تقدم شركة أبل الأميركية نفسها على أنها المدافع عن خصوصية المستخدمين في وجه شركات التكنولوجيا العملاقة الأخرى وشركائها المتعطشين للبيانات الشخصية، حيث تمتلك أبل نموذج عمل خاص بها، يعتمد في أرباحه على بيع الأجهزة والخدمات المدفوعة غير المدعومة بالإعلانات، في حين أن شركات التكنولوجيا العملاقة الأخرى مثل جوجل وفيسبوك تعتمد في تحقيق أغلب أرباحها على الإعلانات المستهدفة التي تستفيد من بيانات المستخدمين.
ولأن الإعلانات لا تشكل سوى جزءاً صغيراً من أرباح أبل، تقول الشركة في كل مناسبة أنها الأكثر احتراماً لخصوصية المستخدمين، وطرحت عدة ميزات في أجهزتها تتيح للمستخدم منع تتبع نشاطه.
على سبيل المثال، حين يقوم المستخدم بفتح تطبيق لأول مرة على هاتفه من نوع آيفون، ستظهر أمامه نافذة منبثقة تطلب منه الموافقة أو رفض تتبع نشاطه.
اقرأ أيضاً: أزمة شركة أبل مع باحثي الأمن: هل تناقض نفسها؟
ما الذي تقوله الشركة عن الخصوصية؟
تقول الشركة إنها حريصة على حماية خصوصية كل مستخدم وإن نهجها وطريقة عملها في التعامل مع البيانات يختلفان تماماً عن كل شركات التكنولوجيا الأخرى. وتدعي أن معظم البيانات يتم حفظها ومعالجتها على الأجهزة بدلاً من إرسالها إلى خوادم الشركة، وحين يتم إرسالها إلى الخوادم، تكون مشفرة ولا يستطيع أحد الاطلاع عليها، حتى موظفو شركة أبل أنفسهم.
والتزاماً بما جاء في النظام الأوروبي العام لحماية البيانات (GDPR)، يستطيع أي شخص يستخدم منتجات أو خدمات شركة أبل معرفة المعلومات التي جمعتها الشركة عنه وتنزيلها والاطلاع عليها أو حذفها. تصر أبل على أنها لا تجمع المعلومات الشخصية الخاصة التي تحدد هوية الأشخاص، وأنها لا تمتلك أي شراكات تتيح للمعلنين شراء البيانات.
اقرأ أيضاً: آبل تحذر من استخدام أجهزة AirTags لتتبع الناس دون علمهم
أبل تبيع الإعلانات
تبيع شركة أبل الإعلانات على نطاق أصغر بكثير من شركات التكنولوجيا الأخرى مثل فيسبوك وجوجل، هذه الإعلانات تظهر فقط في تطبيق "أخبار أبل" (Apple News) ومتجر التطبيقات "آب ستور" (App Store) بناءً على اهتمامات المستخدم.
تنص سياسة الخصوصية والإعلان في الشركة على ما يلي: "قد تظهر إعلانات مقدمة من منصة إعلانات أبل على تطبيق أخبار أبل ومتجر التطبيقات آب ستور وتطبيق الأسهم. لا تقوم منصة إعلانات أبل بتتبعك، ما يعني أنها لا تربط بيانات المستخدم أو الجهاز التي تم جمعها من تطبيقاتنا ببيانات المستخدم أو الجهاز التي تم جمعها من أطراف ثالثة لأغراض الإعلان المستهدف أو قياس الإعلانات، ولا تشارك بيانات المستخدم أو الجهاز مع وسطاء البيانات".
إذا كنت تشعر بالقلق على خصوصيتك من جمع هذه البيانات، تتيح لك شركة أبل في إعدادات الهاتف خياراً يمنع جمع البيانات.
تجمع أبل أيضاً معلومات حول الموسيقى والأفلام والكتب والتطبيقات التي يتم تنزيلها على الأجهزة المختلفة واستخدامها، لكنها تقول إن الهدف من ذلك ليس الربح المادي أو عرض الإعلانات المخصصة، بل لتقديم تجربة استخدام مخصصة تناسب كل مستخدم، بالإضافة إلى إصلاح الأخطاء وتحسين الخدمات.
اقرأ أيضاً: هاتف آيفون يحتفظ بخريطة للأماكن المهمة التي تزورها: إليك كيف تعطل هذه الميزة
التقدم بطلب للحصول على البيانات
بعد دخول النظام الأوروبي العام لحماية البيانات (GDPR) حيز التنفيذ، أصبح كل مستخدم قادراً على تقديم طلب لأي شركة تكنولوجيا من أجل الحصول على نسخة من البيانات التي جمعتها عنه.
حين تقوم بتنزيل البيانات التي تجمعها فيسبوك وجوجل عنك، ستجد أن هذه الشركات تجمع معلومات حول أي نشاط تقوم به، وتحتفظ بنسخة من كل صورة تقوم بنشرها، بالإضافة إلى أرقام هواتف وعناوين وأسماء الأصدقاء، حتى أن شركة جوجل تحتفظ بسجل يتضمن كل عملية بحث قمت بها، بما في ذلك عمليات البحث التي تتم في وضع التصفح المخفي الذي من المفترض أن يكون خاصاً وسريّاً.
التقدم بطلب للحصول على البيانات من فيسبوك وجوجل سهل للغاية، وتستجيب الشركتان للطلب خلال عدة أيام دون طرح أي أسئلة، لتحصل في النهاية على رابط يصل إلى بريدك الإلكتروني يمكن من خلاله تنزيل بياناتك والاطلاع عليها.
بالنسبة لشركة أبل، يبدو أن هذا الإجراء أصعب بكثير، إذ يصعب على المستخدم الوصول إلى الصفحة التي يمكن فيها تقديم الطلب. وبعد تقديمه، سيتلقى بريداً إلكترونياً يطلب منه اسمه الكامل ومعرف أبل ID وعنوان البريد الإلكتروني وعنوان الشارع ورقم الهاتف والرقم التسلسلي لجهاز أبل الذي يستخدمه.
بعد إرسال كل هذه المعلومات، سيتلقى رسالة تفيد بأن البيانات ستكون متاحة للتنزيل حين تتم الموافقة على الطلب، يجب على المستخدم الانتظار عدة أيام ليتمكن في النهاية من تنزيل البيانات. إجراءات تقديم الطلب والأسئلة التي يتم طرحها تجعل العملية معقدة بعض الشيء، لكن الشركة قالت إنها ستعمل على تبسيط العملية لجعلها أكثر سهولة قريباً.
اقرأ أيضاً: آبل تشارك معلومات حساسة لمستخدمي سيري مع عاملين من البشر
هل أبل حقاً نصيرة للخصوصية؟
في السنوات الماضية، لم تستخدم أبل الخصوصية كطريقة عمل جيدة فحسب، بل أيضاً كميزة تجارية للتسويق، واعتمدت نهجاً صارماً لحماية المستخدم من التتبع بغرض استهدافه بالإعلانات، سواء على الأجهزة أو على الويب، وجعلت من السهل معرفة التطبيقات التي تراقبه، ومنحته المزيد من الأدوات لمنع هذه المراقبة. باختصار، يمكن القول إن ميزات الخصوصية التي تتحدث عنها أبل هي ميزات حقيقية ومفيدة وتفتقر إليها الكثير من شركات التكنولوجيا العملاقة الأخرى.