ابتكر محمد عوض آلة تحوّل النفايات البلاستيكية إلى خيوط طباعة ثلاثية الأبعاد، وطوّر محمد العامر طريقة لإنتاج مادة الغرافين الكربونية بطريقة مستدامة واقتصادية، واخترعت صفية خليل الهاشمي مفاعلاً يعمل بالطاقة الضوئية يفكك مُركّبات البير والبولي فلورو ألكيل الملوثة للماء.
محمد عوض من سوريا: آلة تحوّل النفايات البلاستيكية إلى خيوط طباعة ثلاثية الأبعاد
نال محمد عوض جائزة "مبتكرون دون 35" من إم آي تي تكنولوجي ريفيو لعام 2024 لتطويره آلة تحوّل النفايات البلاستيكية إلى خيوط طباعة ثلاثية الأبعاد ميسورة التكلفة وصديقة للبيئة لدعم الاستدامة والصناعات الإبداعية.
يُذكر أن محمد عوض مهندس حواسيب ومخترع ومطور أنظمة مدمجة ومؤسس شركة "فريتش" (Fretech) التي تركّز على تحويل النفايات البلاستيكية إلى خيوط طباعة ثلاثية الأبعاد. وقاده شغفه بالتكنولوجيا والاستدامة إلى ابتكار حلول تقلّل النفايات البلاستيكية وتوفّر مواد طباعة بأسعار معقولة للطابعات ثلاثية الأبعاد، ما يدعم البيئة والصناعات التي تعتمد على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
نشأت فكرة هذا الابتكار من التحديات البيئية المتزايدة التي تسببها النفايات البلاستيكية، إلى جانب صعوبة الحصول على مواد الطباعة ثلاثية الأبعاد بأسعار معقولة في الأسواق المحلية، وبالتالي يعالج هذا الحل كلتا المشكلتين في وقتٍ واحد، وأدّى هذا التأثير المزدوج إلى تميّز هذا الاختراع وجعله فريداً من نوعه.
تبدأ العملية بجمع النفايات البلاستيكية وفرزها، ثم تنظيفها وتقطيعها إلى قطع أصغر، ومن ثَمَّ إذابة هذه القطع وتشكيلها إلى خيوط طويلة بأقطار مختلفة، اعتماداً على متطلبات الطباعة ثلاثية الأبعاد. يتم تبريد الخيوط ولفها في بكرات واختبارها من حيث الاتساق والجودة لضمان استيفائها معايير الصناعة، للحصول في النهاية على بديل ميسور التكلفة ومستدام لخيوط الطباعة ثلاثية الأبعاد التقليدية، مصنوعة بالكامل من البلاستيك المعاد تدويره.
في الوقت الحالي، يستخدم المصممون والمهندسون والشركات الصغيرة خيوط البلاستيك تلك في إنشاء نماذج أولية وأجزاء المنتجات صغيرة الحجم، ما يقلّل تكاليف المواد والتأثير البيئي لصناعتها. تستخدمها المؤسسات التعليمية أيضاً في الأبحاث ومشاريع الطلاب التعليمية، ما يساعد على دمج الاستدامة في تجارب التعلم. بالإضافة إلى ذلك، توفّر هذه الخيوط بديلاً صديقاً للبيئة لإنشاء المنحوتات والأعمال الفنية، وبالتالي تعزيز الإبداع والمسؤولية البيئية.
يمكن توسيع نطاق هذا الابتكار من خلال زيادة أنواع النفايات البلاستيكية التي يمكن تحويلها إلى خيوط طباعة ثلاثية الأبعاد، مثل التغليف متعدد الطبقات، أو البلاستيك الطبي، أو النفايات الإلكترونية. علاوة على ذلك، فإن إنشاء شبكة عالمية من مراكز إعادة التدوير لخيوط الطباعة ثلاثية الأبعاد يمكن أن يسهّل وصول المنتج إلى جمهور أوسع.
من جهة أخرى، فإن تطوير آلة سهلة الاستخدام لإعادة التدوير على نطاق صغير يُمكِّن الشركات والأفراد من إنشاء مواد الطباعة ثلاثية الأبعاد المستدامة الخاصة بهم، وهذا ما يخطط محمد عوض له مستقبلاً بالإضافة إلى توسيع نطاق الإنتاج للتعامل مع كميات أكبر من النفايات البلاستيكية وأنواع مختلفة منها، والتعاون مع المجتمعات المحلية والشركات لإنشاء شبكة من نقاط تجميع النفايات البلاستيكية، وضمان إمداد ثابت من المواد الخام.
