كيف يمكن للتكنولوجيا أن تساعد الشركات في تحقيق متطلبات الاستدامة البيئية؟

3 دقائق
كيف يمكن للتكنولوجيا أن تساعد الشركات في تحقيق متطلبات الاستدامة البيئية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Troyan

تعد الاستدامة حالياً واحدة من أكبر القضايا التي يبحث الجميع عن طرق للوصول إليها، فهي لم تعد مجرد رفاهية بل أصبحت أمراً ضرورياً يتطلب من الشركات أن تلتزم بالممارسات المتعلقة بها وتأخذها على محمل الجد، فالآثار السلبية لتغير المناخ أصبحت أكثر وضوحاً، لذا من المهم أن تدرك الشركات أن الممارسات غير المستدامة ستكلفها أكثر على المدى الطويل من حيث السمعة والربحية على حد سواء.

وفي حين أن جميع الصناعات والقطاعات لها مساهمات مختلفة في الانبعاثات الكربونية، إلا أن هناك شيئاً واحداً ينطبق عليها جميعاً؛ وهو أن التكنولوجيا ستلعب دوراً محورياً في تشكيل استراتيجية الاستدامة في السنوات المقبلة لتمتعها بالقدرة على زيادة الكفاءة، مع تقليل هدر المنتجات والموارد.

كيفية تنفيذ استراتيجية تكنولوجيا المعلومات المستدامة

يمكن لاستراتيجيات تكنولوجيا المعلومات المستدامة المحددة بوضوح -بما في ذلك التزام الإدارة ووجود أهداف قابلة للقياس- أن تساعد أي شركة في الوصول إلى الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. ونظراً إلى أن العمل الهجين والعمل عن بُعد أصبح منهجاً تطبقه العديد من الشركات الآن، فإن الاستثمارات الذكية في معدات تكنولوجيا المعلومات الآمنة والقوية لن توفر الوقت والمال على المدى الطويل فحسب، بل يمكنها أيضاً تحسين بيانات اعتماد الاستدامة وإنشاء سمعة أفضل وأكثر قوة للشركات التي تريد أن تكون أكثر اخضراراً.

ومع ذلك يبدو الانخراط في استراتيجية مستدامة لتكنولوجيا المعلومات أمراً بسيطاً عندما يكون هناك المزيد من العاملين يعملون عن بُعد، حيث أن انخفاض عدد العاملين في المكاتب يعني انخفاضاً في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن وسائل النقل، وتدفئة المباني وتبريدها، والتنقل والاستهلاك المرتبط به يومياً، لكن نادراً ما تتعلق الاستدامة بانبعاثات الكربون المباشرة وحدها.

على سبيل المثال، وفقاً لتقرير من منظمة الأمم المتحدة، فقد تم إنتاج نحو 54 مليون طن متري من النفايات الإلكترونية في عام 2019 بزيادة 21% في خمس سنوات فقط، ومن المقرر أن يرتفع هذا الرقم إلى 74 مليون طن متري بحلول عام 2030 أي ما يقرب من ضعف النفايات الإلكترونية في غضون 16 عاماً فقط.

علاوة على ذلك، تم الإبلاغ عن أن 17% من هذه النفايات الإلكترونية فقط تم جمعها وإعادة تدويرها، وهذا يعني أن الذهب والفضة والنحاس والبلاتين وغيرها من المواد عالية القيمة والقابلة للاسترداد بقيمة تصل إلى 57 مليار دولار أمريكي، وهو مبلغ أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لمعظم البلدان، تم إغراقها أو حرقها في الغالب بدلاً من جمعها للمعالجة وإعادة الاستخدام.

اقرأ أيضاً: تعرف على السعودية نوف الجابري وابتكارها لتحويل النفايات البلاستيكية إلى وقود نظيف

 كيف يمكن للتكنولوجيا أن تحل مشكلة الاستدامة التي يبدو أنها تنشئها؟

على قادة الشركات النظر في تأثير عدد الأجهزة وأنواعها لدعم أعمالهم واستدامتها، حيث أن أجهزة الحاسوب المكتبية والمحمولة والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية والطابعات جميعها لها بصمة كربونية خاصة بها. وبعد موجة الاهتمام والحاجة العالمية للأجهزة المحمولة أثناء جائحة كورونا قد يكون من السهل الاعتقاد بأن العمل عن بُعد يضر بالكوكب، لكن هذا ليس هو الحال بالضرورة.

