تسير شركة "إكس أيه آي" بخطى سريعة نحو تعزيز مكانتها في سوق الذكاء الاصطناعي من خلال إطلاق تطبيق مستقل وموقع إلكتروني لبوت الدردشة غروك (Grok)، في توجه يستهدف منافسة البوتات المهيمنة على الساحة حالياً، مثل "تشات جي بي تي" الذي طوّرته شركة "أوبن أيه آي" و"جيميناي" الذي طوّرته جوجل، كما يعكس هذا التحرك التنافس المتصاعد بين الرئيس التنفيذي لـ "إكس أيه آي" إيلون ماسك، والرئيس التنفيذي لـ "أوبن أيه آي" سام ألتمان، خاصة مع الخلفية المثيرة للنزاع القضائي بينهما، الذي يتركز حول وقف تحويل "أوبن أيه آي" إلى كيان ربحي.
ارتبط "غروك" منذ إطلاقه بمنصة "إكس"، لكن الشركة أعلنت نهاية الشهر الماضي أنها تختبر تطبيقاً مستقلاً للبوت على نظام التشغيل "آي أو إس"، يعمل في أستراليا وعدد قليل من الدول في مرحلة تجريبية، ثم أعلنت الأسبوع الماضي توسيع نطاق التوفر ليشمل دولاً أخرى بما في ذلك الولايات المتحدة وأستراليا والهند. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت "إكس أيه آي" موقعاً إلكترونياً لـ "غروك"، رغم أنه لا يزال قيد التطوير كما يبدو من الصفحة الرئيسة.
في هذا المقال، نعرض مقارنة بين "تشات جي بي تي" و"غروك"، مع تسليط الضوء على أهم الفروق بينهما فيما يتعلق بالقدرات والمميزات وتكاليف الاشتراك.
اقرأ أيضاً: إليك كيفية إيقاف مشاركة بياناتك مع غروك على منصة إكس للحفاظ على خصوصيتك
"غروك": من منصة "إكس" إلى الاستقلالية
بشكلٍ عام، يتمتّع "غروك" بقدراتٍ متقدمة في معالجة اللغة الطبيعية، ما يمكّنه من أداء مجموعة متنوعة من المهام، مثل الإجابة عن الأسئلة والكتابة الإبداعية وتوليد الصور وكتابة التعليمات البرمجية.
البنية والتدريب: يعتمد "غروك" حالياً على نموذج الذكاء الاصطناعي غروك 2 (Grok 2)، الذي طوّرته "إكس أيه آي"، ويُظهر تحسينات ملحوظة وقدرات استدلال محسّنة مقارنة بالنموذج السابق "غروك 1.5"، كما يمكنه الوصول إلى البيانات في الوقت الفعلي مستفيداً من قاعدة البيانات المتجددة التي توفّرها له منصة "إكس".
لم تكشف الشركة بشكلٍ كامل عن التفاصيل التقنية لبنية "غروك"، لكن المرجّح أنه يعتمد بشكلٍ أساسي على بنية تشبه المحولات (Transformers) مع تحسينات مخصصة أجراها فريق "إكس أيه آي". وتوضّح الشركة أن التدريب المسبق للبوت اعتمد بشكلٍ أساسي على مجموعة كبيرة من المعلومات المتاحة للجمهور، بما في ذلك صفحات الويب والبيانات الوصفية والنصوص النصية. وتؤكد "إكس أيه آي" أنها حرصت على تطبيق مرشحات للجودة قبل استخدام بيانات التدريب لإزالة المحتوى غير المرغوب فيه مثل المواد العنيفة.
الاشتراك: تُتيح النسخة المجانية استخداماً محدوداً، يشمل:
- 10 استفسارات كل ساعتين باستخدام النموذج "غروك 2".
- 20 استفساراً باستخدام النموذج الأصغر "غروك-2 ميني".
- 3 طلبات لتحليل الصور يومياً.
- 4 عمليات لتوليد الصور يومياً.
لا تزال النسخة المدفوعة مرتبطة بخطط "إكس" المدفوعة:
- خطة "بريميوم": تكلف 8 دولارات شهرياً.
- خطة "بريميوم بلس": تكلف 16 دولاراً شهرياً.
تقدّم هذه النسخة ميزات إضافية، منها:
- الوصول إلى المعلومات في الوقت الفعلي عبر منصة "إكس".
- إجراء عمليات بحث متقدمة على الويب.
- توليد وتحليل الصور باستخدام تقنيات متقدمة.
- التعامل مع الأسئلة الصعبة والشائكة بفعالية.
- كتابة تعليمات برمجية استجابة لمدخلات المستخدم.
المميزات: أبرز ما يُميّز "غروك" عن "تشات جي بي تي" هو ميله إلى الإجابة عن الأسئلة "بلمسة من الذكاء والفكاهة"، على حد تعبير الشركة. وبالإضافة إلى الوضع العادي للإجابة، توفّر الشركة في بعض الأحيان أوضاعاً أخرى مثل "المرح" و"الجنون" في النسخ التجريبية. يتميز وضع "المرح" على سبيل المثال بطابع متمرد ويلقي النكات، ما يجعله رفيقاً مسلياً، كما أعلنت منصة "إكس" وضعاً جديداً غريباً إلى حد كبير، هو وضع "معتوه" أو "غير متوازن" (unhinged)، الذي تقول إنه يهدف إلى جعل البوت "مسيئاً وعدوانياً" تماماًَ مثل الممثلين الكوميديين الهواة.
