يتسارع إيقاع العمل وتتزايد ضغوطه الزمنية يومياً، ومع ثورة الذكاء الاصطناعي، وتحديداً مع ظهور تشات جي بي تي، شكل أداة قوية يمكن أن تسهم فعلياً في رفع كفاءة استخدام الوقت، ليس فقط من خلال إنجاز المهمات بسرعة أكبر، بل أيضاً من خلال تغيير نظرتنا إلى كيفية استعمال الوقت نفسه. ونحن هنا لنستعرض عدة طرق عملية لاستخدام تشات جي بي تي في إدارة الوقت وتحسين الإنتاجية، مع أمثلة تطبيقية.
تحويل البحث والقراءة إلى وقت منتج
إحدى الخطوات الكبرى التي تستنزف وقتنا هي البحث في الإنترنت والتصفح وقراءة الوثائق، ثم استخراج ما نحتاج إليه. يمكن لتشات جي بي تي تلخيص مستندات أو مرفقات مثل التقارير ومحاضر الاجتماعات وملفات البي دي إف لتسريع فهم المحتوى.
مثال عملي
لنفترض أن لديك تقريراً من 30 صفحة عن أداء المبيعات في الشركة. بدلاً من قراءته بالكامل، يمكنك رفعه (أو نسخه ولصقه) في مستطيل المطالبات في تشات جي بي تي، وإدخال الأمر التالي: "اقترح لي 5 أهم نقاط يجب أن أعرفها، وما هي التوصيات المقترحة". بهذا تحول ما كان قد يستغرق ساعة إلى دقائق قليلة. حيث:
- يقلل وقت القراءة والتصفح.
- يسهل استخراج ما هو فعلياً مهم.
- يسمح باتخاذ قرارات أسرع أو الانتقال مباشرة إلى التنفيذ بدلاً من الاستغراق في التحليل.
اقرأ أيضاً: 10 أوامر استخدمها مع تشات جي بي تي للتعامل مع مشكلات العمل اليومية
توليد مسودات النصوص (البريد الإلكتروني والتقارير والعروض)
تستهلك كتابة نصوص متكررة أو تقليدية، كالبريد الإلكتروني أو التقارير الدورية، طاقة ووقتاً ثمينين. يستطيع تشات جي بي تي توليد قوالب أو مسودات جاهزة.
مثال عملي
أنت مدير وتود إرسال بريد إلى فريقك. فبدلاً من البدء من الصفر، يمكنك كتابة أمر إلى تشات جي بي تي: "اكتب لي بريداً مهنياً إلى فريق التطوير بأسلوب ودّي، تذكرهم فيه بتسليم الميزانية قبل نهاية الأسبوع، واذكر أهم النقاط التي يجب عليهم ذكرها". ثم عدل ما تريد. والنتيجة بريد احترافي في أقل من دقيقتين. ما يجب مراعاته هنا:
- حدد النبرة (رسمية أو ودية)، والجمهور والغرض بوضوح في طلبك.
- راجع النص النهائي لضمان التخصيص والملاءمة.
العصف الذهني وتوليد الأفكار
عند البدء بمشروع جديد أو تخطيط لحملة أو محتوى، يكون توليد الأفكار خطوة أساسية. لكن كثيراً ما تسلك هذه الخطوة منحنى بطيئاً أو تحتاج إلى اجتماع طويل. يمكن بمساعدة تشات جي بي تي توليد أفكار بسرعة.
مثال عملي
تعمل على إطلاق منتج جديد؟ يمكنك أن تطلب المساعدة من تشات جي بي تي عبر الأمر التالي: "اقترح لي 10 أفكار محتوى تسويقي لإطلاق المنتج، مع فكرة لكل منشور على وسائل التواصل". ستتلقى قائمة جاهزة ثم تختار منها ما يناسبك وتعدلها. هذا يوفر وقت جلسات العصف الذهني. ومن فوائد هذه الطريقة:
- تفتح آفاقاً ربما لم تفكر بها.
- تقلل الفجوة بين مرحلة "ننتظر أن يأتي الإلهام" والبدء الفعلي.
- يمكنك استخدام النتائج كمسودة تطورها لاحقاً.