اقرأ أيضاً: مبتكرون دون 35: تعرّف إلى إنجازات ظبية المهندي وعقبة فرقاني
قبل فوزه بجائزة "مبتكرون دون 35 عاماً"، حاز محمد عوض المركز الأول في مسابقة "جسور رود شو 4" (Jussor Roadshow 4)، وحصل على الميدالية الذهبية من المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO). واُختير للمشاركة في قمة ريادة الأعمال العربية ومؤتمر رواد الأعمال من قِبل الإسكوا. بالإضافة إلى ذلك، رُشِّح لأكبر مسابقات الشركات الناشئة العالمية في أوروبا وعرض مشروعه في مؤتمر "نحن نصنع المستقبل". واخُتير مشروعه واحداً من أفضل الأفكار في "تحدي أفضل فكرة" في سوريا من قِبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وفي النهاية، اُختير مندوباً للشباب في COY 19 عام 2024.
محمد العامر من المملكة العربية السعودية: إنتاج مادة الغرافين الكربونية بطريقة مستدامة واقتصادية
نال محمد العامر جائزة "مبتكرون دون 35" من إم آي تي تكنولوجي ريفيو لعام 2024، لابتكاره طريقة مستدامة واقتصادية وقابلة للتطوير لإنتاج مادة الغرافين الكربونية. يشغل الآن منصب مدير وكبير خبراء التكنولوجيا للوقود والمواد الكيميائية في مركز الأبحاث والتطوير التابع لشركة أرامكو السعودية، وهو مسؤول عن تطوير التقنيات الرائدة في مجال التكرير والبتروكيماويات، مثل الوقود منخفض الكربون، وتحويل النفط الخام إلى مواد كيميائية.
يحمل محمد العامر درجة الدكتوراة في الهندسة الكيميائية من جامعة كورنيل، وقاد سابقاً مركز الابتكار وتطوير المنتجات (LAB7) الذي يهدف إلى تحويل الأفكار إلى مشاريع ناشئة. وعمل مستشاراً لرئيس جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. وفي عام 2014، كان جزءاً من المجلس الاستشاري للقادة الشباب، وهي هيئة استشارية يقودها الشباب لمجلس استراتيجية أرامكو السعودية.
كان الاستخدام المحتمل للغرافين في التطبيقات المتقدمة والصناعات المختلفة حافزاً للدكتور محمد العامر لتطوير ابتكاره. والغرافين هو مادة كربونية ثنائية الأبعاد، بسماكة ذرة واحدة، تتمتّع بخصائص مثل القوة والتوصيل الكهربائي والتوصيل الحراري وسهولة تعديل السطح، وتُستَخدم في تطبيقات مختلفة تتراوح من تخزين الطاقة إلى تطبيقات الفضاء المتقدمة.
يمكن إنتاج الغرافين عالي الجودة وبكميات كبيرة بطريقتين، تعتمد إحداهما على فصل طبقات الغرافين ثلاثية الأبعاد المكدسة والمتماسكة بواسطة قوى "فاندرفالس" بوجود محاليل حمضية قوية. وللحفاظ على سلامة هيكل طبقات الصفائح المنتَجة بطريقة صديقة للبيئة وقابلة للتطوير تجارياً، ابتكر محمد العامر مفاعلاً جديداً يحفّز قوة عالية يمكنها التغلب على قوى "فاندرفالس" التي تربط صفائح الغرافين معاً، وذلك في محلول مائي بدلاً من المحاليل الحمضية القوية، ومن ثَمَّ إنتاج صفائح غرافين عالية الجودة.
يتمتّع الغرافين الناتج بخصائص لها تطبيقات في صناعة البطاريات وتخزين الطاقة اللازمة لعمل المركبات الفضائية والمركبات خفيفة الوزن، وفي المكثفات الفائقة وخلايا الوقود والترانزستورات، كما يمكن استخدامه في التطبيقات الطبية الحيوية بسبب توافقه البيولوجي، بما في ذلك توصيل الأدوية وأجهزة الاستشعار البيولوجية والأعضاء الاصطناعية والأجهزة القابلة للارتداء.
