الرئيس السابق لقسم التكنولوجيا في تسلا: إليكم توجهات إعادة تدوير البطاريات

5 دقائق
الرئيس السابق لقسم التكنولوجيا في تسلا: إليكم توجهات إعادة تدوير البطاريات
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Mmaxer

كان ج. ب. ستروبل، من خلال عمله السابق رئيساً لقسم التكنولوجيا في شركة تسلا (Tesla)، أحد كبار المساهمين في نشر السيارات الكهربائية في العالم. ولطالما نُسب إليه ابتكار عناصر أساسية من تكنولوجيا البطاريات في تسلا، وتأسيس شبكة الشحن التابعة للشركة. وبعد أن ترك تسلا في 2019، أطلق ستروبل شركة جديدة: ريدوود ماتيريالز (Redwood Materials)، وهي شركة لإعادة تدوير البطاريات.

وقد تمكنت ريدوود من جمع ما يقرب من 800 مليون دولار من التمويل الاستثماري. وتعمل على بناء منشأة بقيمة مليار دولار في نيفادا، كما أعلنت مؤخراً عن خطط لبناء مجمع آخر خارج مدينة تشارلستون في ساوث كارولينا. وفي هذه المصانع، تخطط ريدوود لاستخلاص المواد القيمة، مثل الكوبالت والليثيوم والنيكل، من البطاريات المستعملة، وإنتاج أقطاب المصعد والمهبط للبطاريات الجديدة.

وقد تحدثت مع ستروبل حول الدور الذي يعتقد أن إعادة تدوير البطاريات ستسهم به في الانتقال إلى الطاقات المتجددة، وخططه لشركة ريدوود، والمستقبل. 

اقرأ أيضاً: كيف تتم إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية؟

لماذا قررتَ ترك تسلا ولماذا اخترت الانتقال إلى إعادة تدوير البطاريات كخطوة تالية؟

لا شك في أن العمل في تسلا كان بمثابة مغامرة مدهشة، ولكن مع تواصل النجاحات، أصبح من الواضح بدرجة متزايدة أن التوسع في استخدام البطاريات يقتضي الحاجة إلى الحصول على كميات أكبر من المواد الأولية، والعناصر، والبطاريات نفسها. وقد كان هذا الاختناق المحتوم، عاجلاً أم آجلاً، يخيم على الصناعة بأكملها، حتى في ذلك الحين. وأعتقد أنه أصبح أكثر وضوحاً حالياً.

لقد كانت الفكرة غير تقليدية في ذلك الوقت. بل إن سؤالكِ نفسه يتضمن تلميحاً إلى هذا الأمر، وكأنك تقولين: لماذا تركت العمل المشوق في هذه الشركة المتألقة والناجحة، واخترت التركيز على المهملات؟ أعتقد أن ريادة الأعمال نفسها تتطلب شيئاً من الميل إلى الاستثمار المناقض للتوجهات السائدة. وأعتقد أن الابتكار الحقيقي أبعد ما يكون عن الأفكار التقليدية في أغلب الأحيان.

لماذا تنظر إلى إعادة تدوير البطاريات كجزء مهم من عملية الانتقال في مجال الطاقة؟ 

تتضمن الكثير من حلول الاستدامة الانتقال إلى استخدام الطاقة الكهربائية مع استخدام بطارية، وهو أمر رائع، وقد أمضيت جزءاً كبيراً من حياتي المهنية وأنا أحاول تحقيق هذا الأمر. وإذا لم ننتقل إلى استخدام الكهرباء في كل شيء، أعتقد أننا سنخفق تماماً في تحقيق أهدافنا المناخية، ولكن يحتاج هذا في الوقت نفسه إلى كميات فلكية من البطاريات. وأعتقد أننا نحتاج إلى إيجاد حل راسخ للتعامل مع البطاريات التي انتهى عمرها التشغيلي، وأن هذه البنية الجديدة التي نتخيلها للاقتصاد المستدام، حيث يعمل كل شيء بالكهرباء، لن تنجح دون وجود حلقات مغلقة للمواد الأولية فليس هناك ما يكفي من المواد الأولية الجديدة بمقدار يتيح لنا مواصلة بناء البطاريات الجديدة والتخلص من البطاريات القديمة، فهذا أمر مستحيل تماماً.

