التعاون: أبسط وصفة للتقدم

3 دقائق
تحدي محمد بن زايد العالمي الكبير للروبوتات البحرية
حقوق الصورة: أسباير.

أحد أكبر الدروس التي علمتنا إياها جائحة كورونا هي أن التعاون يمكنّنا من إنجاز أي مهمة تبدو مستحيلة. وبينما نستعد لتوديع العام الحالي، فإن الكثير منا مقتنع بأن كوفيد لن يستمر في كونه وباءً لفترة أطول، وذلك بفضل التقدم السريع في تطوير اللقاحات.

وهذا ليس إنجازاً صغيراً، ففي ظل الظروف الاعتيادية، قد يستغرق تطوير لقاح مدة تصل إلى 10-15 سنة. إلا أن الوقت كان ترفاً لم يستطع العالم تحمّله في وقت كان الفيروس يودي بحياة الملايين، ولكن الحاجة أمّ الاختراع، وبالفعل ثبتت صحة هذا المثل في الأوقات الحالية عندما اجتمع العلماء من جميع أنحاء العالم معاً لتطوير الحلول الفعالة، واضعين جميع الأولويات الأخرى جانباً. فشهدنا تضافر جهود عدد هائل من الخبراء من جميع أنحاء العالم للعمل على قضية واحدة وفي وقت واحد، إذ سارعوا سوياً لتحديد مئات التسلسلات الجينية للفيروس ومشاركتها مع باحثين آخرين، كما تم إجراء العديد من التجارب السريرية في المستشفيات والمختبرات ومن قبل العلماء المستقلين في كافة أنحاء العالم.

دروس تعلمناها من الجائحة

وأدّت الحكومات دوراً رئيسياً أيضاً، إذ اتخذت دول مجموعة السبع خطوة حاسمة هذا العام لترسيخ التعاون في تجارب اللقاحات حول العالم، وذلك بإعلانها عن ميثاق التجارب السريرية للعلاجات واللقاحات، الذي سيساهم في تسريع عملية مشاركة نتائج التجارب السريرية للّقاحات للتعامل بشكل أفضل مع المخاطر الشبيهة بجائحة كوفيد-19 والتهديدات المستقبلية على الصحة العالمية.

وهذه ليست الحالة الوحيدة التي نجح فيها التعاون بتحقيق الإنجازات الضخمة، إذ أطلقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في عام 2019 مشروع "أوربيس" بالشراكة مع أستراليا والبرازيل وكندا وسنغافورة وسويسرا والمملكة المتحدة، الذي يهدف إلى توفير علاج واعد وسريع لمرضى السرطان حول العالم. وقد نتج عنه ارتفاع الكفاءة بفضل تزامن التقديم، ومشاركة البيانات ومراجعتها، وتوحيد التجارب السريرية المهمة.

وفي فترة يونيو 2019 إلى يونيو 2020، وافقت السلطات التنظيمية من الدول المشاركة على 38 دواءً للسرطان. كما ساعد التعاون في طرح عقار "Sotorasib" الجديد لعلاج سرطان الرئة في الأسواق في وقت قياسي. وسيعلم أي شخص فقد أحد أفراد أسرته بسبب السرطان أو كوفيد-19 قيمة ذلك.

توضح هذه الأمثلة ما يمكننا تحقيقه من خلال العمل معاً. إذ أن تضافر الجهود يسهل العمل كثيراً. وفي أفضل الحالات، كان بإمكان العلماء منع الجائحة من التصاعد إلى الأزمة العالمية التي أصبحت عليها لو أنهم استبقوا تفشي المرض وتصرفوا مسبقاً وبانسجام.

وتظهر الابتكارات بشكل متزايد من خلال الجهود التعاونية في مجالات العلوم الأخرى. فقد أحدثت التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين موجة جديدة من الاكتشافات التي من المقرر أن تغير بشكل جذري الطريقة التي نؤدي بها أعمالنا أو نطبق فيها الحوكمة. تبشر هذه التقنيات بابتكارات ريادية غير مسبوقة، ويمكننا الاستفادة منها بطريقة مثلى من خلال العمل معاً.

تحدي محمد بن زايد العالمي الكبير للروبوتات البحرية

هذا التصور دفع دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إطلاق مهمة الابتكار الزراعي للمناخ، إذ تعمل أكثر من 40 دولة وشريكاً عالمياً على تعزيز الابتكار الزراعي العالمي للتخفيف من آثار تغير المناخ. إنها نفس الفكرة التي تشكل القوة الدافعة وراء توحيد العالم بأسره في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021 في غلاسكو هذا الشهر لمواجهة آثار تغير المناخ. فقط من خلال العمل معاً، يمكننا أن نتغلب بشكل جماعي على التحديات التي لا تميّز الحدود.

وفي ظلّ البيئة والثقافة الإماراتية التي تقوم على التعاون والشمولية، أدركت أسباير قوة وفعالية توحيد الجهود في التعامل مع التحديات التي تبدو عصية على الحل. علماً أن أسباير هي ذراع إدارة برامج التكنولوجيا في مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي، والجهة المصمّمة لتحدي محمد بن زايد العالمي الكبير للروبوتات البحرية.

وفي الوقت الذي تستعد فيه لإجراء المسابقة في عاصمة دولة الإمارات في عام 2023، دعت أسباير الجامعات والمؤسسات البحثية والشركات وحتى الأفراد من جميع أنحاء العالم للتعاون معاً لتطوير نظام متكامل من شأنه تسهيل الحلول لمعالجة التحديات البحرية مثل التهريب والقرصنة والصيد غير المشروع.

تحدي محمد بن زايد العالمي الكبير للروبوتات البحرية
حقوق الصورة: أسباير.

وستركز المسابقة على المجالات غير المستكشفة نسبياً في مجال الروبوتات المستقلة. وينطوي التحدي نفسه على تعاون متنوع بين الطائرات والسفن غير المأهولة، مما يتطلب منها أداء مهام ملاحة ومناورة معقدة في بيئة خارجية مقطوع عنها نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية. ربما يسهم الحل الناتج عن المسابقة في إحداث ثورة في الصناعة البحرية، والتي تعتبر ركيزة الاقتصاد العالمي.

إن نجاح هذا التحدي سيشهد مرة أخرى على حقيقة أننا أصبحنا ندرك بشكل متزايد كيفية حماية أنفسنا في المستقبل والمضي قدماً بخطوات واثقة.

المحتوى محمي