ما هي أبرز التحولات التي أحدثها دخول الذكاء الاصطناعي لسوق العمل؟

3 دقائق
ما هي أبرز التحولات التي أحدثها دخول الذكاء الاصطناعي لسوق العمل؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Net Vector

يواجه العمال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في العديد من الصناعات، خاصة التقنية منها، مثل صناعة السيارات والتجميع والاتصالات، بالإضافة إلى قطاع النقل والخدمات اللوجستية والخدمات المالية وتعبئة السلع الاستهلاكية وتجارة التجزئة والرعاية الصحية. 

يخشى الكثيرون منهم سيطرة الروبوتات والذكاء الاصطناعي على العديد من فرص العمل في مختلف القطاعات، لكن حتى الآن لا يوجد سبب مقنع لهذه المخاوف، بل نجد إن الذكاء الاصطناعي قد أحدَث تغيرات هائلة في سوق العمل ساعدت البشر كثيراً حتى الآن، لكنه لم يحلّ محلهم.

هل سيسيطر الذكاء الاصطناعي على سوق العمل تاركاً البشر يعانون من البطالة؟ 

عند إلقاء نظرة تاريخية، نجد أنه مع كل ظهور لتكنولوجيا جديدة تُثار مخاوف مماثلة لتلك التي أثارها الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، في بدايات القرن التاسع عشر في بريطانيا، احتجَّت مجموعة من الحرفيين على أتمتة إنتاج بعض المنسوجات، فقد كانوا يخشون في حينها أن تتسبب الآلات في خسارتهم لأعمالهم، لكن لم يكن الأمر كذلك، بل أدت الأتمتة إلى إنتاج قماش بتكلفة وسعرٍ أقل ما أدى بدوره أيضاً إلى زيادة العملاء، وزيادة الطلب على المنتجات.  

عند النظر إلى الصرافات الآلية، نرى مثالاً آخر، فقد ساعدت في تشغيل البنوك بشكل أكبر، أيضاً البرامج الحاسوبية جعلت مهمة البحث عن المستندات أسهل وأسرع ما ساعد في تسريع إنجاز الأعمال.

لماذا طرحنا هذه الأمثلة؟ 

لنقول إنه مع ظهور تكنولوجيات حديثة، يخشى الناس من فقدان وظائفهم لصالح الآلات، لكن مع الوقت ثبُت العكس، وهذا ما يحدث مع انتشار الذكاء الاصطناعي، فهو على الرغم من أنه يحل محل العاملين في بعض الوظائف، فإنه يخلق وظائف جديدة في المقابل، ويساعد الباحثين عن العمل على تجنب البطالة. وقدر تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، أن الذكاء الاصطناعي سيخلق ما مجموعه 97 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2025.

في المقابل، سيحتاج العمال إلى تطوير مهارات جديدة من أجل التحكم في تأثير الذكاء الاصطناعي على القوى العاملة، وعلى أصحاب الأعمال دمج التكنولوجيا ضمن ثقافة الشركة بدلاً من التخلي عن العمال.

يشير ذلك إلى أن البشر سيعملون في انسجام تام مع الذكاء الاصطناعي، وسيكون تأثيره إيجابياً. وهذا ما لُوحظ مع تفشي جائحة كوفيد-19 الذي ساهم في تسريع التحول الرقمي في جميع الأعمال والصناعات تقريباً، فقد اعتمدت الشركات على أنظمة التعلم الآلي لتسليم الإنتاج، واعتمدت أخرى على الذكاء الاصطناعي والأتمتة لتغطية غياب الأيدي العاملة بسبب الحجر الصحي.

اقرأ أيضاً: هل يشكل الذكاء الاصطناعي تهديداً لوجود البشر؟

ما الذي يميز الذكاء الاصطناعي عن التقنيات الأخرى؟

أدى ظهور التكنولوجيات الحديثة في عصر الثورة الصناعية إلى تغيرات كبيرة في سوق العمل في وقتها، وكان أبرزها المحرك البخاري والكهرباء وبعد قرن وأكثر الحواسيب، لكن بالمقارنة، سنجد أن الذكاء الاصطناعي سيكون له التأثير الأكبر، وذلك لعدة أسباب

  • إمكانية تطبيقه في مهن وقطاعات عديدة.
  • يمكن للذكاء الاصطناعي أداء بعض المهام الروتينية وغير الروتينية.
  • يجلب الذكاء الاصطناعي فرصاً جديدة لبيئة العمل، فهو يساعد مثلاً في اتخاذ القرارات الإدارية.

