ملخص: مع التحول نحو الذكاء الاصطناعي، بدأت أنماط العمل والحياة بالتغير، وفُتحت آفاق أمام الحكومات والمؤسسات للتوصل إلى حلول مبتكرة للتحديات والمشكلات التي تواجهها. حيث تتنافس الشركات لتقديم أفضل الخدمات لعملائها، بالاستفادة من البيانات الضخمة المتوفرة. لكن بالتوازي مع تقدم الكثيرين في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، يسير البعض ببطء في عملية التبني، ما يخلق فجوة بين الشركات تنعكس على رضا العملاء. وهذا مهم بالنظر إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 14% بحلول عام 2030، ليصل إلى نحو 15.7 تريليون دولار. وقد أثبتت التقنيات الجديدة مثل الروبوتات الآلية (RPA) والذكاء الاصطناعي بما في ذلك تقنية التعرف الضوئي على النص (OCR وNLP)، فاعليتها في تحسين الإنتاجية وتعزيز رضا العملاء، حيث توصلت مجموعة نيلسون من خلال 3 دراسات حالة إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل بوت الدردشة تشات جي بي تي (ChatGPT) في الأعمال يؤدي إلى تحسين أداء المستخدمين بنسبة 66%، ويفيد بشكل أكبر العمال الأقل مهارة، ويساعد على تحقيق المهام الأكثر تعقيداً.
في عالم اليوم المتسارع والمتطور رقمياً، تواجه المؤسسات الحكومية والخاصة تحديات متنامية في إدارة العمليات الإدارية والخدمية بكفاءة عالية. لكن مع الانتقال إلى عصر الذكاء الاصطناعي بدأت أنماط العمل والحياة تتغير، وفتحت التكنولوجيات الحديثة الأفق أمام الحكومات والمؤسسات للتوصل إلى حلول مبتكرة للتحديات والمشكلات التي تواجهها.
هذا التحول، تتوازى معه تنافسية شديدة على مستوى الشركات والحكومات لتقديم منتجات وخدمات تلبي احتياجات العملاء المتغيرة باستمرار، إذ أثبتت الدراسات أن رضا العملاء عنصر مهم في تعزيز الأداء المالي للمؤسسات، وبالتالي تنظر المؤسسات الحكومية والخاصة إلى الشكاوى على أنها مصدر تهديد لاستمرارية أعمالها، لأنها تدل على استياء مجموعة من المستفيدين من مستوى المنتج أو الخدمة، و بالتالي فقدان ثقتهم بهذه الخدمة أو المنتج، إذ كشف تحليل أجرته مجلة ذي إيكونوميست، أن الشركة التي تفقد ثقة عملائها تخسر 30% من قيمتها.
اقرأ أيضاً: خبير يحذّر من موجة احتيال تستهدف المؤسسات والأفراد في السعودية باستخدام رموز الاستجابة السريعة
الانتقال إلى عصر الذكاء الاصطناعي
في الوقت الذي تكافح فيه المؤسسات من أجل تحسين الإنتاجية وتعزيز رضا المستفيدين، برز الذكاء الاصطناعي الذي يمثّل "خوارزميات تحكمها حدود، تُعرض أمامنا على شكل بيانات تدعم النماذج التي تستهدف سلاسل أوامر تربط التفكير والإدراك والإجراء معاً"، كما يُعرِّفه الأستاذ الجامعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي)، باتريك وينستون.
وزادت أهمية الذكاء الاصطناعي خلال العقد الماضي مع زيادة توفر البيانات والتطورات في القدرة الحاسوبية، لكنه أصبح سيفاً ذا حدين، ففي حين بدأت العديد من الدول بتكييف تطبيقات الذكاء الاصطناعي والانتقال من مفهومه النظري إلى توظيفه عملياً في العديد من القطاعات والشركات، تسير بعض الدول الأخرى ببطء باتجاه الذكاء الاصطناعي أو أن بعضها غير قادرة على التكيُّف مع هذه التقنية الحديثة، ما يؤدي إلى خلق فجوة في الإنتاجية والنمو الاقتصادي بين الدول. خصوصاً إذا علمنا أن الذكاء الاصطناعي قد يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 14% بحلول عام 2030، ليصل إلى نحو 15.7 تريليون دولار.
وبحسب دراسة حديثة أجرتها شركة "بي دبليو سي" (PwC)، وبتقدير مماثل، توقع "مركز ماكنزي العالمي للأبحاث" أن يُضيف الذكاء الاصطناعي للاقتصاد العالمي 13 تريليون دولار بحلول عام 2030.
جمع البيانات وتحليلها مفتاح رضا العملاء
في رحلة الكشف عن مستوى رضا العميل لا يمكن الاعتماد على الاستطلاعات وحدها، بسبب انخفاض نسب المشاركة وعدم موضوعية الأسئلة فيها، فضلاً عن عدم موثوقية الإجابات.
تُبيّن الأبحاث أن بين 60 إلى 80% من العملاء يدّعون أنهم راضون عن خدمات بنوكهم قبل أن يتركوا التعامل معها، وهو ما يعتبر اتجاهاً سائداً في مختلف الصناعات.
بالتالي، فإن تحديد شخصية العملاء المثاليين يتطلب من المؤسسة التوصل إلى رؤية شاملة لأنشطة العملاء وتفاعلهم مع المؤسسات الأخرى، فالأمر يشبه القصة المصورة، بحيث لا يمكن لصورة واحدة أن تجعل الشخصيات حيةً، لا بُدَّ من جمع البيانات الصحيحة وتحليلها لفهم العملاء بشكلٍ أعمق، وإلّا سينتقلون إلى المنافسين.
