أمل جديد للمصابين بالشلل بفضل جهاز مبتكر يمكنه تحسين التحكم في أيديهم

3 دقيقة
أمل جديد للمصابين بالشلل بفضل جهاز مبتكر يمكنه تحسين التحكم في أيديهم

قبل 14 عاماً، حاولت الصحافية ميلاني ريد أن تقفز على ظهر الحصان، ووقعت. أدت الحادثة إلى إصابة معظم أجزاء جسدها بالشلل من الصدر إلى الأسفل. وقد استعادت سيطرتها على يدها اليمنى في نهاية المطاف، لكن يدها اليسرى بقيت "عديمة الفائدة"، حسبما قالت للمراسلين الصحفيين في مؤتمر صحفي عُقِد مؤخراً. أما الآن، وبفضل جهاز جديد غير باضع يوفر تحفيزاً كهربائياً للنخاع الشوكي، استعادت السيطرة على يدها اليسرى جزئياً. وتستطيع الآن استخدامها لربط شعرها إلى الخلف، وتمرير إصبعها على الجهاز اللوحي، بل وحتى الضغط بما يكفي لتحرير قفل حزام الأمان في السيارة. قد تبدو هذه المكاسب صغيرة، لكنها في الواقع مهمة للغاية، على حد تعبير ريد.

اقرأ أبضاً: رجل مصاب بمرض باركنسون يستعيد القدرة على المشي بفضل زرعة في النخاع الشوكي

"آرك إكس" (ARCex): جهاز يوفر تحفيز للنخاع الشوكي

وتقول: "يعتقد الجميع أن استعادة القدرة على المشي هي كل ما يرغب فيه الشخص الذي تعرض لإصابة في النخاع الشوكي. غير أن القدرة على استخدام اليدين هي أهم شيء بالنسبة إلى المصابين بالشلل في ثلاثة أطراف أو أربعة أطراف".

حصلت ريد على هذا الجهاز، الذي يحمل اسم "آرك إكس" (ARCex)، في إطار تجربة سريرية شملت 60 شخصاً. وقد أتمت مع المشاركين الآخرين شهرين من العلاج الفيزيائي، متبوعين بشهرين آخرين من العلاج الفيزيائي ممزوجاً بالتحفيز. ونُشِرت النتائج مؤخراً في مجلة "طب الطبيعة" (Nature Medicine)، وتبين النتائج أن هذه الطريقة كانت مفيدة بالنسبة إلى الأغلبية العظمى من المشاركين. وبحلول نهاية التجربة التي استمرت 4 أشهر، شعر 72% من المشاركين ببعض التحسن من حيث القوة والنشاط الوظيفي في اليدين أو الذراعين عند إيقاف جهاز التحفيز. وقد شعر 90% من المشاركين بتحسن على صعيد واحد من هذه المعايير على الأقل. كما أفاد 87% بأن نوعية الحياة لديهم أصبحت أفضل.

لتحفيز غير الباضع للعمود الفقري

هذه الدراسة ليست الأولى من نوعها لاختبار إمكانية استخدام التحفيز غير الباضع للعمود الفقري في مساعدة المشلولين على استعادة وظائف النصف العلوي من أجسامهم، غير أنها مهمة لأنه لم تُجرَ تجربة سريرية من قبل في هذا العدد من مراكز التأهيل أو على هذا العدد من المشاركين، كما يقول عالم الأعصاب في مركز مايو كلينيك (Mayo Clinic) الطبي في مينيسوتا، إيغور لافروف، الذي لم يشارك في الدراسة. غير أنه يشير إلى أن هذا العلاج، على ما يبدو، يحقق أفضل النتائج عند الأشخاص الذين يمتلكون قدرة محدودة على التحرك إلى الأسفل من موقع الإصابة. كانت التجربة السريرية تمثل العقبة الأخيرة قبل أن يتمكن الباحثون الذين صمموا الجهاز من طلب موافقة الجهات الرقابية عليه، ويأملون بأن يحصل الجهاز على الموافقة في الولايات المتحدة قبل نهاية العام.

