كيف تُستخدم تقنية كريسبر لتسمين المواشي وزيادة مناعة الأسماك؟

3 دقائق
كيف يمكن استخدام تقنية كريسبر لجعل حيوانات المزرعة أضخم حجماً وأكثر قوة وأفضل صحة؟
مصدر الصورة: ستيفاني أرنيت/ إم آي تي تي آر/ آر آي جي كي إس ميوزيوم

بدأت أداة تعديل الجينات كريسبر (CRISPR) تظهر في العناوين الصحافية منذ 10 سنوات؛ أي منذ أن أثبت العلماء إمكانية استخدامها بسهولة لتغيير جينوم المخلوقات الحية، ويمكن لهذه التكنولوجيا أن تُحدث في نهاية المطاف ثورة في الرعاية الصحية. وقد رأينا بداية استخدام كريسبر بصورة تجريبية لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان على سبيل المثال، وتتم دراسة استخدامها لعلاج العديد من الأمراض الجينية. وفي السنة الماضية، استخدمت إحدى الشركات كريسبر في محاولة لعلاج امرأة مصابة بارتفاع خطير في مستوى الكوليسترول.

استخدامات أخرى لتقنية كريسبر في تحسين الأنواع

ولكن يمكن استخدام كريسبر أيضاً لإحداث تحول كبير في الزراعة؛ بما في ذلك تربية الأحياء المائية. وقد كتبت مؤخراً عن باحثين قاموا بإدماج جين تمساح القاطور في سمك السلور، ولا تكمن الفكرة في جعل أسماك السلور أقرب إلى القواطير بل في زيادة مقاومتها للأمراض، فقد تبين أن القاطور يتمتع بموهبة مميزة في مقاومة الأمراض، ويمكن لمجرد زيادة طفيفة في القدرة على مقاومة الأمراض أن تُحدث أثراً كبيراً للغاية في تربية الأسماك. حالياً، تنفُق نسبة 40% من الأسماك التي تتم تربيتها حول العالم قبل أن يصبح بالإمكان تجميعها للاستخدام؛ وبالتالي سيكون من الرائع تفادي جزء من هذه الخسائر.

ليست هذه المرة الأولى التي يحاول فيها العلماء تعديل جينات حيوانات المزارع؛ كما أن المزارعين أنفسهم كانوا يختارون الاستيلاد الاختياري على مدى عدة أجيال لجعل الحيوانات أكبر حجماً وجعل عضلاتها أكثر ضخامة، وجعلها أكثر وداعة وسهولة في التربية؛ ولكن قد يصبح بالإمكان استخدام أدوات تعديل الجينات مثل كريسبر لتسريع هذه العملية.

استهداف الجينات المسؤولة عن الكتلة العضلية

وتتميز كريسبر بأفضلية كبيرة مقارنة بأدوات التعديل الجيني السابقة، فهي زهيدة التكاليف نسبياً وسريعة وسهلة الاستخدام. كما أن النماذج الجديدة من كريسبر تتيح المزيد من الخيارات للعلماء في التعامل مع الجينوم؛ حيث تسمح لنا بعض النماذج بتغيير الأحرف القاعدية للحمض النووي مثل تبديل الحرف C بالحرف T، وتتيح أشكال أخرى إدماج جينات كاملة جديدة.

ولهذا، فقد لا يكون من المفاجئ أن العلماء بدؤوا بتجربة استخدام كريسبر على حيوانات المزارع. ويُعتبر جين الميوستاتين من أكثر الأهداف إغراءً للدراسة وإجراء التجارب، فهو يرمّز أحد البروتينات التي تتحكم بنمو العضلات؛ وبالتالي يمكن للتلاعب بهذا الجين أن يؤدي إلى زيادة نمو العضلات ومن ثم يمكن له أن يتيح الحصول على حيوانات ضخمة كبيرة العضلات ما يعني المزيد من اللحم في نهاية المطاف.

لقد أجرى العلماء بعض التجارب باستخدام كريسبر لتوليد مواشٍ وخراف وأرانب وماعز تتمتع بعضلات ضخمة؛ ولكن هذه الدراسات لم تؤدِّ إلى نتائج مثالية، فالكثير من هذه الحيوانات لم يتجاوز مرحلة الطفولة كما أن الكثير منها كان كبير اللسان بصورة غريبة.