اقرأ أيضاً: هل يمكن لشركة توظيف تستخدم الذكاء الاصطناعي أن تتنبأ بتنقُّلاتك الوظيفية؟

كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي سوق العمل؟

طالت التغييرات التي أحدثها الذكاء الاصطناعي جميع جوانب سوق العمل، ابتداءً من المرشحين والعمال والموظفين، وصولاً إلى أصحاب الأعمال، ما جعل أعمالهم أكثر سلاسة. 

رفع سوية مهارات العمال 

أدى دخول الذكاء الاصطناعي سوق العمل إلى إحداث تغيرات هائلة أبرزها أن العمال باتوا يتمتعون بمجموعة أكبر من المهارات مهما كانت القطاعات التي يعملون بها.

تحسين ظروف العمال

يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين ظروف العمال. على سبيل المثال، يمكن باستخدامه إزالة التحيزات البشرية اللاواعية والواعية في تعيين الموظفين ومكافأتهم. ويمكن مثلاً استخدام تكنولوجيا المسح الذكية لضمان ارتداء العمال لمعدات السلامة.

بوتات الدردشة

إن وجود بوتات الدردشة ساهم كثيراً في مساعدة العمال على تسهيل أعمالهم، فقد أصبح بإمكان بوت الدردشة تولي مهمة الرد على الأسئلة المتكررة للعملاء بسرعة، وتوفير هذا الوقت لإنجاز مهمات أخرى أو للإجابة عن الأسئلة الأكثر تعقيداً.

توفير فرص عمل جديدة

أدى التقدم الكبير في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي إلى خلق فرص عمل جديدة فيما يخص هذه التكنولوجيا لم تكن موجودة من قبل مثل مهندس البيانات ومهندس التعلم الآلي وغيرها.

اختيار المرشح الأفضل

عند الإعلان عن فرص العمل، يقدم المئات سيرهم الذاتية للشركات بهدف الحصول على الوظيفة. يتطلب ذلك وقتاً وجهداً كبيرين من موظفي الموارد البشرية، بينما يمكن عبر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي اختصار هذا الوقت والجهد واختيار المرشح الأفضل للوظيفة بسرعة، وبالتالي زيادة معدل ملء الوظائف الشاغرة، كما بإمكانه التوصية بالمرشحين الذين لديهم احتمالية أكبر للتوظيف بعد المقابلة.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يثبت تفوقه على البشر في اختيار المرشح الأفضل للوظيفة

مساعدة أرباب العمل

يصف بعض أرباب العمل تجربتهم باستخدام الذكاء الاصطناعي بأنها أكبر فائدة لاستثماراتهم، فقد ساعدتهم على تحسين عملية صنع القرار، وابتكار المنتجات، وتوفير التكاليف، وزيادة الإنتاجية.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يرسم مستقبل عملية التوظيف في الشركات

هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل البشر في الأعمال؟

لا شك أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل البشر في بعض الأعمال، لكن لن يكون هذا هو التغيير الأكبر في سوق العمل، بل من المتوقع مستقبلاً أن يتكاتف كلٌّ من البشر والآلات التي تعتمد الذكاء الاصطناعي في إنجاز المهام والأعمال، ما سيخلق نمطاً جديداً من التجارة والصناعة؛ أي أن الروبوتات والآلات لن تكون سوى مجرد أدوات تساعد البشر ولا تنافسهم على أعمالهم.

باختصار، يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل عالم سوق العمل، فيلغي بعض الوظائف، ويضيف الكثير منها، خاصة تلك المتعلقة بالمعلومات والبيانات، محدثاً ثورة كبيرة قادمة في العالم.

المحتوى محمي