لا تزال فجوات المهارات تمثل تحدياً جوهرياً يمنع العديد من الشركات من تحقيق رؤيتها وأهدافها، هذه الفجوة بين المهارات المطلوبة والمهارات الحالية تؤثر سلباً في الإنتاجية، خاصة عند المقارنة بشركات منافسة تستثمر في تطوير عملياتها وتعزيز مهارات موظفيها، وهو ما ينعكس مباشرة على الربحية.
لقد أثبتت الأدوات القائمة على البيانات فاعليتها في تقييم فجوات المهارات وتحليلها بدقة، واقتراح الحلول المناسبة لمعالجتها. وفي هذه المقالة، سنستعرض الأساليب القائمة على البيانات التي تستخدم لاكتشاف فجوات المهارات ضمن الشركات وسدها.
اقرأ أيضاً: 5 من أهم الدورات التدريبية في مجال تحليل البيانات
فهم مشكلة فجوات المهارات وأسبابها
تشير دراسة أجرتها شركة ماكنزي إلى أن نحو 87% من الشركات حول العالم تواجه خطر نقص المهارات الأساسية في المستقبل القريب. على سبيل المثال، قد تجد شركة تعمل في مجال التكنولوجيا أن مهارات موظفيها لم تعد مواكبة للتطورات الحديثة، وأن فريق خدمة العملاء بحاجة إلى تدريب على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الأداء.
تتعدد أسباب اتساع فجوات المهارات، ومن أبرزها:
- التقنيات الناشئة وتسارع التغيير: حيث أدى ظهور تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى تغيير جذري في طبيعة العمل، الأمر الذي يستدعي تدريباً للموظفين. هذا التدريب يمثل تحدياً مالياً وتنظيمياً كبيراً.
- الفجوة بين التعليم وسوق العمل: لا تزال العديد من المؤسسات التعليمية غير قادرة على مواكبة متطلبات السوق، ولا تنسجم مناهجها الدراسية مع المهارات الفعلية المطلوبة في بيئات العمل الحديثة. نتيجة لذلك، يدخل كثير من الخريجين سوق العمل دون استعداد كافٍ.
- الضغط النفسي وتأثيره: الموظفون الذين يشعرون بعدم الكفاءة أو بعدم امتلاك المهارات اللازمة لأداء مهامهم قد يواجهون مستويات عالية من الضغط والإحباط، هذا يجعلهم أكثر عرضة لترك الوظيفة، ما يؤدي إلى استنزاف القوى العاملة وفقدان المواهب ويزيد صعوبة بناء فرق عمل مستقرة ومؤهلة.
اقرأ أيضاً: كيف تختار أداة تحليل البيانات المناسبة لاحتياجات عملك المتنوعة؟
أمثلة على فجوات المهارات في الدول العربية
فيما يلي بعض الأمثلة على فجوات المهارات التي رصدت على نطاق واسع في الدول العربية:
فجوة المهارات الرقمية في التعليم
رغم انتشار الأجهزة الذكية، يفتقر كثير من المعلمين والطلاب في المنطقة العربية إلى مهارات استخدام أدوات التعليم الرقمي بفاعلية. وقد تبين أن معظم المعلمين في المنطقة العربية لم يتلقوا تدريباً كافياً على التعليم الإلكتروني، وهو ما أثر في جودة التعليم خلال جائحة كوفيد-19.
فجوة المهارات بين التعليم وسوق العمل
الجامعات تخرج عشرات آلاف الطلبة سنوياً، لكن معظمهم يفتقرون المهارات التي تطلبها الشركات، لهذا السبب، يجد الكثير من أصحاب العمل في المنطقة صعوبة في توظيف خريجين يمتلكون المهارات المطلوبة.
فجوة مهارات الذكاء الاصطناعي
هناك طلب متزايد على المختصين في مجال الذكاء الاصطناعي، لكن عدد المؤهلين لهذا المجال لا يزال محدوداً في العالم العربي. حتى إن جزءاً ضئيلاً جداً من خريجي الجامعات في المنطقة لديهم خلفية في الذكاء الاصطناعي.