إنشاء الصور: يمكن لـ "غروك" إنشاء الصور باستخدام نموذج فلوكس (FLUX) الذي طوّرته شركة بلاك فورست لابز (Black Forest Labs) مع خطط للانتقال إلى نموذج أرورا (Aurora) الذي طوّرته شركة "إكس أيه آي" بنفسها.
المنصات: رغم ارتباطه في البداية بمنصة "إكس"، فإن "غروك" أصبح الآن متاحاً كتطبيقٍ مستقل يعمل بمعزل عن المنصّة (في دول محددة حتى الآن)، ما يوسّع من نطاق استخدامه ويتيح للمستخدمين التعامل معه دون الحاجة إلى حساب على "إكس". وبالإضافة إلى التطبيق وموقع الويب ومنصة "إكس"، يقدّم "غروك" لمطوّري التطبيقات واجهة برمجة التطبيقات (API) تسمح بتضمينه في الأنظمة والمواقع المختلفة.
اقرأ أيضاً: دليلك العملي لاستخدام تشات جي بي تي في كتابة التقارير باحترافية
"تشات جي بي تي": إمكانات مميزة تعزز الهيمنة على بوتات الدردشة
يُعتبر "تشات جي بي تي" من بين أبرز أدوات الذكاء الاصطناعي المتاحة حالياً، حيث يتميز بقدرته الفائقة على فهم اللغة الطبيعية وتوليد ردود دقيقة مقارنة بمعظم منافسيه. بمكن للبوت توليد محتوى مكتوب ومسموع ومرئي، كما أنه قادر على التعلم من سياق المحادثة وتخصيص الإجابات.
الاشتراكات: يوفّر "تشات جي بي تي" للمستخدمين اشتراكاً مجانياً وعدداً من الخطط المدفوعة. يُتيح الاشتراك المجاني الوصول إلى النموذج جي بي تي 3.5 (GPT-3.5)، الذي يمكن استخدامه لأداء المهام البسيطة والإجابة عن الأسئلة العامة، لكنه غير مناسب للاستخدام المكثّف وقد يواجه "اختناقاً" في ساعات الذروة، ما يؤدي إلى بطء الاستجابة.
أمّا بالنسبة للخطط المدفوعة، فتشمل خطة تشات جي بي تي بلس (ChatGPT Plus)، التي توفّر للمستخدمين الوصول إلى النموذج "جي بي تي-4 أو" مع وصول مقيد إلى نموذج الاستدلال "أو 1". يوفّر البوت في هذه الخطة استجابات أسرع وأداء مستقر حتى في أوقات الذروة، إضافة إلى أولوية الوصول إلى التحديثات، ويبلغ الاشتراك الشهري في هذه الخطة نحو 20 دولاراً، كما تقدّم المنصة حلولاً مخصصة للشركات تحت مسمى خطة المؤسسات (Enterprise)، التي تُتيح قدرات مخصصة تناسب احتياجات العمل الجماعي مع ميزات أمان وخصوصية معززة، وتحدد تكلفتها حسب متطلبات كل مؤسسة. وثمة اشتراك آخر مشابه له هو تشات جي بي تي تيم (Team) الذي يستهدف فرق العمل الصغيرة والمتوسطة التي تسعى إلى تعزيز إنتاجيتها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وتختلف تكلفته أيضاً حسب حجم الفريق والاحتياجات المحددة.
وأعلنت الشركة، الشهر الماضي، خطة جديدة هي تشات جي بي تي برو (Pro)، التي تُتيح إمكانية الوصول إلى النموذج "أو 1"، واستخدام وضع (o1 pro mode) الذي تقول الشركة إنه يوفّر استجابات أكثر دقة وعمقاً للمشكلات المعقدة، لكنه يتطلب قدرات حوسبة عالية. وتبلغ تكلفة الاشتراك في هذه الخطة 200 دولار شهرياً، وهي تستهدف بشكلٍ أساسي الباحثين والمهندسين الذين يحتاجون إلى قدرات ذكاء اصطناعي متقدمة في أعمالهم اليومية.
التدريب: دُرِّبت النماذج المتعددة التي يستخدمها "تشات جي بي تي" على كميات هائلة من النصوص المأخوذة من الإنترنت والكتب والمقالات، ما يضمن له فهماً واسعاً للسياقات اللغوية. كما استفاد البوت من تقنية التعليم المعزّز بردود الفعل البشرية (RLHF) لضبط النموذج والحدّ من الأخطاء والمخرجات غير المرغوبة.
المنصات: يتوفر "تشات جي بي تي" عبر موقع ويب مخصص وتطبيق على نظامي "أي أو إس" وأندرويد، إضافة إلى واجهات برمجة تطبيقات (APIs) تمكّن المطوّرين من دمجه في التطبيقات المختلفة.
بشكلٍ عام، من المتوقع أن يتحول "غروك" خلال الفترة القادمة إلى أبرز منافسي "تشات جي بي تي"، في سباق بوتات الذكاء الاصطناعي السريع التغير. وفي حين يملك "تشات جي بي تي" سجلاً حافلاً من النجاح والجماهيرية، يبرز "غروك" خياراً جديداً يتمتّع بمرونة التحديثات الفورية ومدعوماً بمنصة تواصل اجتماعي مهمة تُتيح له خياراً مختلفاً في استهلاك المحتوى وتوليده.