هذه التكنولوجيا متاحة حالياً للترخيص من مركز ترخيص التكنولوجيا بجامعة كورنيل، وقد تم ترخيصها لشركة ناشئة في مجال الطاقة، التي تعمل على تطوير الجيل التالي من مواد الأنود لبطاريات الليثيوم أيون. بالإضافة إلى ذلك، يعمل الدكتور محمد العامر على التحقق من إمكانية تقليل المخاطر التكنولوجية على نطاقٍ أوسع، واختبار مواد خام أخرى بشكلٍ أكبر. وقد تتضمن طريقة التصنيع إضافة جزيئات معدنية، ما يؤدي إلى توسيع نطاق التطبيقات المحتملة بشكلٍ أكبر.
اقرأ أيضاً: تعرّف إلى سيف الباري وتغريد حاتم سندي وابتكاراتهما في مجال الذكاء الاصطناعي
صفية خليل الهاشمي من الإمارات: مفاعل يعمل بالطاقة الضوئية يفكك مُركّبات البير والبولي فلورو ألكيل الملوثة للماء
صفية خليل الهاشمي هي أستاذة مساعدة وباحثة ناشئة في الهندسة الميكانيكية في جامعة نيويورك أبوظبي، حصلت على درجة الدكتوراة في الهندسة الكيميائية والبيولوجيا الجزيئية من جامعة رايس، وتقود حالياً مجموعة خليل البحثية، التي تستفيد من نهج متعدد التخصصات يدمج مبادئ الكيمياء وهندسة التفاعلات والتصنيع لتصميم المواد والعمليات للتطبيقات في أنظمة تنقية المياه.
نالت صفية خليل الهاشمي جائزة "مبتكرون دون 35" من إم آي تي تكنولوجي ريفيو لعام 2024 لتطويرها تقنية مفاعل تعمل بالطاقة الضوئية بنسبة 100%، تستهدف مُركّبات البير والبولي فلورو ألكيل (PFAS) الضارة الموجودة في الماء، وتدمّرها على المستوى الجزيئي، دون إنتاج ملوثات ثانوية، بطريقة آمنة ومستدامة، ما يقلّل التأثير السلبي لهذه المواد الضارة في صحة الإنسان والبيئة.
تتكامل هذه التقنية القابلة للتطوير والمقسمة بسلاسة مع أنظمة معالجة المياه الحالية، وتوفّر بالتالي حلاً مستداماً يعمل بالكامل بالطاقة المتجددة، يمكن أن يضمن الوصول الآمن والمستدام للمياه للمجتمعات في أنحاء العالم كافة.
استلهمت صفية خليل الهاشمي هذه الفكرة من عملية التركيب الضوئي للنباتات، وأجرت محاكاة لهذه العملية والتي يمكن من خلالها الاستفادة من ضوء الشمس لتحريك التفاعلات واستخدام التحفيز الضوئي لاستهداف مُركّبات البير والبولي فلورو ألكيل.
تستفيد التقنية من الضوء لتفكيك 99.8% من هذه الملوثات دون توليد ملوثات ثانوية، وذلك على عكس طرق معالجة المياه التقليدية المتمثلة بتصفية المياه من هذه المادة، والتي تترك وراءها مخاطر بيئية وصحية طويلة الأمد. تتميز التقنية أيضاً بأنها قابلة للتطوير وتتكامل بسلاسة مع البنى التحتية الحالية لمعالجة المياه، علاوة على كونها تعمل بالطاقة المتجددة.
تعمل الآن شركة "كوفلكس بيوريفيكيشن" (Coflux Purification) في أميركا على اختبار هذه التقنية تمهيداً لمنح صفية خليل الهاشمي براءة اختراع لكونها تمهّد الطريق لمعيار جديد في ممارسات تنقية المياه العالمية، وتمثّل خطوة كبيرة نحو نشرها على نطاقٍ واسع. ومع ذلك، تركّز صفية خليل الهاشمي على تحسين كيمياء المحفز الضوئي لاستهداف مجموعة أوسع من الملوثات، بما في ذلك الملوثات الناشئة مثل البلاستيك الدقيق.