حاسوب يعمل بطاقة التركيب الضوئي للطحالب الخضراء

3 دقائق
ابتكار جديد: الطحالب الخضراء لتوليد الطاقة اللازمة لتشغيل أجهزة الكمبيوتر بالتركيب الضوئي
حقوق الصورة: جامعة كامبريدج.

استطاع باحثون من جامعة كامبريدج، بالتعاون مع شركة "آرم" (Arm)، الرائدة في تصميم المعالجات الدقيقة، تشغيل حاسوب بالاعتماد على طاقة التركيب الضوئي المستمدة من واحد من أنواع الطحالب الخضراء المزرقة، واستمر النظام في إنتاج الطاقة 6 أشهر متتالية، حتى تاريخ نشر الدراسة في دورية "علوم الطاقة والبيئة" (Energy & Environmental Science). 

ما هي الطحالب الخضراء المزرقة؟ 

الطحالب الخضراء المزرقّة، التي تسمى أيضاً البكتيريا الزرقاء أو الجراثيم الزرقاء، هي كائنات حية بدائية النوى؛ أي لا تحتوي خلاياها على نواة؛ لكنها تحتوي على أصبغة اليخضور الذي تستخدمه النباتات في عملية التركيب الضوئي. وتعيش أنواعها في البيئات المائية والتربة الرطبة. بعضها سام وبعضها يستخدم كغذاء، بالإضافة إلى استخدامات عديدة، كان آخرها توليد الطاقة اللازمة لتشغيل حاسوب صغير.

اقرأ أيضاً: رجل أعمى يتمكن من إدراك الأشياء بعد إضافة جين مأخوذ من الطحالب إلى عينه

كيف طوّر الباحثون الحاسوب الذي يعمل بالطاقة المستمدة من التركيب الضوئي؟

استخدم الباحثون في جامعة كامبريدج في التجربة نوعاً من الطحالب الخضراء المزرقة المسمى "سينكوسيستيس" (Synechocystis)، وهو من الأنواع غير السامة، وتحصل على الطاقة من التركيب الضوئي. وُضعت هذه الكائنات الحية في حاوية التجربة المصنوعة من الألمنيوم والبلاستيك الشفاف، ولها حجم بطارية AA، بالإضافة إلى معالج دقيق طورته شركة آرم، ويسمى (Arm Cortex M0 +) فائق الكفاءة، وصنعت الشركة أيضاً اللوحة، وأعدّت واجهة سحابة لجمع البيانات. 

وُضع الجهاز على نافذة منزل الدكتور "باولو بومبيلي" من قسم الكيمياء الحيوية بجامعة كامبريدج، المؤلف الأول للدراسة، خلال فترة الحجر الصحي الذي رافق انتشار فيروس كورونا عام 2021، من فبراير/ شباط إلى أغسطس/ آب. ومن هناك حصل على الضوء اللازم للتركيب الضوئي، ومنه تولد تيار كهربائي صغير يتفاعل مع قطب كهربائي من الألومنيوم ويستخدم لتشغيل المعالج الدقيق. 

قال البروفيسور: "لا يعمل جهاز التمثيل الضوئي الخاص بنا بالطريقة التي تعمل بها البطارية لأنها تستخدم الضوء باستمرار كمصدر للطاقة".  

وعن مصدر التيار الكهربائي، لدى البروفيسور "هاو" تفسيرين محتملَين: 

  1.  تنتج الطحالب الخضراء المزرقة نفسها الإلكترونات، ما يخلق تياراً كهربائياً. 
  2.  أو تخلق الطحالب الخضراء المزرقة ظروفاً يتآكل فيها قطب الألومنيوم الموجود في الحاوية في تفاعل كيميائي ينتج إلكترونات. 

يرجح الباحثون التفسير الأول، نظراً لأن التجربة أجريت دون أي تدهور ملحوظ في قطب الألومنيوم، ما دفعهم للاعتقاد بأن الطحالب الخضراء المزرقة تنتج الجزء الأكبر من التيار.