اقرأ أيضاً: ما هي الشبكات العصبونية الاصطناعية؟

يتكون آرك إكس من محفز صغير متصل بالأسلاك مع أقطاب توضع على العمود الفقري، وفي هذه الحالة، توضع على المنطقة المسؤولة عن التحكم في اليدين والذراعين، تحت العنق مباشرة. وقد تولت شركة أونوورد ميديكال (Onward Medical) عملية تطوير هذا الجهاز، وهي شركة شارك في تأسيسها عالم الأعصاب في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في مدينة لوزان، غريغوار كورتين، الذي يشغل حالياً منصب كبير الموظفين العلميين في الشركة.

فوائد محدودة

لن يكون لعملية التحفيز أي أثر إيجابي عند النسبة المئوية الصغيرة من الأشخاص الذين لم يتبقَّ لديهم أي اتصال بين الدماغ والنخاع الشوكي أسفل موضع الإصابة. أما بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يزال لديهم درجة من الاتصال، فإن التحفيز يؤدي على ما يبدو إلى جعل الحركات الإرادية أسهل من خلال زيادة قدرة الأعصاب على نقل الإشارات. تشير الدراسات التي أجريت على الحيوانات خلال العقدين الماضيين إلى أن التحفيز ينشط الألياف العصبية المتبقية، ويساعد على نمو أعصاب جديدة مع مرور الوقت. ولهذا السبب تدوم الفوائد حتى بعد إيقاف عمل جهاز التحفيز.

تكمن الأفضلية الكبيرة لنظام التحفيز الخارجي، بالمقارنة مع الزرعة الداخلية، في أنه لا يحتاج إلى عملية جراحية، ما يجعل استخدام الجهاز أقل عبئاً على المريض. وفي المؤتمر الصحفي، قالت مديرة أبحاث إصابات النخاع الشوكي في مركز شيبرد (Shepherd Center)، إيديل فيلد فوت: "ثمة عدد كبير من الأشخاص غير المهتمين بالتكنولوجيات الباضعة". إضافة إلى هذا، فإن الجهاز الخارجي سيكون على الأرجح أقل تكلفة من أي خيارات جراحية، على الرغم من أن الشركة لم تحدد سعر آرك إكس حتى الآن.

وفي المؤتمر الصحفي، قال المهندس وعالم الأعصاب في جامعة واشنطن في مدينة سياتل، شيت موريتز: "نحن نتحدث عن جهاز يتكامل بسلاسة فائقة مع العلاج الفيزيائي والعلاج الوظيفي الذي تقدمه العيادة في المقام الأول". تتسم عملية إعادة التأهيل بعد الإصابة بفترة قصيرة بأهمية بالغة، لأن هذه الفترة تحمل أفضل فرصة للتعافي. وأضاف قائلاً: "إن القدرة على استعادة هذه الوظيفة دون الحاجة إلى عمل جراحي قد تغير حياة الكثير من الذين تعرضوا لإصابات في النخاع الشوكي".

اقرأ أيضاً: شريحة من السيليكون مُقلّدة لعمل الخلايا العصبية قد تساعد في مكافحة الشلل

تتمنى ريد لو أنها استخدمت الجهاز بعد إصابتها بفترة قصيرة، لكنها مندهشة إزاء درجة التحسن في الوظائف لديها بعد مرور كل هذا الوقت. وتقول: "بعد 14 عاماً، كنت أعتقد أنني سأبقى على هذه الحال، وأنني لن أستطيع تغيير أي شيء". ولهذا السبب، فإن عودة القوة والقدرة إلى يدها اليسرى "أمر مذهل"، كما تقول. تعمل أونوورد أيضاً على تصميم أجهزة قابلة للزرع، التي يمكنها توفير تحفيز أقوى وأكثر استهدافاً، ما قد يعني أنه سيحقق درجة أعلى من الفعالية، حتى عند المصابين بالشلل التام. وتأمل الشركة بإطلاق تجربة سريرية لهذه الأجهزة العام المقبل.

المحتوى محمي