اليوم، أثبتت التقنيات الجديدة مثل الروبوتات الآلية (RPA) والذكاء الاصطناعي بما في ذلك تقنية التعرف الضوئي على النص (OCR وNLP)، فاعليتها في تحسين الإنتاجية وتعزيز رضا العملاء، حيث توصلت مجموعة نيلسون من خلال 3 دراسات حالة إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل بوت الدردشة تشات جي بي تي (ChatGPT) في الأعمال يؤدي إلى تحسين أداء المستخدمين بنسبة 66%، ويفيد بشكل أكبر العمال الأقل مهارة، ويساعد على تحقيق المهام الأكثر تعقيداً.
إن دمج هذه التقنيات المتطورة يمنح المؤسسات القدرة على تحليل البيانات بسرعة وكفاءة غير مسبوقة، وتنفيذ المهام الروتينية بدقة عالية. فباستخدام تقنية RPA، يمكن للأنظمة الذكية أتمتة العديد من الإجراءات والعمليات التي تتبع مسارات محددة، ما يقلل من الأخطاء البشرية ويوفّر الوقت والجهد. وعندما تُدمج هذه الروبوتات الآلية مع تقنيات الذكاء الاصطناعي وOCR، تصبح قادرة على فهم المحتوى المطبوع وتحويله إلى بيانات رقمية قابلة للمعالجة آلياً.
اقرأ أيضاً: إليك 5 من أبرز الأدوات التي تساعدك على تقييم أداء موظفيك
كيف أسهم الذكاء الاصطناعي في معالجة الشكاوى والاعتراضات بدقة وسرعة؟
يقود الاندماج بين تقنيات RPA والذكاء الاصطناعي وOCR إلى تحقيق مجموعة من الفوائد الملموسة للمؤسسات والمستفيدين على حد سواء. فتتمكن المؤسسات من رفع مستوى الكفاءة التشغيلية وتسريع وتيرة العمليات، بينما يستفيد المتعاملون من الحصول على خدمات أسرع وأكثر دقة.
وفي ظل الحاجة المتزايدة إلى تحسين كفاءة عمليات خدمة العملاء، تتطلع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في السعودية إلى الاستفادة من قوة الذكاء الاصطناعي، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تركّز على دور التقنيات الحديثة في تحقيق التنمية الاقتصادية وخلق بيئة عمل فعّالة، إذ يرتبط 66 هدفاً من أهداف الرؤية المباشرة وغير المباشرة بالبيانات والذكاء الاصطناعي من أصل 96 هدفاً.
وبحسب تقرير شركة إكسنتشر (Accenture) من المتوقع أن يُضيف الذكاء الاصطناعي والحلول المستندة إليه نحو 215 مليار دولار إلى اقتصاد المملكة بحلول عام 2035، ليمثّل ذلك زيادة في قيمة الناتج المحلي بنسبة 12.5%.
وعليه، أتاحت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مساحة للمشاركة في تقديم الآراء والمقترحات حول تطوير خصائص نظام محادثة ذكي باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي (Chatbot) وإتاحته عبر بوابة الوزارة، بهدف تحسين تجربة المستخدم وتقديم الخدمات بكفاءة وسرعة عالية.
وبدأت الوزارة بتطبيق حلول متقدمة تستخدم تقنيات مبتكرة كالتعرف الضوئي على الحروف (OCR) وفهم النصوص (NLP) والروبوتات الآلية (RPA) لمعالجة الشكاوى والاعتراضات المالية بكفاءة أعلى.
ويمكن للروبوت الآلي المطور من قِبل الوزارة استخدام تقنية OCR لقراءة الوثائق والاستمارات المقدمة من المستفيدين بدقة وسرعة، وبدلاً من استنزاف الجهد والوقت في الإدخال اليدوي للبيانات، يحوّل النظام الذكي المحتوى المطبوع إلى معلومات رقمية قابلة للمعالجة آلياً، ما يؤدي إلى تقليل الأخطاء وتسريع عملية إدخال البيانات.
بالإضافة إلى تطبيق تقنية RPA لتنفيذ العمليات الروتينية وذلك باستخدام تقنية الروبوتات الآلية (RPA)، يمكن للنظام الذكي تنفيذ المهام المتكررة في معالجة الشكاوى والاعتراضات بدقة وسرعة. فبدلاً من الاعتماد على العنصر البشري للقيام بالخطوات التي تتبع مسارات ثابتة، يُنجز الروبوت الآلي هذه المهام بشكلٍ آلي دون أخطاء ورفع كفاءة منسوبي الوزارة بالتركيز على المهام الرئيسية، وهذا ما يسهم في توفير الوقت والجهد، وتعزيز كفاءة العمليات.
إن دمج تقنيتي OCR وRPA في نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بمعالجة الشكاوى والاعتراضات يؤدي إلى نتائج ملموسة. فقد حققت الوزارة انخفاضاً ملحوظاً في الوقت اللازم لمعالجة طلبات المستفيدين، ما عزز من رضاهم عن الخدمات المقدمة، كما أسهمت هذه الحلول في تحسين الكفاءة التشغيلية عبر تقليل الأخطاء وتسريع عمليات المعالجة.
إن استخدام الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تقنيات OCR وRPA، في معالجة الشكاوى والاعتراضات المالية يمثّل نموذجاً ناجحاً لتحسين الخدمات الحكومية وتعزيز رضا المستفيدين. وبمواصلة تطوير هذه الحلول الذكية، ستتمكن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية من المضي قُدماً نحو مستقبل أكثر كفاءة وفاعلية في خدمة أفراد المجتمع.