في سعيها للعثور على طريقة أفضل لتخزين الطاقة للشبكات الكهربائية، قررت شركة ناشئة إيطالية أن تلجأ إلى مورد غير متوقع: ثنائي أوكسيد الكربون. تحمل الشركة اسم "إينرجي دوم" (Energy Dome)، وقد قامت ببناء محطة تجريبية لاستخدام غاز الدفيئة في تخزين الطاقة.
وعلى الرغم من تنامي استخدام الطاقات المتجددة على مستوى العالم، فإن مواردها مثل الشمس والرياح ليست متوافرة بشكل متواصل ومتسق، ما أدى إلى ظهور الحاجة إلى حلول للتخزين. حالياً، تعتمد معظم منشآت تخزين الطاقة واسعة النطاق على بطاريات الليثيوم أيون، وهي باهظة التكاليف، أو تعتمد على ضخ الطاقة الكهرومائية، والتي لا يمكن استخدامها إلا في أماكن محددة. ويمكن لأنظمة تخزين الطاقة زهيدة التكاليف، والقابلة للتركيب في أي مكان، أن تطلق جميع القدرات الكامنة للطاقات المتجددة.
اقرأ أيضاً: هل يمكن للبطاريات الحديدية الجديدة أن تحل محل بطاريات الليثيوم أيون في تخزين الكهرباء بفعالية؟
ثنائي أوكسيد الكربون لتخزين الطاقة المتجددة
وتعتقد إينرجي دوم أن ثنائي أوكسيد الكربون يمكن أن يؤدي دوراً في هذا المجال. وتقول الشركة إن محطتها التجريبية، والتي صممتها وبدأت بتشغيلها تجريبياً، ستكون قادرة قريباً على تخزين الطاقة بصورة آمنة وزهيدة التكاليف باستخدام ثنائي أوكسيد الكربون المُستَجلب من مصادر تجارية.
ليس تخزين الطاقة بالغاز المضغوط بالتقنية الجديدة، فعلى مدى عقود كاملة، كانت بعض المنشآت تقوم بضخ الهواء لضغطه ضمن كهوف جوفية ضخمة لاستخدامه لاحقاً لتوليد الكهرباء في محطة تعتمد على الغاز الطبيعي. ولكن إينرجي دوم لجأت إلى ثنائي أوكسيد الكربون لاعتبارات فيزيائية.
فعندما يُضغط ثنائي أوكسيد الكربون إلى درجة كافية، يتحول إلى سائل، وهو ما يحدث مع الهواء إلا عند تبريده إلى درجات فائقة الانخفاض. ويمكن لثنائي أوكسيد الكربون السائل أن يوضع ضمن خزانات أصغر حجماً من الفولاذ في مكان قريب إلى توليد الطاقة المتجددة واستخدامها.
اقرأ أيضاً: شركة كندية تخطط لبناء أكبر محطة في العالم لإزالة ثاني أكسيد الكربون
ووفقاً لتصاميم إينرجي دوم، يقوم غشاء مرن بحصر ثنائي أوكسيد الكربون في قبة ضخمة تحت ضغط منخفض. وعند توافر الكهرباء الفائضة، يتم ضخ الغاز باستخدام ضاغط حتى يصل إلى ضغط مرتفع. وتؤدي هذه العملية إلى توليد الحرارة، والتي يتم تخزينها أيضاً.
وبعد ذلك، وعند الحاجة إلى الطاقة، تُستخدم الحرارة المخزنة لتدفئة ثنائي أوكسيد الكربون، والذي يُفلت ضغطه ويقوم بتدوير عنفة لتوليد الكهرباء.
يقول كلوديو سباداتشيني، الرئيس التنفيذي لإينرجي دوم، إن أولى المحطات كاملة الحجم ستكلف فقط أقل من 200 دولار للكيلو واط الساعي الواحد، مقارنة مع ما يقارب 300 كيلو واط ساعي لأنظمة تخزين الطاقة الحالية التي تعتمد على الليثيوم أيون. ويقول سباداتشيني إن التكلفة قد تنخفض حتى إلى أكثر من ذلك، وصولاً إلى 100 دولار للكيلو واط الساعي، إذا تمكنت الشركة من توسيع نطاقها إلى عدة عشرات من المحطات الكبيرة.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن لارتفاع درجة الحرارة أن يؤثر على توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية؟
طريقة واعدة وتحديات هندسية
يقول إدوارد باربور، وهو باحث في أنظمة الطاقة في جامعة لوبورو في المملكة المتحدة، إن فكرة التخزين باستخدام ثنائي أوكسيد الكربون المضغوط "واعدة للغاية". ولكنه يتوقع أن الشركة ستواجه بعض التحديات الهندسية الصعبة، مثل الحفاظ على عمل المبادلات الحرارية طوال فترة عمل المحطة، والتي ستدوم عدة عقود.
تتمتع المحطة التجريبية التي بدأت إينرجي دوم تجاربها فيها مؤخراً بسعة تبلغ 4 ميغا واط ساعي، وهي كافية لتزويد منزل أميركي عادي بالطاقة لفترة أربعة أشهر ونصف تقريباً. ويقول سباداتشيني إنه بعد تشغيل المحطة التجريبية ستنتقل إينرجي دوم بسرعة إلى المحطات ذات النطاق التجاري بسعة 200 ميجاواط ساعي، وتهدف إلى البدء ببنائها في بداية السنة المقبلة في إيطاليا.
اقرأ أيضاً: ما زلنا نحتاج إلى الابتكارات الثورية لجعل شبكة الكهرباء خضراء وصديقة للبيئة
يقول باربور إن التحديات الهندسية "ليست مستحيلة، ولكنها أيضاً ليست سهلة". وهذا يعني أن الجدول الزمني الذي تحدث عنه سباداتشيني للتوسع قد لا يكون واقعياً، كما يحذر باربور: "أعتقد أنه توجد حاجة إلى بعض التعديلات التي قد تستغرق فترة أطول".