أعلنت شركة جوجل أن المصادقة الثنائية (2FA) ستصبح إلزامية لمستخدمي خدمتها السحابية جوجل كلاود بلاتفورم (Google Cloud Platform) بحلول نهاية عام 2025. يأتي هذا القرار جزءاً من خطة تهدف إلى تعزيز الحماية من الهجمات السيبرانية وتأمين بيانات المستخدمين الحساسة في أنحاء العالم كافة. سيبدأ تنفيذ هذا القرار بشكلٍ تدريجي من شهر نوفمبر 2024، وذلك على مراحل لتسهيل تبني المستخدمين جميعهم المصادقة الثنائية.
اقرأ أيضاً: ماذا تفعل إذا تسربت بياناتك الشخصية؟ دليلك الشامل لحماية نفسك
ما هي المصادقة الثنائية؟ وما هي أهميتها؟
المصادقة الثنائية هي طبقة إضافية من الأمان تطلب من المستخدمين توفير عاملين للتحقق من هويتهم. عادةً ما يكون العامل الأول كلمة المرور، والثاني هو رمز يتم إرساله عبر الهاتف أو بصمة تطبيق مخصص للمصادقة الثنائية أو عن طريق بصمة الأصبع. تُعتبر هذه الطريقة أكثر أماناً لأنها تقلل مخاطر الوصول غير المصرح به حتى في حال سرقة كلمة المرور.
وفقاً لوكالة الأمن السيبراني الأميركية (CISA)، يُعدّ استخدام المصادقة الثنائية طريقة فعّالة لحماية الأفراد والشركات؛ فهي تقلل احتمالية تعرض الحسابات للاختراق بنسبة 99%، هذا الرقم الكبير يعزز أهمية تبني المصادقة الثنائية لمواجهة الهجمات السيبرانية المتزايدة.
لماذا اتخذت جوجل هذا القرار الآن؟
قرار جوجل بجعل المصادقة الثنائية إلزامية في 2025 لمستخدمي خدمتها السحابية كافة يأتي في توقيت استراتيجي يعكس رؤية مدروسة لمواجهة التحديات المتزايدة في مجال الأمن السيبراني. كما استندت الشركة في قرارها إلى عدة عوامل رئيسية، إليك نظرة عامة على أبرز هذه العوامل:
تصاعد التهديدات السيبرانية
في السنوات الأخيرة، شهدت الهجمات السيبرانية تطوراً كبيراً من حيث التعقيد والتأثير، ومع ازدياد استخدام السحابة من قِبل الشركات والمؤسسات، أصبحت موارد السحابة الهدف الأكثر شيوعاً، حيث شكّلت الهجمات التي تستهدف خدمات التخزين السحابي نحو 30% من الهجمات السيبرانية، فيما شكّلت هجمات البنية الأساسية لإدارة السحابة نحو 26%، أي أن أكثر من نصف الهجمات السيبرانية على مستوى العالم اليوم تستهدف الخدمات السحابية، بالإضافة إلى ذلك، أبلغ 14% من عملاء الحوسبة السحابية عن وقوع حادث أمني خلال الأشهر الـ 12 الماضية.
جاهزية السوق والبنية التحتية
حالياً، يعتمد نحو 70% من عملاء خدمة جوجل السحابية على المصادقة الثنائية، هذا يجعل الانتقال بشكلٍ إلزامي أمراً بسيطاً وسهل التنفيذ.
وقد بدأت الشركة بالفعل تهيئة عملائها من خلال إرسال رسائل تذكير وتوفير أدوات مساعدة ضمن لوحات التحكم الخاصة بهم لتبني المصادقة الثنائية بسهولة، مثل هذه الخطوات التمهيدية تؤكد التزام جوجل بجعل التجربة سلسة للعملاء.
حماية سمعة الشركة ومكانتها
جوجل ليست مجرد شركة تكنولوجيا، إنها علامة تجارية معروفة عالمياً في مجال الابتكار والأمان. وأي اختراق كبير لخدمتها السحابية قد يهدد سمعتها كمزود آمن للحلول السحابية، ويؤثّر في ثقة العملاء.
من خلال جعل المصادقة الثنائية إلزامية، ترسل جوجل رسالة قوية حول التزامها بحماية بيانات العملاء والحفاظ على مكانتها في السوق.