تحليل البيانات لاكتشاف فجوات المهارات
يعد تحليل البيانات من الطرق الأساسية والفعالة جداً لتحديد المهارات الحالية التي تمتلكها القوى العاملة ورصد نقاط الضعف ومجالات التحسين فيها. والأهم من ذلك، تحديد الاحتياجات التدريبية بدقة، بما يضمن تطوير المهارات المطلوبة وسد تلك الفجوات.
فيما يلي أبرز البيانات التي يجب جمعها وتحليلها للحصول على رؤية معمقة حول فجوات المهارات:
- بيانات أداء الموظفين: تشمل معلومات مثل معدلات إنجاز المشاريع ومستويات الإنتاجية، يتيح تحليل هذه البيانات فهماً عميقاً للأداء، ويساعد على تحديد المجالات التي تشهد تأخراً أو نقصاً في المهارات.
- أدوات التقييم الذاتي: تتيح للموظفين تقييم مهاراتهم وكفاءاتهم بشكل دوري، وتفيد هذه البيانات في توفير صورة شاملة عن حالة المهارات ضمن الشركة.
- أنظمة إدارة التعلم: تتيح تتبع ومراقبة تفاعل الموظفين مع البرامج التدريبية، وتوفر بيانات دقيقة حول المهارات التي يجري تطويرها وتلك التي لا تزال بحاجة إلى تطوير.
إن جمع هذه البيانات ليس سوى الخطوة الأولى، يجب تحليل هذه البيانات من أجل اكتشاف الأنماط التي تشير إلى فجوات في المهارات، إليك أبرز الأدوات التي يمكن استخدامها لتحليل تلك البيانات:
- برامج تحليل البيانات: مثل Microsoft Power BI و Google Looker Studio Overview، والتي تتيح تمثيل البيانات لتحديد الأنماط فيها واتخاذ قرارات مناسبة.
- الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي: تستخدم هذه التقنيات للتنبؤ باحتياجات المهارات المستقبلية. كما تتيح تقديم توصيات دقيقة حول محتوى البرامج التدريبية المناسبة لسد الفجوات.
عند استخدام هذه الأدوات بشكل منهجي ومدروس، تحصل الشركات على رؤية دقيقة لمهارات موظفيها وفجوات المهارات، كما تحصل على مقترحات لبرامج تطوير وتدريب فعالة تسد الفجوات.
اقرأ أيضاً: كيف تبني الشركات نظاماً ذكياً لتحليل البيانات يدعم النمو؟
طرق سد فجوات المهارات
لا يمكن سد فجوات المهارات كلها بالطريقة نفسها. هناك عدة استراتيجيات يمكنها معالجة هذه الفجوات مثل:
- التدريب الداخلي: يعتبر من أفضل الحلول لسد فجوات المهارات، يتضمن الاستفادة من الموظفين الحاليين وتدريبهم إما على أدوار وظيفية جديدة تماماً، أو تعزيز مهاراتهم لأداء وظائفهم الحالية بشكل أفضل وأكثر فاعلية.
- التعاقد مع موظفين مؤقتين: لتلبية الاحتياجات الفورية دون التزامات طويلة الأجل، يمكن توظيف موظفين أصحاب مهارات عالية لمشاريع محددة بشكلٍ مؤقت.
- توظيف موظفين جدد بشكل دائم: في المشاريع طويلة الأجل، قد يكون الاستثمار في المواهب الجديدة ضرورياً. يتطلب ذلك إعادة النظر في معايير التوظيف لتعزيز التنوع وتوظيف أشخاص يمتلكون المهارات المطلوبة.
لقد أثبتت هذه الاستراتيجيات دورها الفعال في سد فجوات المهارات ضمن أي شركة أو مؤسسة، ويعتبر التدريب والتأهيل من أفضل الحلول لأنه يسهم في الحفاظ على الموظفين الحاليين وتعزيز مهاراتهم.