جرى تسجيل رقم قياسي لولادة طفل من جنين عمره أكثر من 30 عاماً، بفضل تطور تقنيات التجميد وظهور وكالات تبني الأجنة، لكن هذا الإنجاز يعكس تغيراً اجتماعياً أكثر مما يمثل قفزة تقنية حاسمة.
إذا كنت من قرائنا القدامى، فلعلك تعلم أن فريق التحرير لدينا يختار كل عام 10 إنجازات غير مسبوقة يعتقد أنها ستحدد ملامح المستقبل. هذه المهمة الجماعية ممتعة في الغالب ومليئة بالتشويق دائماً، لكنها قد تكون في غاية الصعوبة أحياناً. حيث نتعاون معاً على طرح عشرات الأفكار، ويتولى المحررون مراجعتها بدقة ومناقشة مزايا كل فكرة.
نتناقش حول أي منها قد يكون له التأثير الأوسع نطاقاً، وما إذا كان أحدها مشابهاً جداً لما عرضناه سابقاً، ومدى ثقتنا في أن التقدم الأخير سيترجَم بالفعل إلى نجاح طويل الأمد. ويدور الكثير من النقاشات الحيوية خلال هذه العملية.
من المخطط أن تصدر قائمة عام 2026 بعد نشر هذا المقال، لذا ترقبوا ذلك. في هذه الأثناء، أردت مشاركة بعض التكنولوجيات من قائمة التكنولوجيات المرفوضة لهذا العام، لتكون بمثابة نافذة تطل على عملية اتخاذ القرار.
هذه التكنولوجيات الأربع لن تكون على قائمتنا لعام 2026، ولكننا دققنا فيها جميعاً من كثب، ونعتقد أنها تستحق أن نعرف عنها.
اقرأ أيضاً: هل يدخل كلية الطب أم المحاماة؟ تكنولوجيا تتنبأ بمستقبل الأجنة
وسائل منع الحمل للذكور
ثمة العديد من العلاجات الجديدة في طور الإعداد للرجال النشطين جنسياً الذين يرغبون في منع الحمل، ما قد يوفر لهم بديلاً للواقي الذكري أو قطع القناة الدافقة.
يخضع اثنان من هذه العلاجات حالياً لتجارب سريرية تجريها شركة تدعى كونترالين. أحدهما هو جل يفركه الرجال على أكتافهم أو أعلى ذراعهم مرة واحدة يومياً لكبح إنتاج الحيوانات المنوية، والآخر هو جهاز مصمم لمنع وصول الحيوانات المنوية في أثناء القذف. (وقد أدرج اسم كيفن آيزنفراتس، الرئيس التنفيذي لشركة كونترالين، مؤخراً ضمن قائمة المبتكرين تحت سن 35 عاماً) كما أنه ثمة دواء في شكل أقراص يمكن تناولها مرة واحدة يومياً لا يزال في مرحلة مبكرة من التجارب السريرية التي تجري في مختبرات شركة يور تشويس ثيرابوتيكس.
على الرغم من أنه من المثير أن نرى هذا التقدم، فإن الأمر سيستغرق عدة سنوات حتى يشق أي من هذه العلاجات طريقه من خلال التجارب السريرية، على افتراض أن كل شيء يسير على ما يرام.
اقرأ أيضاً: هل ستشترك الآلات الذكية في تربية الأطفال المولودين مستقبلاً؟
نماذج العالم
أصبحت نماذج العالم أحدث صيحات الذكاء الاصطناعي في الأشهر الأخيرة. وعلى الرغم من صعوبة تعريفها، يجري تدريب هذه النماذج عموماً على مقاطع الفيديو أو البيانات المكانية وتهدف إلى إنتاج عوالم افتراضية ثلاثية الأبعاد انطلاقاً من مدخلات بسيطة. وهي تعكس المبادئ الأساسية، مثل الجاذبية، التي تحكم عالمنا الواقعي. ويمكن استخدام النتائج في تصميم الألعاب أو تعزيز قدرات الروبوتات من خلال مساعدتها على فهم محيطها المادي.
وعلى الرغم من بعض الخلافات حول تعريف نموذج العالم بالضبط، تكتسب الفكرة زخماً مطرداً بالتأكيد. فقد أسس باحثون مشهورون في مجال الذكاء الاصطناعي، من بينهم يان ليكون وفاي-فاي لي، شركات لتطوير مثل هذه النماذج، وأصدرت شركة لي الناشئة التي تحمل اسم "وورلد لابز" أول نسخة منها الشهر الماضي. كما حققت شركة جوجل نجاحاً كبيراً بإصدار نموذجها العالمي "جيني 3" (Genie 3) في وقت سابق من هذا العام.