إن إعادة تدوير البطاريات حل بديهي لكلتا المشكلتين، ولكن أرغب في أن تخبرني بالمزيد حول التحديات التقنية في تحقيق هذا الأمر، وكيف يمكن تنفيذه بصورة ناجحة.

أعتقد أن الكثير من الناس لا يقدّرون تماماً مدى تعقيد هذا الأمر، فهناك الكثير من العمليات الكيميائية، والهندسة الكيميائية، وهندسة الإنتاج، وذلك لإنتاج جميع عناصر البطارية وتحسينها بالشكل المناسب. إنها ليست مجرد مسألة تتعلق بالفرز أو إدارة النفايات.

ويوجد مجال واسع للابتكار، كما أن هذه العمليات والإجراءات لم تصل جميعها إلى أعلى درجة من التحسين، كما أن بعضها لم يتم القيام به من قبل على الإطلاق. وهنا يكمن مصدر التحدي الذي يجذب المهندسين، حيث يمكنك ابتكار واختراع أشياء لم يتوصل إليها أحد من قبل مرتين أو ثلاث مرات أو أربع مرات.

اقرأ أيضاً: لماذا لن تستبدل السيارات الكهربائية بالسيارات الهجينة في المستقبل القريب؟

ولكن النقطة غير البديهية هي المستوى العالي المتاح لاستثمار المعادن داخل البطارية مرة أخرى. فجميع المواد التي نضعها داخل البطارية وفي السيارة الكهربائية لا تذهب إلى أي مكان. وتبقى في مكانها بالكامل. ولا تتآكل، ولا تتحلل، وفي الواقع، يمكن استخدام 99% -وربما أكثر- من هذه المعادن مراراً وتكراراً. ويمكن تكرار العملية مئات المرات، بل وربما آلاف المرات، حرفياً.

لا أعتقد أننا نقدّر مدى خطورة التغيّر المناخي بالشكل الصحيح.

ج. ب. ستروبل

سيمر وقت طويل قبل بدء خروج عدد كبير من السيارات الكهربائية من الخدمة. كيف تنظر إلى هذا الأمر، وكيف تخطط لمواجهة النقص في حاجتك من البطاريات المستعملة؟ 

أنا أنظر إلى شركتي في الحقيقة بوصفها شركة لمواد البطاريات المستدامة. ومن أهدافنا الرئيسية العمل على المدى البعيد للغاية، وضمان بناء أكثر الأنظمة فعالية على هذا المدى، حيث يمثل محتوى المواد المعاد تكريرها النسبة الأكبر من المواد التي نعمل عليها.

ولكن، وحتى حلول هذا الوقت، فنحن ننظر إلى الأمور بشكل براغماتي. فيجب أن نعتمد بنسبة معينة على المواد الجديدة –أي كل ما نستطيع الحصول عليه بأفضل الطرق المناسبة للبيئة- لتعزيز الإنتاج أثناء الانتقال تدريجياً إلى التخلي عن الوقود الأحفوري.

هل كان قرار الاعتماد الجزئي على المواد المنتجة بالتعدين بدلاً من الاقتصار فقط على المواد المعاد تدويرها قراراً واضحاً بالنسبة لك منذ البداية؟ 

أعتقد أنه قرار طبيعي للغاية، فهدفنا هو المساعدة على التقليل من انبعاثات الكربون الناجمة عن البطاريات، وتقليل استهلاك الطاقة، وثنائي أوكسيد الكربون الناجم عن الإنتاج. وأعتقد أنه من الأفضل للعالم إزالة سيارة تعمل على الوقود الأحفوري بدلاً من "التخلي عن بناء السيارات الكهربائية بسبب عدم وجود ما يكفي من المواد الأولية".

شعرتُ في زيارتي بجو يوحي بالعمل بسرعة وبصورة طارئة. هل تشعر أن الشركة تعمل بسرعة كافية، وهل تشعر أن هذه الصناعة تتقدم بسرعة كافية؟ 

لا أعتقد بشكل عام أننا نعمل بسرعة كافية. ولا أعتقد أن أي جهة تعمل بسرعة كافية. أنا أحمل مسحة من التوجس والإحساس بأنني في وضع طارئ، وشعور أقرب ما يكون إلى الهلع، ولكن ليس بالضبط. وهذا أمر سلبي.

