تسريع التحول الرقمي في الشرق الأوسط

3 دقائق
تسريع التحول الرقمي في الشرق الأوسط
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Jackie Niam

أصبح التحول الرقمي أحد أهم المفاهيم في عالم الأعمال في السنوات الأخيرة. ولكن، قد يكون من المفاجئ معرفة عدد الشركات في الشرق الأوسط، خصوصاً الصغيرة والمتوسطة، التي تتجاهل هذه الأهمية. وبالنسبة للكثير منها، فإن مهام سير العمل التقليدية كافية.

أمّا السبب الذي يكمن خلف هذه الظاهرة: فهو التكاليف. يقول الكثير من صانعي القرار في الشركات إن استخدام البرمجيات المجانية لجمع البيانات ومعالجتها، على سبيل المثال، سيكون أقل تأثيراً على الأرباح، لأن هذه البرمجيات مجانية بطبيعة الحال. 

ولكن ما لا يدركه الكثيرون منهم هو أن رفض الاستثمار في التكنولوجيا قد يسفر عن ظهور أوجه من القصور في سير العمل، ويمكن لمكامن الخلل الصغيرة هذه أن تكون مؤذية لهم. وعند تراكمها، يمكن أن تؤدي إلى خسائر حقيقية ومحتملة فادحة. 

اقرأ أيضاً: الحكومات الرقمية: بين تعزيز جهود التنفيذ وضمان استدامة الأثر الإيجابي للتحول الرقمي في الشرق الأوسط

أهمية التحول الرقمي في الشرق الأوسط 

بدأ التحول الرقمي يأخذ شكله في الشرق الأوسط عندما أدركت الشركات أن أساليبها التي كانت ناجحة من قبل لم تعد كذلك. فقد تغير المشهد العام للأعمال بدرجة كبيرة، وتغيرت توقعات العملاء كذلك، كما ظهرت احتياجات جديدة. 

وفي القطاعات الناشئة في المنطقة، مثل العقارات والأدوية والخدمات المالية والتكنولوجيا والسيارات، أصبحت القدرة على فهم العملاء بعمق أكبر وتقديم مستوى أعلى من التوافق مع حاجات العملاء على مدى رحلة الشراء مسألة أساسية في بقاء الشركة، فالمنافسة في هذه القطاعات قوية للغاية، ومن المرجح للشركات التي تعجز عن التكيّف مع الاتجاهات الناشئة أن تتخلف عن غيرها.

وفي الإمارات العربية المتحدة، حيث نسبة الوصول إلى الإنترنت بين العملاء تبلغ 99%، يستطيع العملاء بسهولة اكتشاف الشركة التي تقدّم خدمة أفضل. أمّا الشركات التي ما زالت تعتمد على ممارسات قديمة في العمل فيتم تجاهلها ونسيانها بسرعة. 

وهذا ما يفسّر أهمية خضوع هذه الشركات للتحول الرقمي. إن امتلاك المجموعة المناسبة من الأدوات يُتيح للشركات توفير تجربة عميل سلسلة تساعد على تكوين صورة أفضل للعلامة التجارية الخاصة بشركتك. وبالتالي، يؤدي هذا إلى تحسين ولاء العملاء. فالعملاء المخلصون لا يكررون الشراء عدة مرات وحسب، بل يصبحون مناصرين نشطين للعلامة التجارية.

اقرأ أيضاً: تعرف على تجارب أفضل 10 دول في إدارة الخدمات الحكومية في العصر الرقمي

أهمية الحلول المحلية مقارنة بالحلول الدولية

على الرغم من أن الشركات الدولية تمكنت من اختراق سوق التحول الرقمي في الشرق الأوسط، فإن شركات الحلول الرقمية المحلية ما زالت قادرة على الاستفادة من نقاط قوة محددة لتهيئة فرص متكافئة. فهذه الشركات قادرة على الاستفادة من معرفتها الأكثر عمقاً بالسوق المحلية، إضافة إلى قربها المكاني، وقدرتها على تقديم أسعار أكثر تنافسية مقارنة بمثيلاتها الدولية. 

