لتشغيل حساب، ما يجعل من الصعب معرفة ما إذا كان الحساب مزيفاً، حيث يمكن لأنظمة الحاسوب إنشاء العديد من الحسابات المزيفة بسرعة وبشكل متكرر، من أجل استخدامها في جميع أنواع سرقة الهوية والسلوك غير اللائق.
على سبيل المثال، ما زالت فيسبوك تكافح منذ فترة طويلة مع الحسابات المزيفة، حيث قامت في الفترة ما بين شهر أكتوبر/ تشرين الأول وديسمبر/ كانون الأول من عام 2021 بإزالة أكثر من مليار حساب مزيف، بالإضافة إلى منصة تويتر التي تعاني المشكلة نفسها، حيث أكدت أن أقل من 5% من الحسابات في منصتها مزيفة، ما يسلّط الضوء على الحجم الهائل للمشكلة، حيث تُستخدم هذه الحسابات المزيفة لنشر رسائل محددة أحياناً، وخداع المستخدمين، وإثارة ضجة حول مواضيع معينة.
اقرأ أيضاً: فيسبوك تستخدم التعلم الآلي لكشف الحسابات المزيفة
الحسابات المزيفة في لينكدإن من أجل جذب الانتباه للشركات
يعمل مجرمو الإنترنت على إنشاء الحسابات المزيفة في لينكدإن لغرض مختلف تماماً، حيث إن معظم الحسابات المزيفة تُستخدم لإثارة ضجة حول شركات معينة، أو بيع أعداد كبيرة من المتابعين، أو الإعجابات عند الطلب.
وفقاً لتقرير منصة لينكدإن للعام 2022، كانت الزيادة التي تم اكتشافها في الحسابات المزيفة قد وصلت إلى ما يقرب 28% مقارنة بفترة الستة أشهر الأخيرة من عام 2019، ففي الفترة ما بين شهري يناير/ كانون الثاني ويونيو/ حزيران وحدها تم اكتشاف وإزالة أكثر من 21 مليون حساب مزيف، وأكثر من 95% من هذه الحسابات المزيفة تم اكتشافها عن طريق الدفاعات الآلية أو خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
بينما اكتشف باحثون في مرصد ستانفورد للإنترنت بالشراكة مع منظمة إن بي أر (NPR) الآلاف من الحسابات في لينكدإن تحتوي على صور وتفاصيل مزيفة، وبشكل أكثر تفصيلاً وُجد أن أكثر من ألف من هذه الحسابات استخدمت الصور التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، والعديد من هذه الحسابات المزيفة تستخدم كأداة تسويقية لجذب الاهتمام بشركات حقيقية. على سبيل المثال يقوم الحساب المزيف بالتواصل مع أحد المستخدمين الحقيقيين في المنصة، وإذا أظهر اهتماماً يتولى شخص حقيقي إكمال عملية التواصل.
اقرأ أيضاً: لا تفرط في الثقة بالوظائف على لينكد إن: 1000 مهندس صيني لإقناعك
كيف تستخدم لينكدإن الذكاء الاصطناعي لكشف الحسابات المزيفة؟
لمكافحة الحسابات المزيفة ومنع عمليات الاستغلال والاحتيال، وفّرت منصة لينكدإن العديد من الطرق التقليدية مثل المطالبة برقم الهاتف والبريد الإلكتروني الخاص بالعمل لإكمال التسجيل، بالإضافة إلى ذلك بدأت الشركة في توفير ميزات جديدة لاكتشاف الحسابات الحقيقية قبل التواصل معها.
فقد قامت بإنشاء قسم جديد يُسمى حول هذا الحساب الشخصي (About this Profile)، الذي يُظهر معلومات إضافية حول الحساب، مثل وقت إنشاء الحساب وتاريخ آخر تحديث له، لمنح المستخدمين سياقاً إضافياً حول الحساب الذي يفكرون في الاتصال به، فإذا وجد أن الحساب تم إنشاؤه حديثاً، ولديه علامات تحذيرية أخرى محتملة، مثل سجل عمل غير عادي، فقد يكون ذلك علامة على أنه يجب على المستخدم التفاعل بحذر معه.
