ترميم الأعصاب التالفة باستخدام الركائز الحيوية المزودة بهوائي لا سلكي

2 دقائق

تعدُّ قدرة الجسم على ترميم الأعصاب التالفة غامضة نوعاً ما؛ حيث يبدو واضحاً لأطباء الأعصاب أن من غير الممكن ترميم الأضرار التي تصيب الجهاز العصبي المركزي (أي الدماغ والحبل الشوكي)، ومع ذلك فإن الأمر يختلف مع أضرار الأعصاب الموجودة في باقي أنحاء الجسم؛ أي الجهاز العصبي المحيطي.

وتشير الكثير من الأدلة إلى أن الجسم يمكنه ترميم بعض الأنواع من أضرار الأعصاب المحيطية، ولكن ذلك يحدث في ظروف معينة فقط وبطرق محدودة في كثير من الأحيان؛ لذلك فإن الطرق الجديدة لإعادة ربط الأعصاب المقطوعة وتحفيز الترميم وإعادة النمو تحظى باهتمام كبير.

ولهذا السبب تعدّ أعمال أشور سليو -وعدد قليل من زملائه في جامعة ويسترن سيدني في أستراليا- مهمة؛ حيث طوَّر هؤلاء الباحثون طريقة جديدة لإعادة ربط العصب المقطوع بواسطة ركائز قابلة للتحلُّل الحيوي، ثم تحفيزها كهربائياً باستخدام حقل مغناطيسي خارج الجسم.

ويقول الباحثون إن طريقتهم تتطلَّب الحدَّ الأدنى من التدخل الجراحي -على عكس الطرق الأخرى لتجديد الأعصاب- كما يمكنها ترميم الأعصاب المقطوعة عند الجرذان.

وقد اكتشف أطباء الأعصاب في السنوات الأخيرة أن التحفيز الكهربائي القصير يمكنه أن يحسِّن بشكل كبير من كيفية ترميم الأعصاب وإعادة نموها.

ولكن هناك تحديات كبيرة في إتمام هذا النوع من العلاج؛ أحدها هو أن الأعصاب المقطوعة غالباً ما يتم خياطتها مع بعضها مرة أخرى، حيث تكون الخيوط الجراحية مصدراً كبيراً للتندُّب والالتهاب.

كما أن هناك مشكلة تطبيق التحفيز الكهربائي؛ ويتم ذلك غالباً باستخدام شريط ناقل للكهرباء حول الجزء الذي تمت إعادة ربطه من العصب، والذي يتصل بسلكٍ يمتد خارج الجسم.

وغالباً ما يسبب ذلك حدوث المشاكل؛ فأي ارتباط جائر هو عرضة للعدوى، كما يمكن لأي شدٍّ صغير على السلك أن يزيح الشريط، كما أنا الشريط الناقل للكهرباء ينزاح غالباً في الممارسة العملية؛ مما يقلل بشكل كبير من فعاليته العلاجية.

يقول سليو وزملاؤه: "من الصعب جداً ترميم الأعصاب المحيطية وتحفيزها كهربائياً باستخدام جهاز لا يتطلب التدخل الجراحي، كما أن الخبرة العلمية والتكنولوجية الحالية لم تنتج بعد نظاماً فعالاً يجمع بين هاتين المهمتين ويؤديهما معاً".

ويسلك هؤلاء الباحثون نهجاً مختلفاً؛ حيث قاموا بتطوير شريط مصنوع من الكيتوزان (وهي مادة قابلة للتحلل الحيوي، ومصنوعة من قشور الجمبري)، ثم يقوم بربطه إلى العصب بشكل مباشر باستخدام ليزر لا يُحدث أضراراً في النسيج العصبي.

ثم يصير شريط الكيتوزان كأنه ركيزة للعصب خلال عملية الشفاء؛ يقول سليو وزملاؤه: "هذه الركيزة مثبتة على الأنسجة بواسطة ليزر وبدون خيوط، وبالتالي يتم الاستفادة من خصائص الالتصاق الضوئي لها".

كما تؤدي ركيزة الكيتوزان دوراً آخر أيضاً، حيث قام سليو وزملاؤه بدمج شريط ذهبي ضمن الركيزة، يبلغ قطره حوالي 1 مليمتر، ويعمل بمنزلة هوائي لا سلكي، فيستطيع التقاط الإشارات الكهرومغناطيسية المتولدة خارج الجسم.

والفكرة هي أن هذه الإشارات تحرِّض على إنتاج تيار ضمن الشريط الذهبي، وهذا من شأنه أن يحفز العصب نفسه.

ولمعرفة كيفية عمل ما يسمى بـ "الطُّعم الهوائي"، استخدم الفريق الجهاز في تحفيز وترميم الأعصاب الوركية عند فئران التجارب الخاضعة للتخدير، كما حفَّزوا الأعصاب المقطوعة باستخدام التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، لمدة ساعة واحدة في الأسبوع على مدى ثلاثة أشهر، وذلك باستخدام نمط من الإشارات التي تثير الأعصاب.

ووجدوا أن الأعصاب الوركية قد تم تجديدها خلال هذه الفترة، وأن الهوائي كان قادراً على تحفيز عمل العضلات خلال هذا الوقت، وبالإضافة إلى ذلك فقد كان الطُّعم الهوائي مستقراً، ولم يتعرَّض للانزياح خلال التجربة.

ويعدُّ هذا العمل مثيراً وبه إمكانات كبيرة؛ حيث اعتمدت القدرة على ترميم الأعصاب على الركائز التي تدعم العصب وعلى التحفيز الكهربائي، ولكن لم يتوصل أحد حتى الآن إلى كيفية إجراء هذين الأمرين في وقتٍ واحد معاً.

ولا بد بالطبع من إجراء المزيد من الأعمال؛ إذ يجب -على سبيل المثال- مقارنة الجهاز في تجارب ذات شواهد بالترميمات الناجمة عن الخيوط لتحديد مدى أفضليته.

وستأتي التجارب على البشر بعد ذلك، وهناك سبب وجيه للتفاؤل الحَذِر؛ إذ يقول الفريق: "إن الطُّعم الهوائي يستقر في الجسم بعد الزرع، ويمكنه تسهيل تجديد المحاور العصبية مع عدم وجود تأثير سلبي كبير".

المحتوى محمي