نجحت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية في اكتشاف سلالات جديدة وغير معروفة سابقاً من المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين مرسا (MRSA) في منطقة الخليج العربي. وقد نُشرت الدراسة في مجلة ساينتفيك ريبورتس (Scientific Reports) الرائدة، والتي تصدر عن نيتشر ريسيرش.
ما هي المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين؟
هي نوع من البكتيريا العنقودية التي تكتسب مقاومة للعديد من المضادات الحيوية المستخدَمة عادة في علاج العدوى بالبكتيريا، مثل الميثيسيلين، وهو مضاد حيوي ينتمي إلى عائلة البنسيلين.
ويعد وجود هذه البكتريا شائعاً في المستشفيات ودور التمريض، حيث يكون الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة أكثر عرضة لالتقاط العدوى وتطوير أعراض الإصابة بها. وتُعرف في هذه الحالة بالمرسا المرتبطة بالرعاية الصحية، وعادة ما تقترن بالعمليات الجراحية أو توصيل الأنابيب الوريدية أو المفاصل الصناعية. ووفقاً للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن 5% من المرضى في المستشفيات الأميركية يحملون هذه البكتريا في الأنف أو على الجلد.
في المقابل، هناك نوع آخر من هذه البكتريا يعرف باسم مرسا المرتبطة بالمجتمع، وهي التي تنتشر بالتلامس بين الأشخاص في الرياضات البدنية مثل المصارعة ولدى الأشخاص الذين يعيشون في أماكن شديدة الازدحام أو الذين يشاركون أغراضهم الشخصية كالمناشف وأدوات الحلاقة.
تظهر عدوى المكورات العنقودية الذهبية في هيئة حدبات مؤلمة ومتورمة تشبه البثور، وقد تكون المنطقة المصابة دافئة الملمس ومليئة بالصديد ومصحوبة بارتفاع شديد في درجة الحرارة. ووفقاً للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن البكتريا العنقودية عادة تكون غير مؤذية، لكن إذا لم يتم علاجها فقد تتسبب في عدوى خطيرة قد تؤدي إلى تعفن الدم وحتى الموت.
ورغم أن اكتشاف المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين يعود إلى عام 1961، وفي حين تم إجراء العديد من دراسات التنميط الجيني لهذه البكتريا في الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا وغيرها، فإن هذا النوع من الدراسات لبكتريا مرسا ما زال محدوداً في منطقة الخليج العربي.
أهمية الدراسة الجديدة
من هنا تنبع أهمية دراسة التنميط الجيني الجديدة في تكوين فهم أفضل للتوصيف الجزيئي لسلالات المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسلين وانتشارها المتزايد وإيجاد أفضل الطرق لمعالجتها، وخصوصاً في ظل عدم توفر معلومات وافية حول الخصائص الجزيئية لمستفردات هذه البكتيريا في الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى مقاومتها الشديدة للأدوية.
وقد قالت الدكتورة أبيولا سينوك، أستاذة علم الأحياء الدقيقة والأمراض المعدية في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، والتي قادت هذا البحث: “تلتزم جامعة محمد بن راشد بإجراء أحدث الأبحاث المتقدّمة بما يتماشى مع مهمتنا المتمثلة في النهوض بالصحة في دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة، لذلك تشرّفنا بالتعاون مع زملائنا الكرام لإتمام هذه الدراسة الرائدة”.
نتائج الدراسة
توصلت الدراسة إلى وجود مجموعة متنوعة من البكتيريا المقاومة للميثيسيلين في دولة الإمارات، وظهور سلالات غير معروفة من قبل في دول الخليج العربي، بما في ذلك سلالات نادرة وجديدة. كما وجدت الدراسة أن الصورة الجينية لهذه البكتيريا تشير إلى أن إساءة استخدام المضادات الحيوية قد تساهم في تطورها.
وفي هذا السياق، قالت سينوك: “لقد خَلُصَ هذا البحث إلى بعض النتائج المحفزة، وأظهر أننا في حاجة إلى اتخاذ خطوات فورية لمنع ظهور سلالات أكثر خطراً أو مقاومة للأدوية”.
وفي الحقيقة، فإن المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين تمثل إحدى نتائج إساءة استخدام المضادات الحيوية على مدى عقود من الزمن؛ حيث كان يتم الإفراط في وصف هذه المضادات في العديد من الحالات التي لا تستدعي استخدامها أو لا تحقق فائدة فعلية. مما منح البكتريا مقاومة أكبر للمضادات؛ حيث تعيش البكتيريا بنمط متطور سريع، ولهذا فإن الأعداد التي تنجو من المضاد الحيوي تتعلم كيفية مقاومة غيره بعد ذلك. لذلك تقول سينوك: “إن المضادات الحيوية تمثل أدوية ثمينة، ونتحمل جميعاً مسؤولية مشتركة في الحفاظ عليها من خلال المتابعة المستمرة والاستخدام المسؤول للمضادات الحيوية كوسيلة لمكافحة المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين”.