على الرغم من أن أدوات التحرير على الإنترنت (مثل جرامارلي وجرامار ساجيستشنز من جوجل دوكس) ليست مثالية تماماً، إلا أن الذكاء الاصطناعي وخوارزميات التعلم الآلي التي تعتمد عليها بدأت تحسِّن من طريقة كتابة الكثيرين بنجاح، وبهذا أنقذت الملايين من الأخطاء المحرجة التي تعود إلى الإهمال (مثل كتابة there بدلاً من they’re)، وبالطبع تمكنت من التقاط أخطاء أكثر صعوبة من الناحية القواعدية.
وسواء كان الأمر يتعلق بكتابة رسائل البريد الإلكتروني، أو الرسائل النصية، أو أي شيء ذي طابع أكثر رسمية، فإن الجميع يعتمد -بما فيهم المحترفون- على أدوات التحرير هذه لالتقاط الأخطاء قبل أن يتم إرسالها وتصبح علنية. ولتقدير التكنولوجيا التي تعتمد عليها هذه الأدوات، أراد برنارد مار (الكاتب في موقع "فوربس Forbes") أن يعرِّفنا بهذه الخدمات والأساليب الرائعة التي تتحسن بها كتابتنا. لنلقِ نظرة عليها:
جرامارلي: أفضل ما في المجموعة
منذ إطلاق خدمة جرامارلي السحابية في 2009، تنامت بشكل مطَّرد حتى أصبحت تضم 15 مليون مستخدم نشط يومياً، وغالباً ما تعتبر من أفضل خدمات التدقيق القواعدي. ويمكن للمستخدمين تحميل لوحة مفاتيح جرامارلي لاستخدامها على الأجهزة الخلوية، وإضافة امتداد إلى متصفحات كروم وفايرفوكس وسفاري ومايكروسوفت إيدج، واستخدام برنامج جرامارلي للحواسيب الشخصية، أو إضافة ملحق برمجي إلى مايكروسوفت أوفيس بحيث تستطيع الخوارزمية تدقيق القواعد على وورد ووسائل التواصل الاجتماعي وأوتلوك. وقد انتقل جرامرالي من أسلوب العمل الذي يقتصر على الاشتراك إلى نموذج الخدمات المجانية مع خدمات إضافية مدفوعة في 2015، وذلك للوصول إلى المزيد من المستخدمين.
كيف يعمل جرامارلي؟ كما في حالة خوارزميات التعلم الآلي الأخرى، تم تزويد نظام الذكاء الاصطناعي لجرامارلي بكميات كبيرة من بيانات التدريب عالية الجودة لتعليم الخوارزمية بأمثلة عن التطبيق الصحيح للقواعد اللغوية. وباستخدام هذه المجموعة الضخمة من النصوص -التي جمعها الباحثون البشر ونظموها وصنفوها بحيث يستطيع الذكاء الاصطناعي فهمها- يمكن للنظام أن يتعلم الاستخدامات الصحيحة لعلامات الترقيم والقواعد والتهجئة، وأيضاً التطبيقات الخاطئة لها، والفروقات بين الحالتين. وإضافة إلى هذا، يستخدم نظام جرامارلي معالجة اللغة الطبيعية لتحليل كل تفصيل من اللغة من مستوى الأحرف صعوداً إلى الكلمات والمقاطع الكاملة.
ويزداد ذكاء النظام باستخدام التغذية الراجعة التي يتلقاها عندما يتجاهل البشر أحد اقتراحاته، وبهذا يقدم أيضاً معلومات إضافية لأخصائيي اللغة البشريين المشرفين على دخل النظام لتحسينه. وكلما عالج النظام المزيدَ من النصوص، أصبح قادراً على تقديم اقتراحات أفضل، وهو أحد الأسباب التي دعت الشركة في 2010 للانتقال إلى خدمة المستهلكين بشكل مباشر بدلاً من استهداف الشركات؛ وذلك للوصول إلى مجموعة أكبر من البيانات وفرصٍ أكبر.
وفي 2017 قامت الشركات الاستثمارية جنرال كاتاليست وآي في بي وسبارك كابيتال بتقديم 110 مليون دولار إلى شركة جرامارلي الرابحة لمساعدتها على تحسين قدراتها إلى حد أبعد. وعلى الرغم من أن الشركة حقَّقت إنجازات كبيرة في تحسين القواعد، إلا أن الكتابة الصحيحة قواعدياً ليست بالضرورة جذابة أو موجزة، ولهذا -وعلى الرغم من أن الشركة عملت من قبل على تحسين أسلوب الكتابة باستمرار عن طريق إضافة تدقيقات جديدة (مثل تحديد الغموض في الكتابة أو السرقة الأدبية)- يمكن أن نتوقع أن يسمح هذا التمويل الجديد للشركة بأن تستجلب المزيد من العاملين لتحسين الخوارزمية ونتائجها. وقد نجحت الشركة إلى حد كبير في التعامل مع مختلف النواحي الأساسية في الكتابة، من التهجئة والقواعد وصولاً إلى بنية الجمل، إضافة إلى تقديم المساعدة فيما يتعلق بوضوح النص وصلاحيته للقراءة. أما التوجه المقبل فهو تقديم اقتراحات حول سياق النص.
جرامار ساجيستشنز: مدقق القواعد الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في جوجل دوكس
على الرغم من أن جرامارلي قدَّمت مؤخراً امتداداً خاصاً بها للعمل مع جوجل دوكس، إلا أن جوجل ترغب في المشاركة بنفسها في اللعبة بمنتج خاص بها للاقتراحات القواعدية، وتستخدم جوجل الترجمة الآلية -وهي نفس التقنية التي تعتمد عليها للترجمة من لغة إلى أخرى (وقد بدأت تقترب من مستوى الدقة البشرية)- في تشغيل أداة التحرير الخاصة بها، ولكن بدلاً من ترجمة نص من لغة إلى أخرى، تقوم بترجمة النص سيئ الصياغة إلى نص صحيح قواعدياً. وإذا اكتشف النظام أية مشكلة قواعدية، يقوم بتحديدها بشكل مماثل لوظيفة تدقيق التهجئة، بحيث تستطيع مراجعة الأخطاء القواعدية المحتملة قبل ضغط زر الإرسال أو النشر. وحالياً لا توجد الكثير من التفاصيل حول هذه الخدمة الجديدة، كما أن ميزة التدقيق القواعدي متوافرة فقط عبر برنامج للتبني والشراء السابق.
وهناك الكثير من التطورات المثيرة دون شك، ولكننا لا نتوقع أن تحل محل الكاتب البشري في المدى المنظور، ووفقاً لمدونة جرامارلي: "إن هدفنا هو مساعدتك على التعبير عن نفسك بأفضل طريقة ممكنة، سواء أكنت تقدِّم طلب توظيف أو ترسل نكتة إلى أصدقائك". وفي المحصلة، تطمح الشركة إلى أن تصبح "وسيلة مساعدة فعلية للتواصل، بحيث تحسِّن من تفاعل الناس وفهمهم لبعضهم البعض"، ولا شك في أنه طموح شجاع سيلقى التشجيع من أي أستاذ لغة.