وجدت دراسة جديدة أن إعادة زراعة الغابات يمكن أن تكون طريقة أكثر أهمية بكثير لمواجهة التغير المناخي مما كان يعتقد سابقاً، لكن سرعان ما أثار باحثون آخرون بعض المخاوف بشأن الاستنتاجات الأساسية لهذه الدراسة وكيف يمكن تفسيرها.
النتائج
وفقاً لدراسة جديدة نشرت في مجلة ساينس Science وأشرف عليها باحثون من المعهد الفدرالي للتكنولوجيا بمدينة زيورخ في سويسرا، فإن من الممكن لكوكب الأرض أن يدعم ما يقرب من مليار هكتار من الأشجار الإضافية (الهكتار الواحد = 10,000 متر مربع)؛ أي بمساحة تغطي مساحة الولايات المتحدة تقريباً، وذلك دون التعدّي على المدن أو الأراضي الزراعية الحالية.
وخلصت الدراسة إلى أنه بمجرد أن تصبح هذه الأشجار ناضجة، فإن هذه المساحة من أراضي الغابات يمكن أن تكون كافية لتخزين 205 مليارات طن من الكربون، أي حوالي ثلثي الكمية التي أدى البشر إلى انبعاثها منذ الثورة الصناعية.
وقال توم كراوثر، المؤلف المشارك في الدراسة وكبير الباحثين في مختبر كراوثر بالجامعة، في بيان له: "تشير دراستنا بوضوح إلى أن إعادة زراعة الغابات هي أفضل الحلول المتاحة الآن للتغير المناخي، كما أنها تقدم أدلة قوية لتبرير الاستثمار".
الانتقادات
شكّك زيك هاوسفاذر، المحلّل في موقع كاربون بريف Carbon Brief، في نتيجة ثلثي كمية الانبعاثات على موقع تويتر، مشيراً إلى أن الدراسة يبدو وكأنها تقلل من كمية التلوث المناخي التاريخي الناجم عن الأنشطة البشرية. فقد وجد مشروع الكربون العالمي بأن كمية انبعاثات الكربون المتراكمة الناجمة عن الوقود الأحفوري وتغيرات استخدام الأراضي بلغ مجموعها حوالي 625 مليار طن حتى عام 2018. وهذا من شأنه أن يجعل كمية 205 مليارات طن تعادل أقل من ثلث المجموع.
وأشار باحثون آخرون إلى أن الدراسة اعتمدت على تقدير مرتفع لكمية إزالة الكربون لكل هكتار، وقللت من التعقيدات الأخرى المتعلقة بمستوى الكربون المخزّن في الأشجار والكمية التي سيتم إزالتها بالفعل من الغلاف الجوي.
محاذير أخرى
بالإضافة إلى ذلك، فإن تحقيق المستوى النظري من احتباس الكربون يتطلب زراعة الأشجار في كل قطعة أرض حول العالم يمكنها استيعابها، في وقت تقوم فيه العديد من الدول بقطع الأشجار بكمية أكبر مما تزرع، بهدف توفير المساحة أمام التجمّعات والمزارع وأراضي الرعي الجديدة. كما أن الأمر سيستغرق عقوداً حتى تصل الأشجار المزروعة حديثاً إلى مستوى النضج الذي تقوم فيه بامتصاص وتخزين مئات المليارات من أطنان الكربون.
كما تشير تقديرات الدراسة إلى أن من الممكن لتغيير الظروف المناخية أن يؤدي إلى انخفاض الغطاء الشجري الكلي، وخاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في المناطق المدارية، مما يقلل المساحة الممكنة بما يقرب من 225 مليون هكتار بحلول منتصف القرن وفق المسار الحالي. (وتوصلت دراسات أخرى إلى استنتاجات مختلفة حول هذا السؤال، حيث وجدت أن ارتفاع درجات الحرارة في المناطق الباردة من شأنه أن يزيد من الغطاء الشجري في كافة أنحاء العالم بشكل عام).
التقديرات السابقة
تجدر الإشارة أيضاً إلى أن الأبحاث السابقة وجدت حدوداً أضيق بكثير حول الدور الذي يمكن أن تلعبه الغابات في إزالة الكربون من الغلاف الجوي ومعالجة مخاطر التغير المناخي؛ إذ خلص تقرير صادر عن الأكاديميات الوطنية العام الماضي إلى أن إعادة زراعة الغابات وتخزين الكربون في التربة وغيرها من طرق إزالة الكربون الأرضية لن تتمكن من خفض وتخزين ما يكفي من غازات الدفيئة لمنع ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين، على الأقل دون وضع مطالب تنافسية على الأراضي الزراعية التي يمكن أن تهدد الإمدادات الغذائية العالمية.
المنهجيات
بالنسبة للدراسة التي نشرت مؤخراً، استخدم الباحثون برنامج خرائط جوجل إيرث Google Earth وقاعدة بيانات حالية تضم ما يقرب من 80 ألف غابة لإنشاء نموذج تنبؤي يمكنه تحديد أماكن زراعة الأشجار الجديدة ونموها في ظل الظروف المناخية الحالية.
هل هذا التوجّه خطير؟
لا يوجد خلاف على أن زراعة الأشجار يمكن أن تساعد في تقليل مستويات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وليس هناك خلاف أيضاً على أننا في حاجة إلى كل المساعدة التي يمكننا الحصول عليها في سباقنا لمكافحة التغير المناخي.
لكن جيسي رينولدز، الزميل في مجال القانون البيئي والسياسة في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، وصف الدراسة بأنها "مضللة" و"قد تكون خطيرة" في منشور له بمدونة ليجال بلانيت Legal Planet، مشيراً إلى أنها يمكن أن تصرُف صناع السياسة عن الإستراتيجيات الأكثر فعالية.
وكتب: "من المرجح أن تُستخدم الدراسة في دعم الرأي القائل بأن من الممكن لنا أن نعتمد بشكل أكبر على إعادة زراعة الغابات للحدّ من التغير المناخي، وربما يحل ذلك محل الجهود الأخرى، مثل: خفض الانبعاثات والتكيف والطرق الأخرى لإزالة الكربون وأبحاث الهندسة الجيولوجية الشمسية".