اقرأ أيضاً: حيوان الأبوسوم الأمهق يثبت أن تقنية كريسبر فعالة مع الحيوانات الجرابية أيضاً

من ناحية أخرى، وصل العمل البحثي على الأسماك إلى مرحلة جيدة. وباستخدام كريسبر لاستهداف جين الميوستاتين، تمكن علماء في اليابان من الحصول على عينات أكبر وأثقل من أسماك الشبوط البحري الأحمر، مع زيادة 17% في العضلات مقارنة مع أقرانها غير المعدلة، ودون أي تغيير في مستوى التغذية.

وقد تم استخدام مقاربات مماثلة لتضخيم حجم الشبوط، والمشط، والسلور، وغيرها من الحيوانات المائية بما فيها المحار. ويقوم باحثون آخرون بإجراء التجارب على استخدام كريسبر بأساليب مختلفة لتعزيز مقاومة الأمراض، أو الحصول على سمك السلمون ببنية قادرة على تركيب مستويات أعلى من أوميغا-3.

ولن تجد أي منتجات من حيوانات معدلة باستخدام كريسبر على أرفف المراكز التجارية في الوقت الحالي؛ إلا أن بعضها أصبح قريباً للغاية من الاستثمار التجاري. ففي 2021، وافقت اليابان على بيع نوعين من الأسماك المعدلة بتقنية كريسبر؛ وأحد هذين النوعين هو الشبوط البحري الأحمر الضخم أما الآخر فهو سمكة منتفخة مخططة مصممة أيضاً لتكون أكثر ضخامة.

ويأمل الباحثون الذين قاموا بتعديل سمك السلور بجينات من مخلوقات أخرى بالحصول على الموافقة للإنتاج التجاري في الولايات المتحدة؛ ولكن هذا قد يستغرق بعض الوقت إذ لم تتم الموافقة سوى على نوع واحد من السمك المعدل جينياً في الولايات المتحدة، وقد استغرق الأمر عدة عقود، وهذه السمكة التي تحمل اسم سلمون أكوا أدفانتيج، معدلة جينياً حتى تنمو إلى حجم أكبر. ولهذا، فإن إيصال هذا السلمون إلى الحجم المناسب للبيع يحتاج إلى علف أقل بنسبة 25% على حد قول الرئيسة التنفيذية لشركة أكواباونتي (AquaBounty) المنتجة لهذه السمكة، سيلفيا وولف (Sylvia Wulf).

اقرأ أيضاً: تجربة أميركية جديدة تُثبت أمان استخدام تقنية كريسبر في علاج السرطان

طرح المنتجات المعدلة وراثياً في الأسواق متأخر عن التقدم الحاصل بحثياً

وقد أنتجت الشركة أولى أسماكها المعدلة جينياً في 1992؛ ولكنها لم تدخل السوق الأميركية حتى العام 2021. تقول وولف: "تم تأسيس هذه الشركة الناشئة في 1991، واحتجنا إلى أكثر من 30 سنة لإيصال منتجاتنا من السلمون الأطلسي المبتكر إلى السوق، بتكلفة تتجاوز 100 مليون دولار".

وقد احتاجت الموافقة على الخنازير المعدلة جينياً إلى فترات مماثلة، ففي عام 2001، قامت شركة بي بي إل ثيرابيوتيكس (PPL Therapeutics) (والمعروفة الآن باسم ريفيفيكور (Revivicor)) بإنتاج خنازير مصممة جينياً دون سكر يحمل اسم ألفا غال. وتسعى الشركة بشكل أساسي إلى استخدام هذه الخنازير للحصول على أعضاء يمكن زرعها في البشر، والذين يرجح أن يرفض نظامهم المناعي أي عضو يحمل هذا السكر في خلاياه.

ولكن في 2020، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على استخدام هذه الحيوانات للاستهلاك البشري. وفي البداية، ستكون منتجات الخنازير المعدلة جينياً هذه، وهي منتجات آمنة للناس المصابين بالحساسية من ألفا غال، متوافرة فقط عن طريق الطلب بالبريد، وذلك وفقاً لنشرة إخبارية من إدارة الغذاء والدواء.

ليس من السهل توقع سرعة مسار الموافقات على حيوانات كريسبر في الولايات المتحدة ولكنها في طريقها للصدور دون شك.

المحتوى محمي