فبينما ينظر بعض الخبراء إلى الاستهلاك الحالي للمعدات الإلكترونية على أنه غير مستدام، أمام الشركات الفرصة للابتعاد عن النموذج الخطي نحو مفهوم الاقتصاد الدائري عند استخدام الأجهزة الإلكترونية وتحسين الأداء البيئي لدورة حياة المنتجات، من أجل إنشاء اقتصاد دائري مستدام في صناعة الأجهزة الإلكترونية للحد من النفايات الإلكترونية واستخدام استراتيجيات مثل إعادة الاستخدام وإعادة التدوير.

اقرأ أيضاً:

إعادة البيع وإعادة التدوير للحد من النفايات الإلكترونية

الطريقة الأفضل التي يمكن لقادة الشركات استخدامها للتخفيف من المخلفات الإلكترونية هي الوصول إلى بائعي الأجهزة الذين يطبقون ممارسات الاستدامة لتقليل البصمة الكربونية لأجهزتهم، والتأكد أن الأجهزة المشتراة تدوم لأطول فترة ممكنة، وأنها تعمل بسلاسة وكفاءة، حيث أن ممارسات مثل مساعدة العملاء على التعامل مع الجهاز في نهاية دورة حياته مهمة للغاية. ومن أهم هذه الممارسات والمبادرات وأكثرها فعالية هي إعادة البيع وإعادة التدوير، والتي تتضمن إما إعادة بيع الأجهزة القديمة التي لا تزال في حالة جيدة، أو مبادرات إعادة التدوير المستدامة التي تتيح للعملاء التخلص من أجهزتهم بطرق صديقة للبيئة.

وتمتد فوائد هذه المبادرات إلى ما هو أبعد من المساهمة في تقليل الانبعاثات الكربونية، إذ يمكن للشركات ذات الميزانيات المنخفضة إعادة شراء المعدات القديمة التي لا تزال في حالة جيدة لتوفير مواردها المالية الأخرى للاستثمارات الجديدة.

وبالنسبة للمعدات الإلكترونية التي وصلت إلى نهاية دورة حياتها، ستضمن مبادرات إعادة التدوير القوية أن أي مشترٍ يمكنه أن يعهد بعملية التخلص إلى البائع، ما يخفف العبء المرافق للتخلص منها بنفسه، وفي الوقت ذاته، يكون مطمئناً إلى أن معداته الإلكترونية التي وصلت لنهاية عمرها الافتراضي تُدار بأكثر الطرق أماناً واستدامة.

اقرأ أيضاً: ما هي بطاريات الجرافين؟ وكيف ستجعل صناعة السيارات الكهربائية والهواتف الذكية أكثر صداقة للبيئة؟

أهمية التعاون من أجل مستقبل أكثر استدامة

نادراً ما يكون مستخدمو الأجهزة الإلكترونية، سواء أكانوا شركات أم مستهلكين، مقيدين ببائع واحد، لذا فإن التخلص من الأجهزة الإلكترونية بطريقة صديقة للبيئة قد يصبح معضلة، ولحلها فإن ضرورة وجود مبادرات رسمية أو شعبية للتخلص من النفايات الإلكترونية مهم للغاية سواء كان من شركات صناعة الأجهزة أو الشركات أو المجتمعات المحلية، حيث تحتوي العديد من الأجهزة الإلكترونية على مواد كيميائية خطرة إذا لم يتم التخلص منها بأمان يمكن أن تشكل خطراً على البيئة.

ومع ذلك، من أجل دفع  المزيد من البائعين لتطبيق سياسات أكثر استدامة على أعمالهم،  ينبغي الضغط عليهم مباشرة من الشركات والعملاء للتحول إلى نموذج أكثر استدامة عندما يتعلق الأمر بصناعة الأجهزة التكنولوجية، وتحسين الممارسات عندما يتعلق الأمر بالتخلص من النفايات الإلكترونية، لتصبح جزءاً جوهرياً في ممارستها لتحقيق هدف دورة الاستدامة التي تتبع الأجهزة الإلكترونية من بدايتها إلى نهاية عمرها الافتراضي.

المحتوى محمي