اقرأ أيضاً: ما هي الهندسة الاجتماعية؟ وكيف ينتحل المهاجمون شخصيات بارزة لتنفيذ أهدافهم الخاصة؟
بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً لنائب رئيس إدارة المنتجات في لينكدإن، أوسكار رودريغيز، فإن المنصة تستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة مع فرق متخصصة من الخبراء لإزالة المحتوى المخالف نشره، كما قامت بتحسين تقنيتها للكشف عن صور الحسابات الشخصية التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي وإزالتها.
كما تستخدم الشركة خوارزميات التعلم العميق الذي يتحقق بشكل استباقي من تحميلات صور الملف الشخصي لتحديد ما إذا كانت الصورة مولدة بالذكاء الاصطناعي، وذلك باستخدام التكنولوجيا المصممة لاكتشاف العلامات الدقيقة المرتبطة بعملية إنشاء الصور الاصطناعية القائمة على الذكاء الاصطناعي.
على سبيل المثال، تبحث الخوارزميات عن معلمات دقيقة في الصور على مستوى البيكسل، مثل كيفية تشتت الضوء في جميع أنحاء الصورة لاكتشاف الصور التي تم إنشاؤها بالذكاء الاصطناعي، حيث ساعدت هذه التقنية في زيادة فعالية الدفاعات الآلية ضد إساءة الاستخدام والمساعدة في اكتشاف الحسابات المزيفة وإزالتها قبل أن تتمكن من الوصول إلى المستخدمين الحقيقين.
كما تقوم لينكدإن أيضاً بتحذير المستخدمين حول بعض الرسائل التي تتضمن محتوى عالي الخطورة والذي يمكن أن يؤثر على أمانهم. على سبيل المثال، قد يتم تحذير المستخدمين بشأن الرسائل التي تطلب منهم إجراء محادثات مع منصات أخرى مثل واتساب أو الرسائل التي تطلب معلومات شخصية، لأن ذلك قد يكون إشارة على عملية احتيال.
اقرأ أيضاً: هل ينصح باستخدام جوجل أو فيسبوك لتسجيل الدخول إلى مواقع أخرى؟
تعاون المستخدمين مهم للغاية لكشف الحسابات المزيفة
بينما تؤكد منصة لينكدإن أنها تعمل لمساعدة المستخدم في تحديد ما إذا كان الحساب الذي يتصل به هو ملف تعريف حقيقي أو مزيف، فإن خبراء الأمن السيبراني يؤكدون أن تعاون المستخدمين مهم جداً لحماية أنفسهم من خلال استخدام ميزات الأمان التي توفرها الشركة للتحقق من موثوقية الحسابات في المنصة.
ووفقاً لنائب الرئيس التنفيذي ورئيس قسم المعلومات والمسؤول الرقمي في شركة خدمة العملاء العالمية ألوريكا (Alorica)، مايك كليفتون: "غالباً ما يعتمد مجرمو الإنترنت على اللمسة الإنسانية لمنح مستخدمي لينكدإن انطباعاً بأن ملف الحساب ينتمي إلى شخص يعرفونه، وهي استراتيجية مستخدمة منذ سنوات، بحيث لن تتمكن حتى الدفاعات الآلية الأكثر تطوراً من اكتشافها، لذا من المهم على المستخدم أن يظل يقظاً وأن يتفاعل بحذر على المنصات الاجتماعية لحماية معلوماته".
بينما ترى شركة الأبحاث جارتنر (Gartner) أن مشكلة الحسابات المزيفة عبر جميع منصات وسائل التواصل الاجتماعي معقدة جداً، حيث يحاول مجرمو الإنترنت إنشاء هويات مزيفة وجعلها تبدو حقيقية من خلال ترك بصمة رقمية ذات مظهر معقول عبر منصات مختلفة.
لذا فإن تعاون المستخدمين ضروري لاكتشاف هذه الحسابات المزيفة، حيث تُشجّع منصة لينكدإن المستخدمين على الإبلاغ عن المحتوى المزيف، والبحث عن علامات غير طبيعية في الحسابات، مثل تلك التي تحتوي على صور شخصية غير طبيعية أو سجل عمل غير مكتمل، والتناقضات بين صورة الملف الشخصي والمسيرة التعليمية والخبرات والسيرة المهنية.