ضغط القوانين والمعايير التنظيمية
الالتزام باللوائح الدولية المتعلقة بحماية البيانات، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي والقوانين الأميركية، أصبح عاملاً رئيسياً في استراتيجيات شركات التكنولوجيا الكبرى. خطوة جوجل تجعلها أكثر توافقاً مع هذه المعايير وتضعها في مقدمة الشركات التي تلتزم بتوفير أعلى مستويات الأمان.
تقليل التكاليف المترتبة على الاختراقات
وفقاً لتقرير صادر عن شركة آي بي إم (IBM) الأميركية عام 2024، بلغ متوسط التكلفة العالمية لاختراق البيانات الواحد 4.88 ملايين دولار أميركي، ويمثّل هذا الرقم زيادة بنسبة 10% على عام 2023 وأعلى إجمالي تكلفة على الإطلاق، وبالنسبة للبيانات المخزنة في السحابة، كان متوسط التكلفة أعلى من ذلك، وبلغ 5.17 مليون دولار أميركي.
اقرأ أيضاً: 10 قواعد للأمن السيبراني عليك تطبيقها في حياتك اليومية
هل ستتبع شركات أخرى نهج جوجل؟
قرار جوجل بجعل المصادقة الثنائية إلزامية قد يكون نقطة تحول تدفع شركات تكنولوجيا أخرى لتبني سياسات مشابهة في المستقبل، وقد تتخذ الشركات الكبرى مثل مايكروسوفت وأمازون وآبل خطوات مماثلة، نظراً لأهميتها في تعزيز الأمان وازدياد التهديدات السيبرانية.
مايكروسوفت في المقدمة
مايكروسوفت هي من أكبر مزودي الحلول السحابية في العالم، وقد نما عدد عملائها بشكل كبير بفضل تبنيها للذكاء الاصطناعي، وهي حالياً تشجع العملاء جميعاً على تفعيل المصادقة الثنائية كجزء من عملية تسجيل الدخول، وقد تتخذ قريباً خطوة مماثلة بجعل المصادقة الثنائية إلزامية.
أمازون ويب سيرفيسز
تعتبر شركة أمازون أكبر مزود للخدمات السحابية في العالم عن طريق شركتها التابعة أمازون ويب سيرفيسز (AWS)، وهي توفّر خيارات عديدة وسهلة لتفعيل المصادقة الثنائية، ولكنها حتى الآن لم تُلزم عملاءها باستخدامها. لكن نظراً لحجمها وعدد عملائها وتأثيرها العالمي، قد تتجه قريباً نحو إلزام الجميع بالمصادقة الثنائية.
آبل واستراتيجياتها الأمنية
آبل هي شركة تركّز بشكلٍ أساسي على أمان أجهزتها وخدماتها، ولا تمتلك خدمة حوسبة سحابية خاصة بها، لكنها توفّر لمستخدمي أجهزتها خدمة تخزين سحابي لبياناتهم تُعرف باسم آي كلاود (iCloud). وتشجّع الشركة حالياً مستخدمي آي كلاود على تفعيل المصادقة الثنائية، ومن المتوقع أن تغيّر هذا النهج ليصبح المستخدمون ملزمين بذلك، خاصة في ضوء المنافسة مع جوجل ومايكروسوفت في سوق التخزين السحابي.
الشركات الصغيرة والمتوسطة
حتى الشركات الأصغر حجماً قد تبدأ باتخاذ قرارات مماثلة لتجنب المخاطر القانونية والخسائر المالية. فمع استمرار الهجمات السيبرانية في النمو، تصبح المصادقة الثنائية خط حماية إضافياً لتجنب الاختراق.
اقرأ أيضاً: كيف تنشئ كلمة مرور من المستحيل تخمينها أو كسرها؟
نستنتج من ذلك أن الاتجاه العالمي نحو تعزيز الأمان يجعل إلزامية المصادقة الثنائية قراراً محتملاً لمعظم الشركات بغض النظر عن حجمها. لكن الأمان ليس العامل الوحيد، بل تؤدي القوانين والمعايير الدولية دوراً في ذلك، كما أن المنافسة في سوق الخدمات السحابية تجبر الشركات على تقديم أفضل حلول الأمان المتاحة للحفاظ على سمعتها واكتساب ثقة المزيد من العملاء.