ولكنني أعتقد أنه نابع من إحساس عميق بأنني لا أعتقد أننا نقدّر مدى خطورة التغيّر المناخي بالشكل الصحيح. ولهذا، أعتقد أنني مصاب بالتوتر والخوف من أن التغيّر المناخي سيكون أسوأ بكثير مما يعتقده معظم الناس.

ويحمل هذا الشعور شيئاً من الاندفاع الذي لا يمكن إيقافه، ولهذا فليس أمامنا في هذا الوقت سوى الاستعداد والتحسب لما سيحدث. كما أن مستوى المشكلة ضخم للغاية، لدرجة أننا سنحتاج إلى عدة عقود لحلها، حتى لو كنا نعمل بأقصى سرعة ممكنة، وبكل ما شعرت به من الإحساس بوجود حالة طارئة، بل وبدرجة أعلى من هذا الإحساس، كما أتمنى.

هل تشعر أنك قادر على التعامل مع أي بنية كيميائية يمكن أن تبتكرها الصناعة للبطاريات؟ وماذا لو قرر الجميع الاعتماد على بنية أقل تكلفة، مثل فوسفات الحديد، أو الانتقال إلى تكنولوجيا مختلفة تماماً، مثل بطارية الحالة الصلبة؟

في الحقيقة، أنا لا أفكر في هذا الأمر. وببساطة، أرغب في التركيز على المشهد العام، وهو تحديد أفضل طريقة للتمكين من الانتقال إلى الاستدامة بشكل عام. ولهذا، فنحن نشجّع أي تكنولوجيات تقدم أفضل أداء في مجال البطاريات.

وأعتقد أن النتيجة النهائية ستكون متعددة الوجوه. فسوف نشهد تنوعاً أكبر في البطاريات من حيث التراكيب الكيميائية والتكنولوجيات.

وبالتالي، وعند تصميم هذا النظام الدائري، يجب أن نأخذ جميع التكنولوجيات المختلفة بعين الاعتبار، حيث تتسم كل منها بإيجابيات وسلبيات خاصة بها. فبعضها يمثل تحديات أكبر بعدة طرق مختلفة. ومن الواضح على سبيل المثال أن بطاريات فوسفات الحديد تتميز بقيمة منخفضة من ناحية المعادن، ولكنها ليست قيمة معدومة بالتأكيد. وهناك فرصة كبيرة في إعادة تدوير الليثيوم والنحاس من هذه البطاريات. ولهذا، أعتقد أن كل نوع من البطاريات يتميز بمجموعة مختلفة من الخصائص التي يجب أن نتعامل معها بطريقة فريدة.

اقرأ أيضاً: هل يرتبط تخفيض الانبعاثات بالنجاح الاقتصادي؟ مشروع قانون التضخم الأميركي يقول نعم

ما التحدي الأكبر الذي ستواجهه ريدوود في السنة المقبلة وبعد ذلك على المدى البعيد؟

على مدى السنة المقبلة، سنشهد مرحلة مذهلة من النمو والتطور من حيث السرعة. فنحن نبتكر المزيد من الأفكار في العديد من المجالات المختلفة، وفي آنٍ واحد. إن إدارة مسارات العمل المتوازية هذه أمر بالغ التشويق والروعة، ولكنه صعب بنفس القدر أيضاً. ويمكن أن نشبّه هذا الوضع بلعبة شطرنج ضخمة ومتعددة المستويات.

وعلى المدى البعيد، سيزداد تركيزنا بالتدريج على توسيع نطاق العمل، وزيادة فعالية هذا التوسيع. إنها صناعة ضخمة للغاية، ببساطة. فالمنشآت هائلة الحجم، كما أن مقادير المواد تصل إلى مستويات ضخمة، وتماثلها في الضخامة متطلبات رأس المال. ولهذا، أعتقد أن تركيزنا على مدى العقود المقبلة سيتمحور حول مواجهة التحديات في زيادة الفعالية إلى أقصى حد في عملية رفع نطاق العمل إلى مستوى التيرا واط الساعي، حرفياً ومن دون مبالغة.

المحتوى محمي