اقرأ أيضاً: تعرف إلى وكيل تشات جي بي تي الجديد لتنفيذ المهام نيابة عنك
تبسيط المفاهيم المعقدة
في بيئات العمل أو التعليم أو عند التعامل مع موضوعات تقنية، غالباً ما تواجهك مفاهيم معقدة تستغرق وقتاً لفهمها. يمكنك أن تطلب من تشات جي بي تي شرح المفهوم المعقد بالنسبة لك، وتبسيطه إلى المستوى الذي تعتقد أنه يناسبك.
مثال عملي
لنفترض أنك تلقيت ورقة بحثية أو تقريراً فنياً حول تحليل البيانات الضخمة. يمكنك أن تطلب: "اشرح لي تحليل البيانات الضخمة بأسلوب مبسط، ثم أبرز لي ثلاثة تطبيقات عملية له في مجال التسويق". وبهذا تحول ما قد يستغرق ساعة إلى ملخص في بضع دقائق. ومن فوائد هذا الاستخدام:
- يقود إلى فهم أسرع.
- يقلل احتمالية تأجيل التعامل مع الموضوع إلى وقت لاحق.
- يمكنك من اتخاذ قرار أو البدء بالتنفيذ بسرعة أكبر.
أتمتة المهام المتكررة وتكاملها مع أدوات أخرى
بالنسبة لإنتاجية الفريق أو العمل المؤسسي، فإن واحدة من أكبر مكاسب استخدام تشات جي بي تي هي القدرة على الاندماج مع أدوات المهام ومراقبة التدفقات الآلية مثل زابيير (Zapier) أو واجهات برمجة التطبيقات.
مثال عملي
لنفترض أن شركتك تستقبل باستمرار طلبات عبر البريد الإلكتروني لإعداد التقارير الأسبوعية. يمكنك إعداد واجهة تلقائية: عند تصريف الطلب، يرسل البريد إلى ChatGPT API، وهي واجهة برمجة تطبيقات تتيح لك استخدام قدرات تشات جي بي تي داخل تطبيقاتك أو أنظمتك الخاصة دون الحاجة إلى الدخول إلى تشات جي بي تي يدوياً. حيث يولد مسودة التقرير ويرسلها إلى المراجعة، ثم تدمج مع جدول بيانات أو لوحة تحكم. وبالنتيجة وقت أقل لإنجاز التقرير وتقليل الخطأ البشري.
ملاحظتان مهمتان
- تحتاج إلى إعداد أولي (التكامل وبناء السيناريو والاختبار).
- راقب الجودة لأن الأتمتة قد تولد مخرجات تحتاج إلى مراجعة.
اقرأ أيضاً: وضع الدراسة في تشات جي بي تي: هل فوائده تفوق مضاره؟
تحليل المقارنات واتخاذ القرار
عند وجود خيارات متعددة، مثل أدوات أو منتجات، فإن تجميع المعلومات وتحليلها يستغرق وقتاً. يمكن لتشات جي بي تي إعداد جداول مقارنة بين المنتجات أو الخيارات.
مثال عملي
تبحث عن برنامج إدارة المشاريع يناسب شركتك؟ أدخل الأمر التالي إلى تشات جي بي تي: "قارن لي بين هذه البرامج (أدخل اسمها) من حيث السعر والميزات وسهولة الاستخدام، والتكامل مع أدواتنا". سيولد جدولاً منظماً مع توصية. بدلاً من البحث يدوياً في مواقع كل برنامج، تحصل على ملخص شامل في دقائق. وستحقق الفوائد التالية:
- توفر وقت بحث يصل إلى ساعات.
- يساعدك على اتخاذ القرار بسرعة أكبر أو تحديد استفسارات محددة.
- يعزز وضوح الخيارات وفهم النقاط الأساسية.
تحسين المحتوى لمحركات البحث أو للجمهور
إذا كنت تعمل في التسويق الرقمي أو إنتاج المحتوى، فإن الإنتاج ليس مهماً وحده، بل التأكد من أنه يصل إلى الجمهور المطلوب. يمكن لتشات جي بي تي تقديم مراجعة وتحسين المحتوى واقتراح كلمات رئيسية وصف الميتا.
مثال عملي
كتبت مقال مدونة وتريد تحسينه؟ أدخل الأمر التالي إلى تشات جي بي تي: "راجع هذا النص واقترح تغييرات ليصبح أكثر ملاءمة لمحركات البحث، واقترح 5 كلمات رئيسية، واقترح عنواناً بديلاً". يمكنك تنفيذ ذلك بسرعة أكبر مما لو بحثت بنفسك عن المنافسين والكلمات. وتكون النتائج:
- تحسين فرص ظهور المحتوى.