جهاز مستدام ويسهم في انتشار إنترنت الأشياء 

يتكون النظام من مواد يمكن الحصول عليها بسهولة وغير مكلفة وقابلة لإعادة التدوير إلى حد كبير. هذا يعني أنه يمكن إعادة استخدامه بسهولة مئات الآلاف من المرات لتشغيل عدد كبير من الأجهزة الصغيرة كجزء من إنترنت الأشياء، حتى أن المعالج Arm Cortex M0 +، الذي تم تشغيله في التجربة مستخدم على نطاق واسع في أجهزة إنترنت الأشياء. 

تمت هذه التجربة بهدف إيجاد نظام يمكنه توليد الطاقة اللازمة لإنترنت الأشياء، فقد قال البروفيسور "هاو": "يحتاج إنترنت الأشياء المتنامي إلى قدر متزايد من الطاقة، ونعتقد أن هذا يجب أن يأتي من أنظمة يمكنها توليد الطاقة، بدلاً من تخزينها؛ كالبطاريات"، فصناعة البطاريات تحتاج إلى بعض المواد النادرة، ناهيك عن أنها غير مستدامة.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي في رسم ملامح المدن الذكية؟

يٌذكر أن إنترنت الأشياء عبارة عن شبكة واسعة ومتنامية من الأجهزة الإلكترونية، التي يستخدم كلاً منها قدراً ضئيلاً من الطاقة، وتجمع البيانات في الوقت الفعلي وتشاركها عبر الإنترنت. تستخدم المليارات من هذه الأجهزة رقائق حاسوبية منخفضة التكلفة والشبكات اللاسلكية، ومن المتوقع أن يرتفع عددها إلى تريليون جهاز بحلول عام 2035، ما يتطلب عدداً كبيراً من مصادر الطاقة المحمولة، بعيداً عن بطاريات الليثيوم، لأن هذا العدد من الأجهزة يحتاج إلى كمية من الليثيوم أكثر بثلاث مرات مما يتم إنتاجه في جميع أنحاء العالم سنوياً. 

الفوائد التي يرجو الباحثون إضافتها بتطبيق هذا النظام

سيكون هذا النظام البسيط مفيداً للغاية في المناطق التي لا يمكن الوصول للتيار الكهربائي فيها، حيث يمكن أن تكون الكميات الضئيلة من الطاقة مفيدة للغاية لشحن هاتف محمول، فهو يعمل في بيئة منزلية وظروف شبه خارجية في ظل الضوء الطبيعي وتقلبات درجات الحرارة المرتبطة بها. على الرغم من ذلك، لا يوفر النظام الطاقة اللازمة لتشغيل منزل بأكمله، فما زال في حاجة للتطوير ليخدم هذا الأمر.

من إيجابيات هذا النظام أن الطحالب الخضراء المزرقة المستخدمة فيه لا تتطلب تغذية لأنها تصنع الغذاء بنفسها من خلال عملية التركيب الضوئي، ولا تحتاج سوى الماء الذي تعيش فيه، لذلك سيكون منخفض التكلفة.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن لهزاز نيوتن خاص بالفوتونات أن يكشف أسرار عملية التركيب الضوئي

من ناحية أخرى، تقوم هذه الكائنات الحية بالتركيب الضوئي خلال ساعات النهار المضيئة، أما في الليل تتوقف العملية، وقد تعتقد أن إنتاج الطاقة سيتوقف في الظلام. لم يحدث هذا في الواقع، بل استمر الجهاز في إنتاج الطاقة خلال فترات الظلام. يعود السبب في ذلك حسب اعتقاد الباحثين إلى أن الطحالب تعالج بعض طعامها في غياب الضوء، وبالتالي يستمر توليد تيار كهربائي.

جرب الباحثون إنشاء غلاف النظام من الزجاجات البلاستيكية الفارغة، ويعتقدون أنه يمكن تصنيع أجهزة تعتمد هذا النظام بتكلفة زهيدة للغاية، مع إمكانية التطبيق التجاري في غضون 5 سنوات. كما أجروا تجارب على أنواع أخرى من الطحالب، ووجدوا أنها تنتج تيارات كهربائية أعلى.

المحتوى محمي