شارك
الرئيسية
4 دقائق 
يتغير عالم ما بعد جائحة كورونا بسرعة، وتستخدم التكنولوجيا في جميع المجالات لتشكيل الواقع الجديد الذي نسير إليه. وتعد تكنولوجيا الميتافيرس واحدة من أهم التوجهات التي ستشكل المشهد التكنولوجي لعقود عديد قادمة. ولكنها وحدها لن تؤثر كثيراً، بل ما ترافقها من تكنولوجيات ناشئة، حيث ترتبط العديد منها بشكل مباشر أو غير مباشر بإنشاء هذا النظام الأساسي الافتراضي التفاعلي والشامل.
تعريف الميتافيرس من الناحية النظرية
من أجل استكشاف الآثار المحتملة لتكنولوجيا الميتافيرس على عالمنا الواقعي والافتراضي، نحتاج أولاً إلى فهم ما هو بالضبط من الناحية النظرية، وفي هذا الصدد يمكن تصنيف محاولات التعريف –حتى الآن- إلى ثلاث فئات، هي:
-
الميتافيرس كمنتج أو خدمة
في شهر يناير من العام 2020، نشر المؤلف والمستثمر "ماثيو بول" (Matthew Ball) الوصف الأكثر شيوعاً لتكنولوجيا الميتافيرس، حيث أشار إلى أنها شبكة موسعة من عوالم ومحاكاة ثلاثية الأبعاد ثابتة في الوقت الفعلي يمكن تجربتها بشكل متزامن بواسطة عدد غير محدود من المستخدمين، لكل منهم إحساس فردي بالوجود.
وهذا يعني وفقاً لتعريفه أن الميتافيرس في النهاية هو منتج أو خدمة، ولكن الخبير الاستراتيجي التكنولوجي "بن طومسون" (Ben Thompson) دحض هذا التعريف أو الوصف، حيث ذكر بأن هذا الوصف في الواقع ليس بعيداً عما هو عليه وما يفعله الإنترنت بالفعل اليوم، فقط مع وجود طبقة ثلاثية الأبعاد فوقه.
-
الميتافيرس كمكان
تم وصف الميتافيرس أيضاً كمكان حيث يمكن للمستخدمين الاتصال والتفاعل ونقل أنفسهم وممتلكاتهم عبر مواقع رقمية متعددة. وتشمل الأمثلة التي تتبادر إلى الذهن منصات الألعاب مثل "روبليكس" (Roblox) و"فورتنايت" (Fortnite). حيث تتيح هذه المنصات للاعبين وصورهم الرمزية الانتقال بسلاسة من عالم افتراضي إلى آخر.
-
الميتافيرس كلحظة
آخر محاولات تعريف الميتافيرس هو ما توصل إليه رجل الأعمال "شان بوري" (Shaan Puri) الذي وصف الميتافيرس بأنه نقطة زمنية. وعلى وجه التحديد فإن الميتافيرس هي اللحظة التي تصبح فيها حياتنا الرقمية -هوياتنا وخبراتنا وعلاقاتنا وأصولنا عبر الإنترنت- أكثر أهمية بالنسبة لنا من حياتنا المادية. حيث يركز منظوره على التجربة الإنسانية، ما يجعل الانتقال إلى الميتافيرس تحولاً اجتماعياً بدلاً من التحول التكنولوجي.
وبحسب العديد من الخبراء والمتابعين فإن التعريف الثالث الذي توصل إليه رجل الأعمال "شان بوري" يبدو أقرب إلى الحقيقة، والسبب أنه يركز على أولئك الذين سيبنون ويستخدمون الميتافيرس وهم الأشخاص الذين يحتاجون إلى العديد من التكنولوجيات الناشئة لاستخدامه.
اقرأ أيضاً: ميتافيرس يعاني منذ الآن من مشاكل التحرش الجسدي
ما هي التكنولوجيات التي ستشكل مستقبل الميتافيرس؟
في الوقت الحالي، يهتم قطاع الأعمال وصناعة الترفيه بفهم ما هو الميتافيرس وكيف سيؤثر على نموذج الأعمال وكيفية الاستعداد لهذا الابتكار الجديد، ومع ذلك هناك العديد من التكنولوجيات الناشئة التي بدأت بالظهور بالفعل والتي من المتوقع لها أن تُشكل مستقبل الميتافيرس، والتي تشمل:
-
نظارات الواقع الافتراضي
ستكون أجهزة الواقع الافتراضي جزءاً لا يتجزأ من تكنولوجيا الميتافيرس، حيث سيتم استخدام نظارات الواقع الافتراضي بشكل أساسي للوصول إلى العوالم في الميتافيرس والتفاعل سواء من أجل العمل أو اللعب، ومن المحتمل أيضاً أن تحل نظارات الواقع الافتراضي محل وحدات التحكم في الألعاب بحلول نهاية هذا العقد.