وهذا يفسّر بدوره أيضاً تفضيل شركات الحلول المحلية على مثيلاتها الدولية في أغلب الأحيان، فهي لا تفهم احتياجات ومتطلبات الشركات المحلية بصورة أفضل فحسب، بل إنها غالباً ما تبذل جهوداً إضافية لمساعدة الشركات الأخرى. فبعض الشركات، مثل سافايت (Saphyte)، تقدم خدمات التنفيذ والاستشارات والدعم مجاناً. 

وعندما تتم إزالة العوائق المتعلقة بالأسعار، يسهل على الشركات الصغيرة والمتوسطة في الشرق الأوسط تقبّل فكرة التحول الرقمي، ويتم اعتماد التكنولوجيات الرقمية بسرعة، ويتم الحصول على فوائدها بسرعة أيضاً.

إن ذهنية وثقافة تفضيل نمو الآخرين على الأرباح شائعة للغاية بين شركات الحلول المحلية في الشرق الأوسط. وبالنسبة للكثير من شركات الحلول الرقمية المحلية، يقاس النجاح بمدى نمو قاعدة عملائها باعتباره نتيجة للتغييرات الرقمية التي طبقتها. وبالتالي، يصبح نجاح العملاء بمثابة وسام شرف وإنجاز يُحسب لهذه الشركات.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تسهم التقنية المالية في إدارة المخاطر في المؤسسات المالية؟

كيف ستؤدي الأتمتة الذكية إلى زيادة الإنتاجية؟

تعتبر الأتمتة الذكية أحد أهم مفاهيم التحول الرقمي. وباستخدام الأتمتة، تستطيع الشركات تسريع عملياتها، مع تخفيض التكاليف والحد من الأخطاء البشرية. ومن المهام العديدة التي يمكن القيام بها باستخدام الأتمتة: جمع بيانات العملاء، وتصنيف العملاء المحتملين ومتابعتهم، والتسويق بالتقطير عبر البريد الإلكتروني. وعادة ما يتطلب أداء هذه المهام ساعات في المؤسسات التقليدية، ولكنها تستغرق عدة ثوانٍ وحسب في المؤسسات التي خضعت للتحول الرقمي. 

تعني الأتمتة أيضاً إمكانية تأدية هذه المهام دون تدخل بشري، أو على الأقل، تخفيض مستوى التدخل البشري إلى أدنى حد ممكن. وهي أشبه بامتلاك قوة عمل إضافية، ولكن هذه القوة العاملة التكنولوجية لا تتعب بسهولة؛ فالمهام اليدوية والمتكررة يمكن أن تكون مملة ومضنية للفرق. وعند التخلص من هذه المهام، تستطيع الفرق أن تركّز على المهام الأكثر أهمية مثل حل المشكلات، ما يعني زيادة إنتاجيتها. 

اقرأ أيضاً: كيف يمكن لعمليات التحول الرقمي أن تساعد في الانتقال إلى عالم أكثر استدامة؟

إن التكنولوجيات التي تجمع ما بين البيانات الكبيرة والأتمتة تُتيح للشركات تخزين كميات هائلة من البيانات الواردة من العملاء ومعالجتها وتحليلها، وعندما يتم توليد المعلومات والنتائج من قِبل هذه التكنولوجيات خلال عدة ثوانٍ، تصبح الشركات أكثر قدرة على اتخاذ قرارات سريعة، ومبنية على البيانات. إن القرارات المبنية على البيانات أكثر استباقية وأقل خطورة، ما يتيح للمؤسسات زيادة سيطرتها على الاتجاه الذي ترغب بالسير فيه.

وعلى الرغم من أن فترة الشكوك والتجربة انتهت الآن، فإنه يجب على الشركات أن تحافظ على يقظتها وحذرها مما يحمله المستقبل. تمثّل البيانات العنصر الأساسي للبقاء على المدى الطويل. وسيساعد التحول الرقمي على بناء الظروف المناسبة للنجاح على المدى الطويل.

المحتوى محمي