كيف نجحت شركة بيربليكسيتي في توقع نتائج الانتخابات الأميركية؟

3 دقيقة
كيف نجحت شركة بيربليكسيتي في توقع نتائج الانتخابات الأميركية؟
حقوق الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية. تصميم: مهدي أفشكو.

لطالما كان التنبؤ بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية موضوعاً مشوقاً وتحدياً كبيراً للمحللين السياسيين وشركات استطلاع الرأي، خاصةً مع التقلبات المستمرة في توجهات الناخبين وتباين ميولهم بين الولايات الأميركية المختلفة. لكن مع تطور التكنولوجيا، أصبحت منصات الذكاء الاصطناعي مثل بيربلكسيتي (Perplexity) توفر طرقاً جديدةً تساعد على قراءة المشهد الانتخابي بدقة أكبر.

فقد تمكنت بيربلكسيتي على الرغم من إمكاناتها المحدودة من التفوق على شركات التكنولوجيا العملاقة في توفير المعلومات خلال الانتخابات الأميركية، وكانت الشركة التي قدمت أفضل تغطية دقيقة ومحايدة.

ما هو بيربلكسيتي؟

بيربلكسيتي هو محرك بحث مدعوم بالذكاء الاصطناعي يستخدم نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) لتقديم النتائج للمستخدمين. تأسست شركة بيربلكسيتي التي يقع مقرها بولاية كاليفورنيا الأميركية في عام 2022.

يختلف محرك البحث بيربلكسيتي عن غيره من محركات البحث التقليدية مثل جوجل وبينغ، فبدلاً من تقديم قائمة بنتائج البحث كما هي، يستخدم بيربلكسيتي الذكاء الاصطناعي التوليدي لتقديم ملخصات لنتائج البحث.

بحسب الإحصائيات، وصل عدد مستخدمي بيربلكسيتي إلى 15 مليون مستخدم شهرياً، في الربع الأول من عام 2024.

اقرأ أيضاً: كيف سيتأثر تنظيم الذكاء الاصطناعي إذا فاز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية؟

مركز المعلومات الانتخابي

قبل عدة أيام من الانتخابات الأميركية، أعلنت شركة بيربلكسيتي عن إطلاق مركز معلومات انتخابي لاختبار ما إذا كان من الجيد استخدام الذكاء الاصطناعي لتقديم معلومات حاسمة حول الانتخابات الأميركية.

يقدم المركز أشياء مثل إجابات تم توليدها بالذكاء الاصطناعي عن أسئلة حول الانتخابات وملخصات حول برامج المرشحين، وفي يوم الانتخابات، الخامس من نوفمبر، تتبعت الشركة عدد الأصوات مباشرةً في كل ولاية أميركية مع النسبة المئوية للأصوات التي فُرزت والمرشح الذي يتقدم، كل ذلك باستخدام بيانات من وكالة أسوشيتد برس (Associated Press) وعدة مصادر أخرى محايدة لا تتبع لأي حزب سياسي.

بالإضافة إلى ذلك، وفر بيربلكسيتي للناخبين معلومات مهمة حول التصويت، مثل متطلبات التصويت ومواقع المراكز الانتخابية وأوقات فتح وإغلاق المراكز، كما وفر تفاصيل حول ما هو موجود على بطاقة الاقتراع في كل مركز انتخابي.

تجربة لا تخلو من الأخطاء

لم تخلو النصوص التي ولدها الذكاء الاصطناعي في مركز المعلومات الانتخابي من بعض الأخطاء، على سبيل المثال، عند النقر على قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية في بعض الولايات الأميركية، ظهر اسم روبرت إف. كينيدي جونيور، في حين أن هذا المرشح انسحب من السباق الرئاسي قبل فترة وأعلن دعمه للمرشح دونالد ترامب.

توضح مثل هذه الأخطاء التحدي المتمثل في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي قد يفتقر إلى الدقة في حالة تتطلب دقة كبيرة، ولماذا امتنعت بعض شركات التكنولوجيا التي تطور الذكاء الاصطناعي عن القيام بذلك.

على سبيل المثال، حين توجه أي سؤال حول الانتخابات الرئاسية أو المرشحين لبوتات الذكاء الاصطناعي، كانت تلك البوتات تتجنب توليد أي إجابة، حيث يقوم تشات جي بي تي (ChatGPT) بتحويل المستخدم إلى مواقع رسمية متعلقة بالتصويت والانتخابات، في حين يقوم جوجل جيميناي (Google Gemini) بتحويل المستخدم إلى نتائج بحث جوجل، أما مايكروسوفت كوبايلوت (Microsoft Copilot) فقد رفض ببساطة توليد أي إجابة أو تحويل المستخدم لأي مصدر آخر.

اقرأ أيضاً: بعد وصف 2024 بأكبر عام انتخابي في التاريخ كيف سنكافح المعلومات المزيفة في الانتخابات؟

تحديات ومخاطر التنبؤ بنتائج الانتخابات بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي

تواجه منصات التنبؤ الانتخابي المعتمدة على الذكاء الاصطناعي مثل بيربلكسيتي تحديات عدة عند التنبؤ بنتائج الانتخابات، أبرز هذه التحديات هو التحيز في البيانات (Data Bias)، فقد تؤدي عينة البيانات المختارة أو المصدر الذي تم الاعتماد عليه إلى توقعات غير دقيقة. هذا التحيز قد يكون ناتجاً عن الاختلافات بين الولايات التي تختلف تركيبتها السكانية وحالتها الاقتصادية ومواقعها الجغرافية، بالتالي، لا تعكس آراء الناخبين في ولاية واحدة أو عدة ولايات الحقيقة على مستوى البلاد. إضافةً إلى ذلك، تشكل الأحداث السياسية غير المتوقعة مثل الأزمات الاقتصادية أو الفضائح السياسية تحدياً إضافياً، حيث من الممكن أن تؤدي هذه الأحداث إلى تغييرات سريعة في ميول الناخبين، ما يجعل من الصعب على الذكاء الاصطناعي التنبؤ بها بشكل دقيق.

كذلك، يشكل عامل الوقت تحدياً مهماً، حيث تتغير آراء الناخبين بشكل متسارع قبل موعد الانتخابات، ما يتطلب من الأنظمة التنبؤية تحديث توقعاتها بشكل متواصل لمواكبة هذا التغيير.

أهمية الذكاء الاصطناعي ومستقبل التنبؤات الانتخابية

مع التطور السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، يزداد الأمل في تحسين دقة التنبؤات الانتخابية في المستقبل، خاصة مع اعتماد تقنيات مثل معالجة اللغة الطبيعية وتحليل البيانات الضخمة. حاولت شركة بيربلكسيتي الاعتماد على هذه التقنيات لفهم توجهات الناخبين بطرق لم تكن متاحة من قبل، ونجحت في تقديم معلومات شاملة وتوقعات أقرب للواقع. ومع تحسّن طرق جمع البيانات وتحليلها بشكل أكثر حيادية وشفافية، من المتوقع أن تؤدي أنظمة الذكاء الاصطناعي دوراً أكبر في تحليل سلوك الناخبين وقياس تغيرات آرائهم. في المستقبل، قد تتمكن هذه أنظمة التنبؤ القائمة على الذكاء الاصطناعي من تعزيز شفافية العملية الانتخابية ومساعدة المرشحين على فهم رغبات الناخبين بشكل أكثر دقة، مما يفتح الباب أمام تخطيط سياسي أفضل.

المحتوى محمي