- تقليل الحاجة إلى التكرار اليدوي والتحليلات المعمقة.
- تسريع عملية النشر مع جودة أعلى.
استخدمه مساعداً شخصياً لإدارة الوقت والمهمات
يمكن أيضاً استخدام تشات جي بي تي مساعداً شخصياً لخطة العمل اليومية أو الأسبوعية في مهام مثل إعداد جدول وتقسيم المهام وتذكير بالمهام المهمة وملاحظات المتابعة، كما يمكن تسجيل محاضر الاجتماعات واستخراج النقاط منها، ثم تحويلها إلى خطوات عمل.
مثال عملي
في بداية الأسبوع، أدخل الأمر التالي: "لدي هذه المهام: تصميم التقرير المالي واجتماع مع العميل ومراجعة حملة التسويق وتحديث الموقع. ساعدني على ترتيبها حسب الأولوية زمنياً، واقترح تقسيم مهمة تحديث الموقع. ثم ضع لي تذكيراً في منتصف الأسبوع لمراجعة التقدم". وستحصل على خطة جاهزة. يقلل ذلك وقت التخطيط الذي غالباً ما يهمل أو يؤجل، ويجعل المهام أكثر وضوحاً وموزعة على أيام محددة. كما يساعد على المساءلة الذاتية والمتابعة.
اقرأ أيضاً: 5 ميزات وطرق لتحويل تشات جي بي تي إلى أداة قوية لإنجاز مهامك المعقدة
التعلم السريع واكتساب المعرفة بشكل مختصر
عندما تحتاج إلى تحديث معلوماتك في مجال معين، بدلاً من حضور دورة أو قراءة كتاب كامل، يمكنك استخدام تشات جي بي تي لطلب ملخص احترافي أو أسئلة مراجعة. على سبيل المثال، يمكن استخدام تشات جي بي تي للمعلمين في تخطيط الدروس وإعداد المواد بسرعة.
مثال عملي
أنت مدير تسويق وتريد اطلاعاً سريعاً على اتجاهات تسويق المحتوى في 2025. أدخل الأمر التالي إلى تشات جي بي تي: "ما هي أبرز 5 اتجاهات في تسويق المحتوى لعام 2025؟ ثم اقترح لي كيف يمكن لشركتنا أن تستفيد منها في تحسين مبيعات الفول السوداني". تحصل على تحليل، ويمكنك بعدها تبديل وقت البحوث الطويل بقراءة موجزة.
مراقبة وقياس ما يمكن تحسينه: تحليل الأشخاص والعمليات
هناك مهمة غالباً ما تؤجل، وهي مراقبة الأداء وتحليل العمليات. يمكن أن يساعد استخدام تشات جي بي تي على تحليل نصوص أو بيانات بسرعة، وتقليل الأعباء المعرفية.
مثال عملي
لديك عدد من محادثات الدعم أو البريد الإلكتروني مع العملاء. يمكنك رفع بعض النصوص إلى تشات جي بي تي وطلب: "استخرج أهم شكاوى العملاء، وصنفها بحسب النوع، واقترح ردوداً أو حتى تغييرات في الإجراءات". ستوفر وقتاً كبيراً بدل تحليل يدوي.
اقرأ أيضاً: دراسة من أوبن أيه آي: كيف يستخدم الناس تشات جي بي تي؟
ما يجب أن تراعيه دائماً
استخدام تشات جي بي تي ليس مجرد حل سريع، بل نهجاً لإعادة التفكير في كيف نستغل وقتنا. من خلال تسريع ما كان يستغرق ساعات، وتقليص المهام الروتينية، وتمكيننا من التركيز على ما يتطلب الذكاء البشري والتفكير الإبداعي واتخاذ القرار والتواصل والعلاقات.
لكن مع ذلك توجد بعض التوصيات المهمة:
- راجع ما يولده تشات جي بي تي دائماً، فالذكاء الاصطناعي لا يزال معرضاً للأخطاء أو "الهلوسة".
- ابدأ بتجربة صغيرة: جرب استخدام تشات جي بي تي في مهمة محددة أسبوعياً، ثم وسع الاستخدام تدريجياً.
- استثمر وقتاً في تعلم كيفية صياغة الطلب أو هندسة الأوامر: كلما كان طلبك دقيقاً، كانت النتائج أفضل.
- لا تعتمد كلياً على الأتمتة؛ حافظ على العنصر البشري في المراجعة والإبداع.