تنقل آليات التصوير مباريات كرة القدم بدقة عالية تُشعر مَن يتابعها على شاشات التلفزة وكأنه في وسط الملعب، يرى تحركات اللاعبين، ويلاحق الكرة بدقة.
ليس من السهل الوصول إلى هذه الدقة في التصوير، ويتطلب ذلك تكنولوجيا مميزة. فما هذه الآليات المستخدمة في نقل الحدث بهذه الروعة؟ وما الجديد في التصوير والكاميرات التي ستنقل مونديال قطر 2022؟
تقنيات التصوير المستخدمة في مباريات كرة القدم
على أرض الملعب، وفي فضائه، تنتشر آلاف الكاميرات العادية التي يحملها الصحفيون، وتلك المثبتة على ركيزة من ثلاثة قضبان وكاميرات المراقبة، لكن ما يميز تقنيات التصوير في الملاعب هي تلك الكاميرات المحلّقة عالياً، لتلتقط لك الحدث بدقة عالية، وهي سكاي كام والطائرات المسيرة.
العنكبوت الضخم: سكاي كام
كعنكبوت ضخم يجري بسرعة 48.3 كيلومتر في الساعة، تتحرك كاميرا معلقة في فضاء الملعب لرصد كل حركة من حركات اللاعبين، وتنقلها إليك بدقة عالية. تسمى هذه الكاميرا سكاي كام Skycam.
سكاي كام هو نظام كاميرا يتم التحكم فيه عن طريق الحاسوب، ومعلقة بكابل يتم تشغيله بواسطة مشغلين من خلال الفضاء ثلاثي الأبعاد للملعب لجلب زوايا الكاميرا الشبيهة بألعاب الفيديو إلى الرياضات التلفزيونية؛ أي أنها كاميرا رقمية يتحكم فيها الحاسوب وتتحرك عبر الميدان باستخدام أربعة كابلات تسحبها في كل اتجاه، باستخدام محرك الإمالة والتحريك والتركيز لالتقاط الحركة الميدانية من أي زاوية يطلبها المخرج.
ولأنها محمولة على الكابلات، لا داعي للقضبان الحديدية التي تسير فوقها الكاميرات، ولا إلى القاعدة ثلاثية القضبان. وبسبب الكابلات أيضاً، تتخلص سكاي كام من الاهتزازات في التصوير التي تحدثها يد المصور.
اقرأ أيضاً: ما تقنيات الأمان والمراقبة المستخدمة في مطارات قطر خلال كأس العالم
تجهيز سكاي كام للتصوير ليس بالأمر السهل، إذ تحتاج يومين لتحضيرها وتثبيتها في الملعب. فهي تحتاج 4 نقاط عالية، غالباً ما تكون أبراج الإنارة على أطراف الملعب. أسفل كل نقطة من هذه النقاط الأربع توجد بكرات كبيرة تحمل كل منها كابلاً يسمى حبل كيفلر بقطر 2.5 ملم، يحتوي الكابل أليافاً ضوئية لنقل البيانات بسرعة. تحتوي كل بكرة على محركات، يتم التحكم بها عبر الحاسوب، ليتم لف الحبل بدقة للداخل أو للخارج حسب الحاجة. تجد في نقطة التقاء الحبال الأربعة صاري بوزن 22.7 كيلوغرام، يحمل كاميرا الفيديو عالية الدقة «1080i» وذات العدسة الواسعة. يحمل الصاري أيضاً أجهزة استشعار للتثبيت، ومثبتات جيروسكوبية تمنع تذبذب أو اهتزاز الفيديو، وميكروفوناً ومحركات لتحريك الكاميرا 360 درجة، وإمالتها 180 درجة.
يتصل نظام الكاميرا بأكمله (الحبال والكاميرا والأجهزة الأخرى) بحاسوب تحكم مركزي، يتحكم بمسار طيران الكاميرا، وبمشغل الكاميرا الذي يقوم بالتركيز والتحريك والإمالة والتأكد من أن الكاميرا تعمل وفق المطلوب ولا تبث لقطات عشوائية.
الطائرات المسيرة في ملاعب كرة القدم
أصبحت الكاميرات المثبّتة على الطائرات المسيرة أداة تصوير أساسية في الكثير من الفعاليات، وكرة القدم إحدى أهم هذه الفعاليات، ويُستخدم فيها هذا النوع من الكاميرات لعدة أغراض:
- توفّر منظوراً أوسع لفهم وضع الفريق وتشكيلاته، وتحليلات الأداء التي ستساعد على وضع استراتيجيات تكتيكية أفضل.
- تزوّد الحكام بصورة أكثر شمولاً للأحداث الرياضية، ما يؤدي إلى تحكيم أسرع وأفضل.
- يمكن باستخدامها التقاط الحدث الرياضي من زوايا مختلفة.
