تعتبر طاقة الرياح واحدة من أقدم مصادر الطاقة التي استخدمها الإنسان على كوكب الأرض، حيث تم استخدام طواحين الهواء منذ فترة طويلة لطحن الحبوب أو ضخ المياه، ومع التطور الحالي في كيفية صناعة وإنتاج وإقامة مزارع طاقة الرياح، ساهمت التوربينات الحديثة في توليد أكثر من 6% من الكهرباء في جميع أنحاء العالم في عام 2020، بقدرة بلغت 743 غيغاواط، ما ساعد العالم على تجنب انبعاث أكثر من مليار طن من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً، وهو ما يعادل انبعاثات الكربون السنوية لقارة أميركا الجنوبية.
ما مقدار الطلب العالمي على الكهرباء الذي تتم تلبيته بواسطة طاقة الرياح؟
تعتبر طاقة الرياح جزءاً صغيراً من مصادر الطاقة المتجددة، ولكنه سريع النمو، حيث تمثل 5% من إنتاج الكهرباء العالمي، وتتجاوز قدرتها في 743 غيغاواط، وهو أكثر مما هو متاح من الطاقة الشمسية المتصلة بالشبكة حول العالم، ونحو نصف ما يمكن أن توفره الطاقة الكهرومائية.
على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، تعتبر الرياح الآن مصدراً مهماً من مصادر الطاقة المتجددة، بعد أن انخفضت تكلفة طاقة الرياح خلال العقد الماضي ومنافستها من حيث التكلفة مع الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية، حيث لديها ما يكفي من توربينات الرياح لتوليد أكثر من 380 مليون كيلوواط من الكهرباء، أي ما يعادل استهلاك نحو 29 مليون منزل في المتوسط.
اقرأ أيضاً: ما الفرق بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؟
ما أبرز تكنولوجيات طاقة الرياح المستقبلية المحتملة؟
تتم الاستفادة من طاقة الرياح باستخدام توربينات الرياح، والتي تتكون تقليدياً من ثلاث شفرات تدور بفعل قوة الرياح، ثم يقوم مولد التوربين بتحويل تلك الطاقة الميكانيكية إلى كهرباء، والتي يتم إرسالها عبر خطوط النقل إلى شبكة الكهرباء وتوصيلها إلى المنازل والشركات، والآن مع تزايد طلب المستهلكين على الطاقة النظيفة والمتجددة، ونمو استخدام طاقة الرياح، فإن هناك العديد من تكنولوجيات طاقة الرياح المتوقع استخدامها مستقبلاً، بما في ذلك:
-
توربينات الرياح المحمولة جواً
تتكيف تكنولوجيا طاقة الرياح وتنقيتها لتصبح أكثر كفاءة واقتصادية. وأحد الأمثلة على ذلك أجهزة الارتفاعات العالية، والتي تستفيد من الرياح الأكثر قوة والأكثر اتساقاً على ارتفاعات أعلى، حيث تتضمن هذه الفئة من تقنيات تسخير الرياح الناشئة، والتي تسمى أيضاً أنظمة طاقة الرياح المحمولة جواً (AWES) لوضع توربينات الرياح في الطائرات الورقية العملاقة التي تعمل بغاز الهيليوم، وهو ما يلغي الحاجة إلى أساسات وأبراج توربينات الرياح التقليدية، فضلاً عن المواد المرتبطة بها وتكاليف الصيانة، كما أنها توفر المزيد من الخيارات لمواقع توليد طاقة الرياح، سواء البرية أو البحرية.
-
توربينات الأشجار الاصطناعية
مستقبلاً يتم النظر في استخدام الأشجار لتوليد طاقة الرياح، خاصة الأشجار التي يمكنها أن تصمد أمام قوة العواصف وتتحرك استجابةً للنسيم من أي اتجاه. وحتى إذا لم يتم تطبيق هذه الفكرة على الأشجار الطبيعية، فإن المهندسين ينظرون إلى صنع أشجار اصطناعية لحصاد الرياح. وعلى الرغم من أن هذا الابتكار يتطلب موادَّ وأجهزة جديدة يمكنها تحويل الطاقة من الحركات المعقدة للشجر إلى الدوران الثابت الذي تحتاجه المولدات التقليدية، فإن الفائدة هي التمكن من حصاد طاقة الرياح بالقرب من الأرض باستخدام تكنولوجيات أصغر وأقل ضجيجاً، يمكن نشرها في الأماكن ذات التدفقات الجوية المعقدة، مثل المدن.
اقرأ أيضاً: ما الصعوبات التي تواجه استغلال طاقة الرياح في توليد الكهرباء؟
-
تطوير مزارع الرياح البحرية
انضمت بعض شركات النفط إلى صناعة طاقة الرياح لتوليد الطاقة في مواجهة ضغوط المساهمين لتطوير أعمالها في مجال الطاقة المتجددة، حيث وصفت صحيفة وول ستريت جورنال هذا الأمر بسباق التسلح التكنولوجي، حيث يعتبر هذا السباق لبناء مزارع الرياح مربحاً وتنافسياً للغاية لدرجة أن العديد من الشركات لم تكشف حتى عن مقدار استثماراتها، ومن ثم مع دخول شركات النفط والغاز إلى ميدان صناعة طاقة الرياح، يمكن للمشاريع الكبيرة أن تولد المزيد من طاقة الرياح، بالإضافة إلى خفض تكاليف توليد الطاقة وخلق المزيد من فرص العمل.
