باحثون يطورون خوارزمية تعلم آلي فائقة السرعة

2 دقائق
خوارزمية تعلم آلي فائقة السرعة
الصورة الأصلية: جيرد ألتمان عبر بيكساباي | تعديل: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية

40 ألف ضعف المعالجة الحاسوبية الحالية

تخيل لو أن الحياة تتحرك بسرعة تفوق 40 ألف ضعف سرعتها الحالية، كيف سيكون شكلها؟ غالباً ستنضج الطماطم بعد ثلاث دقائق فحسب من زراعتها، وستستغرق الرحلة بين مدينتي نيويورك ولوس أنجلوس نصف ثانية فقط، كما أنك لن تتوقف في طابور الفحص الأمني بالمطار قبل هذه الرحلة سوى لمدة 30 مللي ثانية.

توصل فريق بحثي يعمل في ​​مختبرات سانديا الوطنية بالولايات المتحدة الأميركية إلى أمر مماثل في مجال الذكاء الاصطناعي، بعدما ابتكر طريقة لاستخدام خوارزميات التعلم الآلي لإكمال حسابات علمية معقدة بسرعة تفوق سرعة المعالجة الحاسوبية العادية بأكثر من 40 ألف ضعف.

وأوضحت مختبرات سانديا، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، أن النتائج التي توصل إليها الفريق البحثي قد تؤدي إلى حدوث تسارع هائل في عمليات تطوير تقنيات جديدة في مجالات البصريات والفضاء وتخزين الطاقة وربما الطب أيضاً، كما أنها ستسهم في الوقت نفسه في توفير الأموال التي تنفها المختبرات على تكاليف الحوسبة الباهظة.

وقد أُجريت الأبحاث- التي مولها برنامج علوم الطاقة الأساسية التابع لوزارة الطاقة الأميركية- في مركز تقنيات النانو المتكاملة، وهو مرفق أبحاث تديره مختبرات سانديا الوطنية ومختبرات لوس ألاموس الوطنية بشكل مشترك. ونشرت الدراسة التي أُعلنت فيها النتائج، قبل أسبوعين، في دورية "المواد الحاسوبية" (Computational Materials).

اختصار دورة التصميم

يقول ديفيد دي أوكا زابيان عالم المواد الحاسوبية في مختبرات سانديا، الذي ساعد في قيادة البحث: "إننا نختصر دورة التصميم"، موضحاً أن "معدلات تصميم المكونات في الوقت الحالي تفوق بشكل صارخ معدلات تصميم المواد التي نحتاجها لبنائها، ونحن نرغب في تغيير هذا الأمر. بمجرد تصميم أحد المكونات نود أن نكون قادرين على تصميم مادة متوافقة مع هذا المكون، دون الحاجة إلى الانتظار لسنوات طويلة، كما يحدث في العملية الحالية".

أحد الأمثلة العملية التي أشار إليها الفريق هي تسريع عمليات المحاكاة الحاسوبية باهظة الثمن، حيث استخدم الباحثون التعلم الآلي لتسريع عملية محاكاة حاسوبية تتنبأ بكيفية تأثير تغيير التصميم -مثل تعديل كميات المعادن في السبيكة- على مادة معينة. في الوقت الحالي، قد يتطلب هذا المشروع إجراء الآلاف من عمليات المحاكاة، التي قد تستغرق أسابيع أو شهور أو حتى سنوات لتنفيذه.

وقد أجرى الفريق عملية محاكاة باستخدام عنقود حوسبة عالي الأداء يتكون من 128 نواة معالجة، حيث استغرقت العملية 12 دقيقة. في المقابل، استغرقت نفس عملية المحاكاة باستخدام تقنية التعلم الآلي الجديدة 60 مللي ثانية فقط (مللي ثانية هي وحدة زمنية تساوي جزء من الألف من الثانية)، ولم تستخدم سوى 36 نواة معالجة. وتزيد هذه السرعة بمقدار 42,666 ألف مرة عن سرعة إجراء العملية على الحاسوب بدون التعلم الآلي. بعبارة أخرى، ما يستغرق في العادة عاماً حتى يتعلمه الباحثون، لن يستغرق الآن سوى 15 دقيقة فحسب.

مصدر الصورة: جيرد ألتمان عبر بيكساباي

لم تختلف الإجابة التي توصلت إليها خوارزمية سانديا الجديدة سوى بنسبة 5% عن نتيجة المحاكاة القياسية، وهو ما يعتبره الفريق استنتاجاً دقيقاً للغاية، لاسيما عند مقايضة الدقة بالسرعة الكبيرة التي توصل بها النظام إلى نتائجه. ويقول ريمي دينجريفيل، عالم المواد في مختبرات سانديا والذي شارك في المشروع: "إن إطار التعلم الآلي الذي طورناه يحقق تقريباً نفس الدقة التي يحققها النموذج عالي الدقة، ولكن بجزء ضئيل من التكلفة الحاسوبية".

فائدة علمية أكبر

على الرغم من أن التعلم الآلي اُستخدم سابقاُ لاختصار عمليات المحاكاة التي تحسب كيفية تغير التفاعلات بين الذرات والجزيئات بمرور الوقت، إلا أن دراسة مختبرات سانديا تقدم أول نتائج منشورة لاستخدام التعلم الآلي في تسريع عمليات محاكاة في المواد الكبيرة نسبياً، وهو الأمر الذي يتوقع الفريق أنه سيكون ذا قيمة عملية أكبر بالنسبة للعلماء والمهندسين.

على سبيل المثال، يمكن للعلماء الآن محاكاة الكيفية التي تلتصق بها القطيرات الصغيرة من المعدن المنصهر معاً عندما تبرد وتتصلب، أو العكس: كيف سينفصل هذا الخليط إلى الأجزاء المكونة له عندما يذوب.

وتشير مختبرات سانديا إلى أن العديد من الظواهر الطبيعية الأخرى- بما فيها تكوين البروتينات- تتبع أنماطاً مماثلة. وعلى الرغم من أن الفريق لم يختبر الخوارزمية بعد لمحاكاة تكوين البروتينات، إلا أنه يسعى لاستكشاف هذا الأمر مستقبلاً.

المحتوى محمي