على الرغم من أن رونالد ريل (Ronald Rael) وفيرجينيا سان فراتيلو (Virginia San Fratello) التقيا في جامعة كولومبيا كطالبي دراسات عليا في الهندسة المعمارية، فقد أدركا بسرعة أن تعبير "هندسة معمارية" لا يوصف بدقة العمل الانتقائي الذي يقومان به.
عندما بدأ ريل وسان فراتيلو العمل معاً عام 2002، ازداد إدراكهما تدريجياً لحقيقة أنه "أحياناً، العوامل التي تدعم مجال العمارة، وعلى رأسها الرأسمالية، يمكن أن تتسبب في إفساد أهداف المهندس المعماري الاجتماعية"، حسب تعبير ريل. يقول ريل أيضاً: "أصبح ذلك بمثابة دافع لإعادة التفكير في الهدف من العمارة وطريقة العمل فيها".
تغيير في اتجاهات الهندسة المعمارية
لكن القيود المفروضة على هذا المجال هي التي تمثّل الدافع لريل وسان فراتيلو، واللذين يقولان على موقعهما على الويب: "يجب علينا أن نخلق ظروفاً مخلّة بالنظام وتتسبب في إثارة الانتباه لعلمنا. وإذا لم نفعل ذلك، لن يعرف أحد من نحن وماذا نفعل".
اقرأ أيضاً: كيف تسعى دبي لتعزيز جودة حياة سكانها عبر التخطيط الحضري؟
مع مرور كل عام وإجراء كل مشروع جديد، يبدو أنهما يضيفان مسمى وظيفياً آخر إلى سيرتيهما الذاتيتين؛ إذ إنهما ناشطان ومصممان وكاتبان وعالما مواد في الوقت نفسه. كلاهما معلمان؛ إذ إن ريل هو رئيس قسم المهن الفنية في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، بينما سان فراتيلو هي رئيسة قسم التصميم في جامعة ولاية سان خوسيه. يصمم ريل وسان فراتيلو البرمجيات ويؤسسان الشركات، ووفقاً لتعبير سان فراتيلو، فهما تجاوزا مرحلة تصميم وبناء الأشياء فقط.
بيئة عمل قائمة على الطباعة ثلاثية الأبعاد
اقرأ أيضاً: ابتكار طابعة ثلاثية الأبعاد كبيرة الحجم تعد الأولى من نوعها داخل الإمارات
أدرك كلٌّ من ريل وسان فراتيلو أنه لإجراء العمل الذي يهتمان به، كان عليهما التسبب في اضطراب في الآليات الحالية الراسخة. وتمثّلت إحدى الخطوات الأولى لهذه العملية في تحدّي طرق الإنشاء التقليدية. يقول ريل واصفاً السبب الذي جعل الطباعة ثلاثية الأبعاد تثير اهتمامه في عام 2001: "تمثّلت جاذبية هذه التكنولوجيا في قدرتها على نقل النماذج الرقمية بشكل مباشر إلى نماذج مادية بسرعة نوعاً ما وبدقة".
تطبيق بوتر وير (Potterware)
لكن كلاً من تكلفة تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد وتعقيدها في ذلك الوقت جعلها غير قابلة للاستخدام. لذلك ابتكر ريل وسان فراتيلو حلاً. تمثل هذا الحل في تطبيق يحمل اسم بوتر وير (Potterware)، وهو تطبيق خاص بالتصميم يعتمد على متصفحات الإنترنت ويلغي الحاجة لتعلّم برمجيات النمذجة الخاصة بالطباعة ثلاثية الأبعاد.
تقول سان فراتيلو إن هذا التطبيق يخفّض من مستوى المعايير المطلوبة للعمل باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد "لدرجة أنه يتيح لطلاب المدرسة الإعدادية تعلم العمل عليها خلال يوم واحد"، وتضيف: "الهدف الأساسي هو زيادة إمكانية الوصول. نحن مهتمون بتبسيط العمل وجعله ميسور التكلفة بدلاً من زيادة تعقيده".
أدرك ريل وسان فراتيلو في وقت مبكّر أنهما قادران على إضافة شيء جديد لتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد. تقول سان فراتيلو: "كلانا لديه خلفية ريفية، وقد نشأنا في المناطق المفتوحة ونحن نلعب في التراب حرفياً"،
وتضيف: "تمكّنا من الاستفادة من خبرتنا الحياتية في عملنا، ومن الروابط التي شكلناها مع الأرض والزراعة. اندمجت هذه الخبرات مع التكنولوجيات المذهلة، ولهذا عملنا مختلف عن الآخرين. نحن نسخّر الحب الذي نشعر به تجاه الأرض في عملنا باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد".
اقرأ أيضاً: 6 أشياء مُدهشة صنعتها الطابعة ثلاثية الأبعاد في 2018
تتجلّى تجارب مشروع إيميرجينغ أوبجكتس على المواد والبرمجيات والأجهزة الصلبة في هذا النموذج الأولي لوحدة السكن.
العامل الوحيد غير المتغير في عمل ريل وسان فراتيلو، سواء تمثل في بناء مقصورة أو قطع الطوب أو المنشآت الفنية، هو أنه يعتمد على إعادة التفكير في المواد الطبيعية بالاستعانة بالتكنولوجيا. يمكن تصميم المشاريع التي تعتمد على الطين أو نشارة الخشب أو الملح أو قشور عنب الشاردونيه على الطابعات، وهي كلها مواد تأتي من الأرض. وتتمثل الفكرة الأساسية في إجراء التجارب وطرح السؤال "لما لا؟".
مع ذلك، يرفض كلُّ من ريل وسان فراتيلو تصنيف عملهما في أي فئة. ويقولان على موقعهما على الويب: "سيكون من المستحيل أن نقول إننا نتبنى 'فلسفة الاختصاص'. كل ما نريد فعله هو التصميم".