على الرغم من أن هذه النماذج تبدو واعدة بوصفها أفقاً جديداً ومثيراً للاهتمام للذكاء الاصطناعي في العام المقبل، فإنه يبدو من السابق لأوانه اعتبارها طفرة نوعية. ولكن بالتأكيد ترقبوا المزيد في هذا المجال.
اقرأ أيضاً: نماذج الذكاء الاصطناعي متعددة الوسائط
إثبات الشخصية
بفضل الذكاء الاصطناعي، بات من الصعب التمييز بين الواقع والخيال على الإنترنت. فمن الممكن الآن صنع شخصية رمزية رقمية فائقة الواقعية تمثلك أو تمثل شخصاً تعرفه بناء على كمية ضئيلة من البيانات التدريبية، باستخدام معدات يمتلكها الكثير من الناس في منازلهم. كما يجري إطلاق وكلاء الذكاء الاصطناعي عبر الإنترنت لتنفيذ المهام نيابة عن المستخدمين.
كل هذا يخلق المزيد من الاهتمام بما يعرف ببيانات إثبات الشخصية، التي يمكن أن توفر طريقة للتحقق من أنك في الواقع إنسان حقيقي عندما تنفذ عملاً مهماً عبر الإنترنت.
على سبيل المثال، سبق أن أشرنا إلى جهود تبذلها كل من شركة أوبن أيه آي وشركة مايكروسوفت وجامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لإنشاء رمز رقمي يخدم هذا الغرض. وللحصول عليه، عليك أولاً التوجه إلى مكتب حكومي أو أي جهة أخرى وإبراز هويتك. ثم يجري تثبيته على جهازك بعد ذلك، وعندما ترغب، مثلاً، في تسجيل الدخول إلى حسابك المصرفي، تتحقق بروتوكولات التشفير من صحة الرمز، مؤكدةً هويتك.
وبغض النظر عن مدى نجاح هذا النهج بالتحديد، يتفق الكثير منا في فريق التحرير على أن الإنترنت في المستقبل ستحتاج إلى إجراء من هذا القبيل. ولكن في الوقت الحالي، ثمة العديد من مشاريع التحقق من الهوية والتي تتنافس في مراحل مختلفة من التطوير. أحدها هو مشروع "الهوية العالمية" (World ID) الذي تعمل عليه الشركة الناشئة "تولز فور هيومانيتي" التي أسسها سام ألتمان، والتي تستخدم تكنولوجيا مبتكرة في مجال القياسات الحيوية.
إذا نجحت هذه المبادرات في جذب عدد كبير من المستخدمين أو اعتماد واسع النطاق -أو إذا بلغت إحداها مرحلة الهيمنة، ربما من خلال اعتمادها معياراً عالمياً أو دمجها في إحدى المنصات الرئيسية- فسيكون ذلك إشارة واضحة إلى ضرورة إعادة النظر في الفكرة.
اقرأ أيضاً: كيف تحمي خصوصيتك وتدير بياناتك في العصر الرقمي؟
أقدم طفل في العالم
في يوليو/تموز الماضي، نشرت كبيرة المراسلين جيسيكا هامزلو خبراً عن طفل حطم رقماً قياسياً. إذ نشأ هذا الرضيع من جنين ظل محفوظاً أكثر من 30 عاماً، ما أكسبه لقباً تكريمياً وغريباً هو "أكبر طفل رضيع سناً".
يعود الفضل في هذا الرقم القياسي الجديد غير المألوف جزئياً إلى التقدم المحرز في مجال التلقيح الصناعي، بما في ذلك الطرق الأكثر أماناً لإذابة الأجنة المجمدة. ولكن ربما كان العامل الأهم هو ظهور وكالات "تبني الأجنة" التي تربط المتبرعين بالأزواج الراغبين في الإنجاب. فالأشخاص الذين يعملون مع هذه الوكالات يكونون أحياناً أكثر استعداداً للاستفادة من أجنة مضى عليها عقود من الزمن.
اقرأ أيضاً: لأول مرة: ولادة أطفال حملتهم أمهاتهم بمساعدة روبوت
قد تسهم هذه الممارسة في إيجاد منزل لبعض هذه الملايين من الأجنة المتبقية التي لا تزال مجمدة في بنوك التخزين اليوم. ولكن بما أن هذا الإنجاز الأخير تحقق نتيجة لتغير المعايير بقدر ما تحقق نتيجة لأي تحسينات تكنولوجية مفاجئة، فإن هذا الرقم القياسي لا يفي تماماً بتعريفنا إلى الإنجاز غير المسبوق، مع أنه مثير للإعجاب على أي حال.