أسباب تجعل طاقة الرياح هي مستقبل الطاقة الخضراء
باعتبار طاقة الرياح واحدة من مصادر الطاقة المتجددة لأسرع نمواً والأكثر كفاءة في العالم، فإن الكثير من الدول حول العالم أصبحت لا توفر جهوداً للاستفادة من هذا المورد المتجدد لإنتاج الكهرباء بدلاً من الوقود الأحفوري، وذلك للعديد من الأسباب، منها:
طاقة الرياح فعّالة من حيث التكلفة
وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، فإن طاقة الرياح البرية تعتبر أكثر مصادر الطاقة المتجددة فعالية من حيث التكلفة على هذا الكوكب، حيث لا تزال تحتل المراكز الأولى من حيث إنها أقل مصادر الطاقة المتجددة تكلفة، وتُكلف أقل بكثير من بدائل الوقود الأحفوري، ويسهل الوصول إليها كل عام، حيث تُباع الكهرباء من مزارع الرياح بأسعار ثابتة على فترات زمنية أطول، ما يعني أن طاقة الرياح تعوّض حالة عدم اليقين في الأسعار التي تضيفها تكاليف الوقود إلى مصادر الطاقة التقليدية.
اقرأ أيضاً: ما فرص السعودية في الاستفادة من طاقة الرياح لتوليد الكهرباء؟
تكاليف تشغيل مزارع الرياح منخفضة
تتميز توربينات الرياح بتكلفة أولية عالية من حيث التركيب، ولكن بمجرد بنائها، تكون التكاليف التشغيلية منخفضة نسبياً، حيث لا توجد تكلفة وقود مرتبطة، بفعل اعتمادها على الرياح التي تُعتبر مورداً طبيعيّاً يمكن الوصول إليه بسهولة، أضف إلى ذلك تتطلب التوربينات القليل من الصيانة خلال دورة حياتها التشغيلية.
طاقة الرياح لا تستخدم أو تلوث المياه
تتطلب معظم مصادر إنتاج الكهرباء مصدراً للمياه للتشغيل أو لأغراض التبريد، ولكن توليد الطاقة من الرياح لا يتطلب ذلك، وهذا يجعل طاقة الرياح مقاومة للجفاف، وبالنظر إلى ندرة المياه في الكوكب فإن هذا مهم للغاية. علاوة على ذلك، وعلى عكس الوقود الأحفوري ومحطات الطاقة النووية، لا تطلق توربينات الرياح الانبعاثات التي يمكن أن تلوث المياه.
الرياح موجودة في كل مكان
الرياح وفيرة في كل بقعة على كوكب الأرض، ما يعني أنه يمكن إنشاء مزارع الرياح في أي بقعة جغرافية على مستوى العالم، وهذا يعني انخفاضاً في واردات الطاقة والتعريفات، فضلاً عن خلق الثروة والعمالة المحلية، ومن ثم تعتبر هذه المساهمة في التنمية المحلية المستدامة التي توفرها مشاريع طاقة الرياح مصدر طاقة لا يقدر بثمن.
اقرأ أيضاً: كيف يتم تحويل الطاقة الحركية للرياح إلى طاقة كهربائية؟
مزارع طاقة الرياح موفرة للمساحة
مزارع طاقة الرياح كبيرة ويمكن أن تشغل مساحة هائلة، لكن التوربينات الفعلية نفسها لا تستهلك مساحات كبيرة من الأرض نظراً إلى أهمية تباعد التوربينات بمسافة محددة عن بعضها بعضاً، على عكس مزارع الطاقة الشمسية، وهذا يعني أنه يمكن استخدام المساحات لأغراض أخرى، مثل الزراعة أو الرعي.
يمكن التوسع في بناء مزارع الرياح عند الحاجة
نظراً إلى أن مزارع الرياح تتسم بالكفاءة في استخدام المساحة، يمكن للمهندسين تركيبها على الأراضي الزراعية الموجودة في المناطق الريفية، بطريقة تُمكّن المزارعين بعد ذلك من الاستفادة من شراء أو تأجير أراضيهم، وهذا يعني أن هناك الكثير من الفرص للتوسع عندما يتعلق الأمر بمزارع الرياح، وهي نظرة إيجابية لمستقبل صناعة الطاقة المتجددة.
طاقة الرياح تخلق وظائف
يوظف قطاع طاقة الرياح في الوقت الحالي أكثر من مليون شخص في جميع أنحاء العالم، ومن المقرر أن يرتفع هذا العدد خلال السنوات الخمس المقبلة إلى أكثر من 3 ملايين وظيفة، ويعود هذا بشكل أساسي إلى ازدهار هذه الصناعة منذ أن أصبحت توربينات الرياح قابلة للتطبيق تجارياً، ما أدى بشكل مطرد إلى زيادة خلق فرص العمل على مر السنين، حيث إن الوظائف متاحة لكل مرحلة من مراحل عملية إنشاء مزارع طاقة الرياح، من تصنيع وتركيب التوربينات إلى الاستشارات.
اقرأ أيضاً: أبرز 6 سلبيات تعيق التوسع في مشاريع طاقة الرياح
ختاماً، مع توسع صناعة طاقة الرياح من المتوقع أن تغطي أكثر من ثلث احتياجات الطاقة العالمية، لتصبح من أهم مصادر توليد الطاقة النظيفة في العالم مستقبلاً، ويمكنها أيضاً تقديم ما يقرب من ربع التخفيضات السنوية العالمية لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون المطلوبة بحلول عام 2050، ما يعني أن هذا المصدر المتجدد والمستدام يمكنه أن يساهم بشكل كبير في معالجة تغير المناخ، وضمان مستقبل أكثر استدامة لكوكب الأرض.