- تُستخدم أحياناً في العروض الترفيهية الضوئية المرافقة للحدث الرياضي.
- المراقبة الجوية ومراقبة الحشود وتحديد من منهم قد قام بارتكاب فعل مخالف.
- لا تتطلب وقوداً، وبالتالي لا تلوث البيئة.
تعد الطائرات المسيرة أفضل من طائرات الهليكوبتر المستخدمة سابقاً، فهي أصغر وأكثر أماناً، والتحكم فيها أبسط، بالإضافة لكونها أقل تكلفة.
اقرأ أيضاً: كيف تستخدم صناعة كرة القدم علم البيانات والتحليلات لتحسين أداء الفرق؟
أحدث تقنيات التصوير والكاميرات المستخدمة في مونديال قطر 2022
سينفرد مونديال قطر بتقنيات مميزة، وهذا ما يخص تقنيات التصوير والكاميرات منها:
كاميرات مزودة بالذكاء الاصطناعي لمراقبة حالات التسلل
يقرر الحكام عادةً حالات التسلل في المباريات، ومع تطور تقنيات تصوير الفيديو أصبحت المهمة أسهل وأكثر دقة، وما سيزيد من دقتها وسرعتها في المونديال كاميرات تتبع اللاعبين بالذكاء الاصطناعي لرصد التسلل.
تستخدم التكنولوجيا 12 كاميرا تتبع مخصصة مثبتة أسفل سقف الاستاد لتتبع الكرة، بالإضافة إلى 29 نقطة لكل لاعب لوحده (الأطراف الأربعة والنقاط ذات الصلة بحالات التسلل) تجمع البيانات 50 مرة في الثانية، بهدف تحديد موقع اللاعبين بدقة على أرض الملعب.
أما الكرة الرسمية للمونديال، والتي طوّرتها أديداس، فسيوضع في وسطها مستشعر وحدة القياس بالقصور الذاتي (IMU). سيرسل المستشعر بيانات الكرة إلى غرفة عمليات الفيديو 500 مرة في الثانية، ما يسمح بالكشف الدقيق للغاية عن نقطة الركلة.
تُجمع بيانات تتبع الأطراف والكرة مع تطبيق الذكاء الاصطناعي، ليتم تنبيه المسؤولين عن التسلل داخل غرفة عمليات الفيديو حالما يرسل الكرة أحد اللاعبين إلى آخر في وضع تسلل.
يتحقق مراقبو الفيديو من صحة البيانات خلال ثوانٍ للتأكد من التسلل قبل إبلاغ الحكم على أرض الملعب، ليكون القرار سريعاً ودقيقاً.
تساعد نقاط البيانات أيضاً على إنشاء رسم متحرك ثلاثي الأبعاد يوضح بشكلٍ مثالي أطراف اللاعبين في الملعب لحظة لعب الكرة، وتُعرض هذه الرسوم على الشاشات الكبيرة في الملعب ليراها المتفرجون بأوضح طريقة ممكنة.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يدخل ملاعب كرة القدم ويرسم مستقبل هذه الرياضة
كاميرات مزودة بتقنية التعرف على الوجوه لمراقبة الحدث
ستستقبل قطر نحو مليون زائر لحضور المونديال 2022، ولن تجد صعوبة في تحديد شخصياتهم، فقد نشرت 15 ألف كاميرا مزودة بتقنية التعرف على الوجوه لمراقبة الحدث بأكمله، والبحث عن التهديدات الأمنية ومنع الإرهاب وأعمال الشغب أثناء المباريات وفقاً لنياس عبدالرحمن، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الحدث.
سيدير هذه الكاميرات مركز أسباير للقيادة والتحكم، والذي يمكن منه فتح كل باب من أبواب الملاعب، ويمكن لقوى الأمن من خلاله الوصول إلى الغرف والمعدات في حالات الطوارئ.
ليس فقط في الملاعب الثمانية، بل ستُنشر الكاميرات في جميع القطارات والمترو والحافلات القريبة.
وصف عبدالرحمن هذه التكنولوجيا بأنها معيار جديد واتجاه جديد في عمليات الملاعب، وبأنها مستقبل عمليات الاستاد.
طوّر خبراء من جامعة قطر أيضاً طائرات بدون طيار يمكنها تقديم تقديرات لعدد الأشخاص في الشوارع.
اقرأ أيضاً: روبوت رجل الخط جاهز لضبط حالات التسلل في كأس العالم لكرة القدم في قطر 2022
ليست هذه هي المرة الأولى التي تُستخدم فيها تكنولوجيا المقاييس الحيوية في مباريات كرة القدم. فقد استُخدمت عام 2017 في نهائي دوري أبطال أوروبا في المملكة المتحدة، وصنفت تقنية التعرف على الوجوه عن طريق الخطأ أكثر من 2000 شخص على أنهم مجرمون محتملون. فكيف سيكون الحال في مونديال قطر 2022؟