اقرأ أيضاً: 8 قواعد لمساعدتك على البقاء آمناً في تجربة الواقع الافتراضي
هذا يعني أن مطوري منتجات عالم الألعاب عبر الإنترنت والأعمال التجارية التقليدية سوف يضطرون للاندماج في مرحلة ما، حيث من المتوقع أن تشترك الشركات التقليدية مع مطوري منتجات الألعاب لإنشاء تجارب تفاعلية للواقع الافتراضي. فمثلما تقوم كل شركة بإنشاء موقع إلكتروني ليكون لها وجود على الإنترنت، ستحتاج أيضاً إلى إنشاء وجود لها في الفضاء الافتراضي ثلاثي الأبعاد.
ومع ذلك، هناك بعض التحديات المعقدة التي يتعين على منشئي المنتجات التغلب عليها. على سبيل المثال، من المهم زيادة دقة نظارات الواقع الافتراضي للمساعدة في إنشاء مساحة افتراضية أكثر واقعية، وتضمين معدل تحديث يصل إلى 120 هرتزاً للمساعدة في منع دوار الحركة، بالإضافة إلى ذلك، من الضروري إقران النظارات مع مستشعرات الجسم الأخرى لإنشاء تجربة غامرة للواقع.
اقرأ أيضاً: أطباء يجرون عمل جراحي لجمجمة طفل بمساعدة الواقع الافتراضي
-
تكنولوجيا الواقع المعزز
ستكون تكنولوجيا الواقع المعزز مستقبلاً جزءاً من حياتنا اليومية، حيث سيتم دمجها مباشرة في النظارات التي نستخدمها لإثراء تفاعلاتنا اليومية مع أشياء من العالم الحقيقي. على سبيل المثال، عند زيارة متجر فعلياً في العالم الافتراضي ستتمكن من التفاعل مع صورة ثلاثية الأبعاد للبائع المسؤول وطلب المساعدة إذا احتجت إليها.
ومن المتوقع أن تغير هذه التكنولوجيا طريقة التفاعل مع الأجهزة التكنولوجية، حيث ستكون التفاعلات الصوتية جزءاً طبيعياً من تجربة الاستخدام. على سبيل المثال سيكون من الأسهل على المستخدمين قول "افعل هذا (إجراء)" بدلاً من الاضطرار إلى البحث عن خيار مناسب في قائمة التنقل.
-
المعاملات المالية اللامركزية
ستكون المعاملات المالية اللامركزية هي قلب الاقتصاد الرقمي لتكنولوجيا الميتافيرس، والتي تمثلها العملات الرقمية التي تتيح للمستخدمين بيع وشراء الأشياء بسهولة، ومع ذلك من غير المحتمل أن تكون هناك عملة قياسية واحدة فقط في عالم الميتافيرس، حيث ستنشر على الأرجح كل شركة لها وجود في عوالم الميتافيرس عملتها الخاصة، وهو أحد التحديات التي سيواجهها مصممو المنتجات في كيفية إنشاء آلية تسمح لهم بتبادل العملات المختلفة في الميتافيرس بسهولة.
اقرأ أيضاً: هل سيصمد المال النقدي في وجه إغراء العملات الرقمية؟
-
الهوية الرقمية
يعتقد الكثيرون أن كل شيئ ممكن في الميتافيرس، ولكن هذا ليس صحيحاً. فمثل العالم الحقيقي الذي يعرف قواعد وسياسات يقوم الناس باتباعها، ستكون لعالم الميتافيرس أيضاً مجموعة من السياسات التي يجب على المستخدمين اتباعها. ويتمثل ذلك في الهوية الرقمية التي ستساعد في السيطرة على أفعال المستخدمين، حيث ستعمل الهوية الرقمية بنفس طريقة عمل هوية المستخدم في العالم الحقيقي، من خلال ربطها بالشخصية الافتراضية للمستخدم. على سبيل المثال عندما ينضم المستخدم إلى الميتافيرس ستوفر الصورة الرمزية الخاصة به هوية رقمية للوصول إلى الخدمات المختلفة. ومن المحتمل أن يتطلب إنشاء هويات رقمية جمع وتحليل بعض بيانات القياسات الحيوية، مثل المرور بأداة لمسح الوجه والتعرف عليه.
اقرأ أيضاً: ما هي أبرز مشكلات الخصوصية الرقمية التي ستعالجها شبكة الويب 3؟
-
أجهزة استشعار متقدمة لمراقبة الصحة
ستسمح الأجهزة القابلة للارتداء بمراقبة أكثر دقة لصحة المستخدمين عند الانغماس في عوالم الميتافيرس، ومن المحتمل أن لا تقتصر على المراقبة فقط؛ بل ستتغير أيضاً الطريقة التي ستتبع بها هذه الأجهزة صحة المستخدمين.
على سبيل المثال، من المتوقع أن تُراقب الأجهزة القابلة للارتداء صحة المستخدمين عن طريق قياس الغازات الخارجة من البشرة، وتتبع المؤشرات الحيوية المتعلقة باضطرابات التمثيل الغذائي مثل أمراض القلب والسكري. ومن المحتمل دمج هذه المستشعرات في الأجهزة التي تستخدم في الدخول لعوالم الميتافيرس مثل نظارات الواقع المعزز والافتراضي.